في مدينة عدن، تم رفع علم الانفصال خلال اجتماع بين وفد سعودي وعيدروس الزبيدي، رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم إماراتيًا، هذا الحدث أثار تساؤلات حول الأهداف الحقيقية للتحالف واستراتيجيته في اليمن.
--تهديد للسيادة:
تفيد مصادر محلية أن هناك محاولات إماراتية لتغيير أسماء جزر ومواقع استراتيجية في أرخبيل سقطرى، مما يمثل تهديدًا مباشرًا للسيادة الوطنية اليمنية، هذه الإجراءات تعكس نوايا لتعديل خريطة اليمن بناءً على مصالح خارجية، وفقًا لتقارير من وكالات أنباء محلية.
--تناقضات في المجلس الرئاسي
عيدروس الزبيدي، الذي يعد عضوًا في مجلس القيادة الرئاسي، المفترض أن يمثل ما يسمى حكومة الشرعة، يظهر دعمًا علنيًا لرموز الانفصال. هذا الأمر يثير تساؤلات حول دوره الفعلي في الساحة السياسية، خاصة في ظل الدعم السعودي لهذا الاجتماع في وقت يتزايد فيه النفوذ الإماراتي في الجنوب.
تشير هذه المعطيات إلى أن التحالف السعودي الإماراتي يتبادل الأدوار في تعزيز الانقسامات السياسية في مناطق حكومة عدن مما يعيد هذه المناطق إلى دوامة من النزاعات والصراعات.
--صراع متناغم
يرى الأكاديمي والكاتب محسن عبدالجليل أن الصراع بين السعودية والإمارات في جنوب اليمن يتخذ شكلاً "متناغماً" رغم تناقضاته الظاهرية، حيث تتحرك كل دولة بخطوة يقابلها رد من الأخرى، في إطار يبدو أنه مصمم لتأجيج الخلافات وتعميق الانقسامات. فعندما يلوّح المجلس الانتقالي الجنوبي – المدعوم إماراتياً – بالسيطرة على حضرموت، تسارع السعودية إلى دعم تشكيل كيان حليف لها هناك، لترد أبوظبي بتوسيع قيادة الانتقالي عبر إدخال شخصيات محسوبة على السعودية داخل المجلس الرئاسي، بهدف الإخلال بالتوازن السياسي.
ويشير عبدالجليل إلى أن لقاء الوفد العسكري السعودي مع عيدروس الزبيدي تحت علم الانفصال حمل رسالة رمزية بالغة الدلالة، خصوصاً أن الزبيدي – وهو عضو في مجلس القيادة الرئاسي – يصرح علناً بأنه "رئيس الجنوب العربي" وينفي أي صلة بالجمهورية اليمنية. الأمر يثير تساؤلات حول سبب موافقة السعودية على هذا الإطار الرمزي للاجتماع، وماهية "التعاون المشترك" الذي جرى بحثه في تلك الأجواء؟.
ويضيف عبدالجليل أن المراقب للشأن اليمني يجد نفسه أمام مشهد يثير الحيرة، خاصة في ضوء الموقف السعودي منذ انقلاب مليشيات الانتقالي – "أدوات الإمارات" – وسيطرتها على عدن ومحافظات جنوبية أخرى، مع وجود قرائن تشير إلى أن ما جرى كان مخططاً له مسبقاً بين الإمارات والمجلس الانتقالي من جهة، والسعودية من جهة أخرى.
ويرى متابعون أن السعودية فقدت بوصلتها في اليمن وباتت تسير وفق إيقاع السياسة الإماراتية، ما يطرح علامات استفهام حول مدى إدراكها لما يحاك ضد اليمن وانعكاساته على أمنها القومي. ويشيرون إلى أن مشهد علم الانفصال خلف عيدروس الزبيدي لم يكن صدفة، بل كشف أن الموقف السعودي السابق لم يكن مجرد ضعف في الأداء، بل تبادل أدوار محسوب بين الرياض وأبوظبي، قد يقود في النهاية إلى ترسيخ واقع التشطير.
ويخلص مراقبون إلى أن ما يحدث لا يمكن اختزاله في كونه خلافاً سعودياً إماراتياً على النفوذ، بل هو عملية تفكيك ممنهجة لليمن، تستخدم فيها الورقة الانفصالية، وتغيير أسماء الجزر، والسيطرة على المواقع الاستراتيجية، بهدف إضعاف الدولة وإعادة تشكيل الخارطة السياسية بما يخدم مصالح الطرفين، فيما تظل "الشرعية" غائبة عن الفعل والحضور.