من أخطر ما تم كشفه، وفق الحوثي، أن بعض المنتسبين للمنظمات الدولية مارسوا أعمالاً تجسسية حساسة وخطيرة، وصلت إلى حد التورط في جريمة استهداف اجتماع حكومة صنعاء، الذي أدى إلى استشهاد رئيس الحكومة وعدد من الوزراء، وهذا يؤكد أن هناك خرقاً واسعاً للأمن القومي يتم خلف واجهات العمل الإنساني.
اللافت أن هذه الخلايا لم تكن تعمل بشكل فردي أو عبثي، بل كانت مدعومة ومدربة من قبل أجهزة استخبارات أمريكية وإسرائيلية، ومزودة بتقنيات متطورة للرصد والاختراق، تعكس طبيعة المعركة الخفية التي تُخاض ضد الشعب اليمني من داخل المؤسسات التي يُفترض أن تكون محايدة وإنسانية.
مع تعثر المشاريع العسكرية والفشل الذريع للعدوان في تحقيق أهدافه على الأرض، سواء في اليمن أو في دول محور المقاومة، يبدو أن الأعداء اتجهوا إلى جبهات بديلة، أقل تكلفة وأكثر اختراقاً، عبر تجنيد عملاء في كيانات تبدو غير مشبوهة. هذه الطريقة ليست جديدة، فقد استخدمتها واشنطن وتل أبيب سابقاً في دول عدة، لكنها اليوم تُمارس في اليمن بشكل مكشوف وموثق بالأدلة، بحسب ما صرح به الحوثي.
الإجراءات التي اتخذتها الأجهزة الأمنية في صنعاء تجاه هذه الخلايا ليست إلا ممارسةً لحق سيادي وقانوني، تكفله جميع القوانين الدولية، بما فيها تلك التي أقرتها الأمم المتحدة نفسها. فلا يوجد أي نص قانوني يمنح موظفي المنظمات الدولية الحصانة لممارسة أنشطة تجسسية أو عدوانية داخل أي دولة. من هذا المنطلق، فإن إلقاء اللوم على صنعاء ومحاولة تشويه صورتها في الإعلام الغربي ليست سوى محاولة بائسة لتبرئة المتورطين وتوفير غطاء لاستمرار عمليات التجسس، حسب الحوثي.
رغم فداحة جريمة استهداف اجتماع الحكومة، والتي تعد واحدة من أخطر الضربات الأمنية، فإن القوات الأمنية في صنعاء أثبتت أنها أكثر يقظة وإدراكاً لطبيعة المعركة المعقدة. فالمعركة اليوم ليست فقط على الجبهات العسكرية، بل في كل زاوية من زوايا المجتمع، وكل مؤسسة إنسانية أو دبلوماسية يمكن أن تكون هدفاً للاختراق.
الأمن في صنعاء، وكما يظهر من تعامله الحاسم مع هذه الخلايا، لا يتحرك بردود فعل آنية، بل ضمن استراتيجية طويلة المدى، تستند إلى العمل الوقائي والاستخباري، بما يحمي اليمن من اختراقات العدو مهما اختبأت وراء العناوين البراقة.
ما أراد الحوثي إيصاله لا يتوقف عند الكشف عن المؤامرة، بل يتعداه إلى دعوة الشعب لليقظة وعدم التأثر بالحملات الإعلامية التضليلية التي تسعى لتشويه الحقيقة وشيطنة الأجهزة الوطنية. هذه الحملات تهدف لتشويش الرؤية وخلق حالة من التعاطف الزائف مع الجواسيس الذين يرتكبون جرائمهم تحت عباءة الإنسانية.
إن ما يحدث في اليمن هو نموذج متقدم لمعركة الدفاع عن السيادة، حيث يواجه اليمني اليوم عدواً يتلون ويغير أدواته باستمرار، لكنه رغم ذلك، يثبت أنه شعب عصي على الكسر، وجيشه وأمنه في موقع المبادرة لا الدفاع فقط، يمسك زمام الأمور بثقة، مهما بلغت التحديات.