آخر الأخبار

السيطرة الأجنبية على الجزر اليمنية كجزء من مخطط خطير يتهدد أمن البحر الأحمر والدول المطلة 

شارك

وفي أحدث مؤشر على استشعار الدول المطلة على البحر الأحمر لخطورة الوضع الناجم عن إقامة قواعد عسكرية أجنبية على عدد من الجزر اليمنية في البحر الأحمر وخليج عدن، أطلق الرئيس الإريتري أسياس أفورقي تحذيراً غير مسبوق، كشف فيه عن "مخططات خطيرة" تستهدف الجزر اليمنية الحيوية في البحر الأحمر، مؤكداً أن قوى أجنبية تسعى لفرض قواعد عسكرية دائمة في مواقع استراتيجية مثل سقطرى، ميون، وزقر.

وتعكس هذه التصريحات، التي نُشرت عبر الإعلام الإريتري الرسمي، مدى انزعاج أريتريا من الوضع القائم في البحر الأحمر وما يشهده من سباق وتنافس جيوسياسي وعسكري، يهدد بتحويل الممرات الملاحية في المنطقة إلى ساحة صراع، تنعكس آثاره المباشرة على أمن وسيادة ومصالح الدول المطلة على البحر الأحمر.

ووصف أفورقي في مقابلته الأخيرة، التي نُشرت عبر موقع Shabait.com التابع لوزارة الإعلام الإريترية، هذه التحركات بأنها "تهديد مباشر للدول المطلة على البحر الأحمر"، مشدداً على أن هذه المياه "ليست مجالًا مفتوحًا للقوى الأجنبية"، بل يجب أن يقتصر تأمينها وحمايتها على الدول الساحلية نفسها، وفي مقدمتها اليمن.

وتكتسب الجزر اليمنية أهميتها الاستراتيجية القصوى من موقعها المتحكم بأهم ممر ملاحي في العالم، حيث تقع جزيرة ميون (بريم) في قلب مضيق باب المندب، وتعد مفتاح السيطرة على حركة التجارة العالمية القادمة من آسيا والمتجهة إلى قناة السويس. وقد أشارت تقارير دولية متعددة في السنوات الأخيرة إلى وجود أنشطة مكثفة لإنشاء مدرج طيران وتجهيزات عسكرية على الجزيرة، تديرها قوى إقليمية حليفة، وهو ما يؤكد المخاوف الإريترية من عسكرة المنطقة.

وفي جزيرة سقطرى التي تقع عند التقاء بحر العرب والمحيط الهندي، وتمثل عمقاً استراتيجياً مثالياً لأي قوة تسعى للنفوذ الدائم، بعيداً عن البر الرئيسي اليمني المتنازع عليه، يؤكد المحللون أن حالة الضعف والنزاع في اليمن منذ عام 2015 هي التي فتحت الباب أمام هذه القوى للسعي نحو "إيجاد موطئ قدم عسكري"، مستغلة هشاشة السيادة اليمنية.

وكانت صور للأقمار الاصطناعية وتقارير لوكالات أنباء دولية (مثل وكالة أسوشيتد برس)، قد كشفت في أكتوبر الماضي عن استحداث بنى عسكرية في جزيرة زقر اليمنية تمثلت في مدرج طيران قد يصل طوله إلى حوالي 2.1 كيلومتر في الجزء الجنوبي الشرقي من الجزيرة يُعتقد أنه يهدف لاستقبال طائرات شحن ونقل عسكرية كبيرة وربما طائرات مقاتلة أو استطلاعية، ورصيف بحري جديد، يقدر طوله بحوالي 185 متراً، يعتقد أنه مخصص لدعم الإمدادات اللوجستية والعسكرية للقاعدة في الجزيرة، بالإضافة إلى مواقع مخصصة لـمهابط الطائرات المروحية (هليكوبتر) لدعم العمليات السريعة ونقل الأفراد والمعدات.

وتكتسب جزيرة زقر أهميتها الاستراتيجية في القرب من باب المندب، حيث تمثل عمقا دفاعيا لباب المندب، فعلى الرغم من أن جزيرة ميون هي المتحكم المباشر في باب المندب، فإن زقر تعمل كـنقطة إنذار مبكر وعمق دفاعي/هجومي لمن يسيطر عليها، بما يعني أن السيطرة على زقر تكمل السيطرة على الجزر اليمنية الواقعة شمال باب المندب، بالإضافة إلى أن موقعها يتيح لها مراقبة حركة السفن التجارية والعسكرية الداخلة والخارجة من الممرات الضيقة شمالي المضيق، وتوفر موطئ قدم للأنشطة الاستخباراتية أو العمليات العسكرية البحرية والجوية في الجزء الجنوبي من البحر الأحمر.

ولا يمكن قراءة التحذير الإريتري بمعزل عن سياق التنافس الإقليمي والدولي الأوسع. فجيران اليمن في القرن الإفريقي، مثل جيبوتي وإريتريا، باتوا بالفعل موطناً لقواعد عسكرية دولية كبرى (الولايات المتحدة، الصين، فرنسا)، ما جعل البحر الأحمر بالكامل خاضعاً لسباق تسلح محموم، لكن أفورقي يشدد على أن الأمن الحقيقي لا يمكن أن يتحقق عبر القواعد الأجنبية، بل عبر التعاون الإقليمي، حيث قال: "لا قوة يمكن أن تحلّ محل الدول المشاطئة في حماية البحر الأحمر وممراته الحيوية."

هذه التصريحات تمثل دعوة صريحة للدول الساحلية، ومنها مصر واليمن وإريتريا، لتأسيس "آلية مشتركة" تمنع التدخلات وتستعيد قرار حماية الممر دون الحاجة لوجود عسكري خارجي، محذراً من أن استمرار الفوضى يفتح الباب للهيمنة الدولية.

ومنذ وقت مبكر خلال السنوات الماضية أعلنت حكومة صنعاء رفضها لكل أشكال التواجد العسكري الأجنبي في البحر الأحمر وسيطرة قوى خارجية على الجزر اليمنية وصنفت ذلك كـاحتلال وانتهاك للسيادة الوطنية، وتهديد مباشر للأمن القومي لليمن وللمنطقة كلل، مؤكدة أن السيطرة على الجزر والموانئ اليمنية الحيوية، والوجود العسكري للقوى الأجنبية في المنطقة، هو أحد الأهداف الرئيسية لـ "العدوان" على اليمن.

وترى صنعاء أن الوجود العسكري الأجنبي، سواء كان مباشراً (مثل القوات الأمريكية في سقطرى) أو عبر وكلاء إقليميين (مثل النفوذ الإماراتي في سقطرى وميون)، هو جزء من مخطط أمريكي- بريطاني- صهيوني لفرض الهيمنة على الموقع الجيوسياسي الحيوي لليمن وثرواته، مؤكدة عزمها على إنهاء العدوان والاحتلال، وتأمين الجزر والمياه الإقليمية اليمنية، من خلال تطوير قدراتها العسكرية البحرية، بما في ذلك صواريخ مضادة للسفن، لفرض قواعد اشتباك جديدة في البحر الأحمر والردع ضد أي تهديد يطال سيادة اليمن.



حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا