هذه العملية ليست مجرد حادثة عابرة، بل هي مؤشر بالغ الوضوح على تصاعد حدة الصراعات الداخلية وتآكل الثقة بين أجنحة التحالف، ما يهدد بانهيار أكبر للتنسيق والأمن في مناطق سيطرتهم.
ـ طبيعة الحادثة ودلالاتها الأمنية:
محاولة الاغتيال التي استهدفت المخلافي، والتي وُصفت بأنها "كمين محكم جرى التخطيط له مسبقاً"، تكشف عن وجود اختراق أمني عميق داخل المنظومة العسكرية للمنطقة. تنفيذ عملية بهذه الدقة ضد قائد عسكري بارز في وضح النهار يشير إلى أن الجهة المنفذة تمتلك:
معلومات استخباراتية دقيقة: عن تحركات القائد وجدول أعماله، ما يدل على أن التخطيط قد تم من داخل الدوائر المحيطة أو العسكرية القريبة.
قدرة عملياتية عالية: على التخفي وتنفيذ الكمين والانسحاب في منطقة تُفترض أنها خاضعة لسيطرة فصائل موالية للسعودية.
هدف سياسي/عسكري واضح: العملية لم تكن لغرض السرقة أو الانتقام الفردي، بل استهدفت رمزاً عسكرياً، ما يرسخ فرضية التصفيات الممنهجة.
هذا النمط من العمليات يعكس تدهورا حادا في الاستقرار الأمني، حيث تحولت مناطق السيطرة إلى ساحة "تصفية حسابات" بدلاً من أن تكون جبهة موحدة ضد الخصم المشترك.
ـ الأجنحة المتناحرة:
تحليل الحادثة في سياقها الأوسع يركز على الصراع داخل "معسكر التحالف" نفسه. يرى مراقبون أن محاولة اغتيال المخلافي هي تعبير عن حجم الصراع على النفوذ والثروة الذي يتصاعد بين الأجنحة العسكرية والسياسية المتناحرة، وأبرزها:
فصائل حزب التجمع اليمني للإصلاح (الموالية للسعودية): والتي تُعدّ القوة المهيمنة في مأرب بشكل تقليدي.
التشكيلات المدعومة إماراتياً: والتي تسعى لتوسيع نفوذها وتقويض سيطرة فصائل الإصلاح في محافظات النفط والغاز كشبوة وحضرموت، وربما مأرب نفسها.
هذه التصفيات، بما فيها محاولة اغتيال المخلافي، تندرج ضمن "سلسلة" تستهدف قيادات عسكرية وقبلية "مناوئة لسياسات فصائل أخرى موالية للتحالف". وهذا يشير إلى أن اللعبة أصبحت صفرية؛ إما أن تتبع القيادة الجديدة للولاءات، أو تُقصى عبر التصفية الجسدية. الهدف النهائي، بحسب مصادر، هو "إعادة رسم خارطة الولاءات العسكرية" لضمان هيمنة مصالح طرف على حساب آخر، استعداداً لأي تسويات أو تغييرات قادمة في المشهد السياسي والعسكري العام.
تداعيات الصراع الداخلي على المشهد العام:
هذه التصفيات تشير إلى فشل الرياض وأبو ظبي في تنسيق أو حتى السيطرة على الفصائل التي تمولانها وتدعمانها. وهذا يُقوض من استراتيجيتهما في المنطقة ويُعرّض مصالحهما للخطر.
خاتمة:
محاولة اغتيال قائد اللواء 22 مشاة عبده عبدالله المخلافي هي بمثابة "جرس إنذار" يُعلن أن الصراع داخل معسكر التحالف قد تجاوز مرحلة الخلافات السياسية واللوجستية، ودخل في مرحلة التصفيات الجسدية الممنهجة. ما يحدث في مأرب وشبوة وحضرموت يكشف عن حرب خفية على النفوذ والثروة، تُستخدم فيها الاغتيالات كأداة لفرض الولاءات وتثبيت السيطرة.
- نقلا عن عرب جورنال
المصدر:
البوابة الإخبارية اليمنية