آخر الأخبار

صمت بصيغة "بيان" .. قمة الدوحة تكرّس التخاذل العربي الإسلامي أمام الصلف الإسرائيلي

شارك

ورغم الترقب الواسع والرهان الشعبي من قبل من لا يزالون يجهلون حقيقة الأنظمة في المنطقة، على موقف حاسم من القمة العربية الإسلامية الطارئة التي انعقدت في الدوحة الإثنين، جاءت مخرجات القمة أشبه ما تكون بـ "إعلان نوايا"، لا يرقى إلى مستوى الرد على العدوان الإسرائيلي الذي طال أراضي دولة قطر، ولا على المجازر المتواصلة في قطاع غزة، ناهيك عن اعتداءات الكيان المتكررة سواء في لبنان أو اليمن أو سوريا أو غيرها من الدول العربية. كما أن العدوان على اليمن غاب تماما عن مداولات النقاش كما عن البيان، في تجاهل مريع لدماء مئات الشهداء والجرحى جراء العدوان الإسرائيلي الأخير على صنعاء والجوف، بينهم 32 صحفيا، في أكبر مجزرة بحق الصحفيين عبر تاريخ الحروب الحديثة.

البيان الختامي، وإن حمل عبارات إدانة شديدة للهجوم الإسرائيلي، وعبّر عن "تضامن مطلق" مع قطر، إلا أنه في جوهره، لم يخرج عن سياق البيانات التقليدية التي تتكرر عقب كل عدوان صهيوني على أرض عربية أو دم فلسطيني. فلا إجراءات، ولا قرارات ملزمة، ولا تحركا قانونيا، ولا حتى خطوات دبلوماسية رمزية ولو بالحد الأدنى كأنهاء أو تعليق العلاقات الدبلوماسية وسحب السفراء.

ومرة أخرى يضمن الاحتلال الإسرائيلي أن لا كلفة حقيقية لعدوانه، ولا رد سيأتي ولو في أدنى مستوياته، ما يكرّس- في نظر كثير من المراقبين- حالة العجز العربي الممنهج، بل التخاذل الفاضح في وجه الانتهاكات الصهيونية التي تجاوزت كل الخطوط، وباتت تمثل تهديدا وجوديا لجميع دول المنطقة، وحتى تلك التي تربطها بالكيان المحتل علاقات ومصالح، وتلعب دور الوسيط لتنفيذ مخططاته.

وفي وقت تتصاعد فيه جرائم الاحتلال في غزة إلى مستوى الإبادة الجماعية، ويتمادى الكيان الإسرائيلي في استهدافه لأراضٍ ذات سيادة- كما حدث في قطر أو سوريا أو اليمن- لا تزال الأنظمة العربية تتعامل مع هذا الانفلات الإسرائيلي بلغة البيانات والتحذيرات "غير الملزمة"، بينما يُترك الشعب الفلسطيني وحيدًا يواجه تغول الكيان وعدوانيته وتوحشه، ولا يزال مسؤولو الكيان يتوعدون بقية دول المنطقة، ويصرحون بمساعيهم لتنفيذ ما يسمونه "إسرائيل الكبرى"، بما يمثله ذلك من تهديد وجودي لدول عدة في المنطقة.

اللافت أن القمة تجنّبت تمامًا أي إشارة إلى إمكانية استخدام القوة في الرد على جرائم وانتهاكات الاحتلال الإسرائيلي، أو حتى تهديد بها، رغم تمادي الكيان الإسرائيلي في جرائمه وتهديده المتواصل بتفجير صراع أوسع في المنطقة، كما أن الهجوم على الدوحة، الذي خصصت القمة لبحثه، يُعد سابقة خطيرة تؤكد أن لا شيء يردع الكيان عن استهداف أي دولة مهما بدت صديقة له أو تجمعها به علاقات، وهو ما يطرح تساؤلات قاسية: إن كان هذا لا يستفز موقفًا عربيًا موحدًا، فمتى يحدث ذلك؟

البيان الختامي للقمة جاء أيضًا خاليًا من أي حديث عن تفعيل اتفاقية الدفاع العربي المشترك، أو تحرك سياسي في الأمم المتحدة لمحاكمة الاحتلال على جرائمه المتراكمة، وبهذا فإن الرسالة الوحيدة التي خرجت بها القمة- ولو بصمت- هي أن دماء الفلسطينيين، وانتهاك سيادة الدول العربية، ليست كافية لتحريك العالم العربي، وهو ما يعني إسرائيل ستستمر في جرائمها، مطمئنة إلى أن أقصى ما ستواجه هو "بيان".



حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا