آخر الأخبار

العليمي في الدوحة: ممثل اليمن.. أم مندوب إسرائيل؟

شارك

رشاد العليمي لا يملك سلطة حقيقية على الأرض، ولا يملك قراراً سيادياً مستقلاً. الرجل، كما يصفه خصومه والكثير من المراقبين، لا يدير شؤون دولة، بل بالكاد يدير جناحه في فندق يقيم فيه منذ سنوات في الرياض، ورغم ذلك، يُقدَّم في المحافل الدولية كممثل لليمن، بينما الواقع يقول إن السيطرة الفعلية على الأرض شمالاً هي لسلطة صنعاء، التي باتت تمتلك قراراً سيادياً واضحاً، وتُسجل حضوراً عسكرياً وسياسياً في معادلات الإقليم.

ما أثار الصدمة في كلمة العليمي خلال قمة الدوحة، لم يكن مجرد غياب أي موقف قوي ضد الاحتلال، بل ذهابه إلى مهاجمة القوات اليمنية التابعة لحكومة صنعاء بسبب عملياتها العسكرية ضد أهداف إسرائيلية في البحر الأحمر، وضرباتها الصاروخية باتجاه الأراضي المحتلة، والتي وُصفت من كثيرين بأنها الموقف العربي الوحيد الذي تجاوز الإدانة اللفظية إلى الفعل العسكري.

العليمي، بلسان مرتجف وموقف هش، اختار أن يُدين هذه العمليات تحت عنوان "عدم جر اليمن إلى صراعات خارجية"، في موقف بدا وكأنه يحاول تبرئة ساحة الاحتلال من تصعيد خطير، وتوجيه اللوم إلى صنعاء، التي باتت تُمثل ورقة ضغط إقليمية حقيقية على تل أبيب. هذا الخطاب لم يكن فقط بعيداً عن نبض الشارع اليمني، بل اعتُبر من قبل البعض محاولة مباشرة لإعادة صياغة الموقف اليمني كطرف مساند لإسرائيل ضد فلسطين والعرب بشكل عام، وليس كطرف وحيد يقف قولاً وعملاً ضد الاحتلال.

إن السماح لرشاد العليمي بالمشاركة وتمثيل اليمن في قمة عنوانها الوقوف بوجه إسرائيل، بينما هو يهاجم أحد الأطراف العربية التي تواجه إسرائيل فعلياً، يطرح أسئلة جدية حول طبيعة الخطاب الرسمي العربي في هذه المرحلة، كيف يُعقل أن يجلس العليمي في قاعة تدين الاحتلال، بينما يبرر فعلياً بقاءه من خلال التحالفات نفسها التي تحتفظ بعلاقات رسمية مع تل أبيب؟ وكيف يمكن تفسير تغييب صنعاء عن هذا المنبر، رغم كونها تقود موقفاً ميدانياً واضحاً في دعم غزة، على حساب حضور شخصية لا تمثل إلا حالة ارتهان وارتزاق سياسي؟

ما جرى في قمة الدوحة لم يكن مجرد "زلة لسان" أو موقف فردي، بل هو انعكاس لأزمة تمثيل أعمق، ومحاولة مستميتة من بعض الأطراف لإعادة تعريف من هو "اليمن الرسمي"، وفق مقاييس الرضا الخليجي والدولي، وليس بناءً على الواقع السياسي والميداني على الأرض.

حضور رشاد العليمي في قمة الدوحة ليس سوى تجسيد لحالة الانفصال بين قاعة المؤتمرات وواقع الشارع العربي، فبينما تقف صنعاء عملياً في وجه الاحتلال، يُقدم العليمي كصورة مزيفة للدولة اليمنية، لا تعبّر عن قرارها ولا عن شعبها.

في زمن أصبحت فيه مواجهة إسرائيل بالموقف والفعل تهمة، والاصطفاف مع المظلومين إدانة، يبدو أن العليمي اختار موقعه بوضوح، لكنه بالتأكيد لم يختر أن يكون إلى جانب اليمن ولا يعبر عن الموقف الفعلي لليمن. بل إلى جانب من يطلبون منه الصمت حين تُقصف غزة، والصراخ شاكياً باكياً حين تهتف صنعاء لفلسطين، والتواطؤ والتعاون حين تقصف صنعاء.



حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا