آخر الأخبار

السعودية تتكفّل بتأمين إسرائيل في البحر الأحمر عبر خفر السواحل التابع للشرعية

شارك

المؤتمر الذي احتضنته الرياض لم يكن مجرد حدث أمني بحري، بل يمثل حجر زاوية في استراتيجية إقليمية تستهدف احتواء تداعيات الدعم اليمني لغزة من خلال الجبهة البحرية، فبحسب ما أُعلن، سيشمل الدعم تدريباً متقدماً، وتوفير معدات، وبناء قدرات مؤسسية لخفر السواحل، لكن في واقع الأمر، هذا يعني تسليح وتمكين القوات الحكومية- بما فيها قوات المجلس الانتقالي الجنوبي- لتكون أداة فعالة في منع هجمات صنعاء البحرية ضد السفن المرتبطة بالاحتلال الإسرائيلي.

المفارقة أن هذه التحركات لا تأتي كرد فعل على تهديدات عامة للأمن البحري، بل تستهدف بشكل مباشر العمليات التي تُعدها صنعاء جزءاً من معركة كسر الحصار عن غزة، في وقت تستمر إسرائيل بارتكاب مجازر يومية بحق المدنيين الفلسطينيين في القطاع. وبالتالي، فإن دعم هذه القوات تحت عنوان "أمن البحر الأحمر" هو في حقيقته جزء من منظومة متكاملة هدفها توفير حماية للملاحة الإسرائيلية المحظورة يمنياً في البحر الأحمر وخليج عدن والبحر العربي.

التخادم مع إسرائيل لم يعد مقتصراً على تحركات أمنية أو مؤتمرات دبلوماسية، هو الآن خطاب سياسي معلن، ينسجم فيه موقف السعودية مع مواقف القيادات اليمنية المتحالفة معها، وفي مُقَدَّمِهم رئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي، الذي ظهر مؤخراً في قمة الدوحة مدافعاً صراحة عن الاحتلال الإسرائيلي، ومندداً بالهجمات التي تنفذها ضده قوات صنعاء.

العليمي، الذي يُفترض أن يمثل الدولة اليمنية بكافة مكوناتها، اختار أن يعلن من منبر عربي موقفاً منحازاً بالكامل للعدو الإسرائيلي، متهماً من يهاجم الاحتلال بدلاً من أن يدافع عن الشعب الفلسطيني الذي يُذبح يومياً. هذا الموقف لا يمكن فصله عن السياق الأوسع الذي تديره السعودية، بدون حتى أن تتخفى خلف شعارات الحياد، بل تقود فعلياً حملة إقليمية لحماية أمن إسرائيل في البحر الأحمر من بوابة "الشراكة الأمنية الدولية".

التقرير الذي نشرته صحيفة "جيروزاليم بوست" الإسرائيلية مؤخراً، وأكد زيارة فريق من صحافييها إلى جنوب اليمن، يحمل دلالات أكثر عمقاً من مجرد "لقاء صحافي". اللقاءات التي جمعت الفريق الإسرائيلي بوزير الدفاع اليمني محسن الداعري وقادة في المجلس الانتقالي الجنوبي، كشفت عن استعداد صريح للتحرك العسكري في مضيق باب المندب، إذا ما حصل هؤلاء على ضوء أخضر من القوى الغربية، إلى جانب دعمهم عسكرياً ومالياً.

هذا التصريح العلني من قوى يفترض أنها يمنية، يُظهر بشكل لا لبس فيه أن هناك تنسيقاً مفضوحاً بين مكونات الحكومة اليمنية، بما فيها المجلس الانتقالي الذي يرفع شعارات التحرير والاستقلال، وبين القوى الغربية والإسرائيلية، في سياق مواجهة قوات صنعاء التي باتت تشكل مصدر إرباك استراتيجي لإسرائيل.

إن مشهد الدعم السعودي لخفر السواحل اليمني، وانخراط الحكومة اليمنية الموالية للتحالف السعودي، في مؤتمر بحري يستهدف عملياً قوات صنعاء، مروراً بتصريحات العليمي في الدوحة، ووصولاً إلى لقاءات المجلس الانتقالي مع الصحافة الإسرائيلية، يكشف عن بنية واحدة متماسكة تشكل منظومة تخادم إقليمي مع الاحتلال الإسرائيلي.



حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا