آخر الأخبار

إيلات بين النار والسياحة: الهجمات اليمنية تغيّر وجه المدينة

شارك

هذه المدينة، التي لطالما شكلت مركزا سياحياً حيوياً على ساحل البحر الأحمر، أصبحت اليوم على حافة أزمة متعددة الأبعاد، سياسية واقتصادية وأمنية، بفعل الهجمات المتكررة التي تشنها القوات المسلحة اليمنية دعماً وإسناداً للشعب الفلسطيني في قطاع غزة.

في آخر هذه الهجمات، استهدفت طائرة مسيرة يمنية فندقاً في قلب المدينة، ما أدى إلى انفجار واندلاع النيران في أحد جوانب الفندق. وقد أدى هذا الحدث إلى إلغاء عرض “السليحوت” المقرر إقامته على شاطئ ديكل، بعد تقييم أمني دقيق قامت به السلطات المحلية وقادة الشرطة وأجهزة الطوارئ والإسعاف.

وأكدت الصحيفة العبرية أن القرار جاء لضمان سلامة المستوطنين، في وقت يواصل فيه الاحتلال الإسرائيلي مواجهة تحديات أمنية غير مسبوقة في حماية هذه المدينة السياحية.

بحسب معاريف، تعرضت إيلات خلال الأشهر التسعة الماضية لأكثر من 280 هجوماً باستخدام الصواريخ والطائرات المسيرة، انطلقت من أربع جبهات رئيسية: اليمن، ثم إيران، ثم العراق، ثم سوريا.

هذه الأرقام، وفق الصحيفة، تعكس حجم الضغط المستمر على منظومة الدفاع الإسرائيلية، التي لجأت إلى تشغيل منظومات متعددة تشمل القبة الحديدية البحرية وطائرات الاستطلاع ومنظومات اعتراض إضافية، في محاولة للحفاظ على أمان المدنيين والمرافق الحيوية.

ويشير مراقبون إلى أن الهجمات اليمنية تشكل عنصراً محورياً في تغيير طبيعة الحياة في إيلات، حيث بدأت المدينة تفقد مكانتها السياحية التقليدية. رئيس بلدية إيلات تحدث عن مخاوف جدية بشأن الانهيار الاقتصادي الذي يهدد المدينة، بسبب اعتمادها الكبير على السياحة.

فالهجمات المستمرة عطلت الحركة الطبيعية للسياح الإسرائيليين، ما أدى إلى تراجع الحجوزات في الفنادق والمطاعم، وإلغاء العديد من الفعاليات الثقافية والترفيهية، وهو ما يضع المدينة في مأزق اقتصادي غير مسبوق.

تسليط الضوء على إيلات في وسائل الإعلام الإسرائيلية جاء في وقت تتزايد فيه التحليلات حول أهمية الهجمات اليمنية كوسيلة ضغط استراتيجية على الاحتلال الإسرائيلي، لإجباره على وقف عدوانه على غزة ورفع الحصار عنها.

من منظور عسكري، توضح هذه الأحداث قدرة القوات اليمنية على توجيه ضربات دقيقة ضمن معادلة الضغط على المدن الحساسة، وهو ما يمثل رسالة مباشرة للجهات الإسرائيلية الرسمية بشأن هشاشة الوضع الأمني في مناطق يُفترض أنها تحت حماية مشددة.

وعلى الصعيد الأمني، تشير التقارير الإسرائيلية إلى أن إدارة الدفاع في إيلات تواجه تحدياً مزدوجاً: من جهة حماية المدنيين والمرافق الحيوية، ومن جهة أخرى محاولة إعادة الثقة إلى السكان والسياح الذين بدأوا يتجنبون زيارة المدينة.

كما أن ارتفاع عدد الهجمات ووتيرتها المتكررة يشكل عبئاً كبيراً على الجيش الإسرائيلي، الذي يُظهر قدراته الدفاعية، لكنه في الوقت ذاته يواجه صعوبة في منع اختراقات الطائرات المسيرة والصواريخ من الوصول إلى أهدافها، بحسب ما ذكرت الصحيفة.

الهجمات اليمنية المستمرة على إيلات تحمل أيضاً أبعاداً رمزية وسياسية. فالضربات على قلب المدينة السياحي تمثل تحدياً مباشراً للادعاءات الإسرائيلية بأن مناطقها الجنوبية آمنة ومستقرة، وهو ما يخلق حالة من الرعب والقلق بين المستوطنين.

ويعكس هذا أيضاً تحوّل مفهوم الحرب في المنطقة من مواجهة تقليدية إلى صراع متعدد الجبهات يشمل عناصر غير نظامية مثل الطائرات المسيرة والصواريخ الدقيقة.

في تحليل المتغيرات الاقتصادية والاجتماعية، يشير الخبراء إلى أن استمرار الهجمات سيؤدي إلى مزيد من تراجع النشاط التجاري والسياحي، وربما دفع المستثمرين إلى الابتعاد عن المدينة، مما يزيد من تعقيد الأزمة الاقتصادية.

ومن ناحية أخرى، توفر هذه الهجمات للقوى اليمنية منصة لرفع مستوى الضغط على الاحتلال الإسرائيلي، وتعزيز موقفها السياسي والدبلوماسي في السياق الإقليمي والدولي.

ختاماً، يبدو أن إيلات تواجه مرحلة حرجة من حياتها، حيث تتحول من وجهة سياحية مزدهرة إلى مدينة تحت الضغط المستمر من الهجمات اليمنية، في ظل تحديات أمنية واقتصادية غير مسبوقة.

ومع استمرار هذا الواقع، يبقى السؤال مفتوحاً حول مدى قدرة الاحتلال الإسرائيلي على حماية المدنيين وإعادة استقرار المدينة، في ظل تصاعد الهجمات التي أصبحت اليوم عامل تغيير أساسي في معادلة الحياة اليومية في إيلات.


* نقلا عن عرب جورنال


حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا