ـ حصار يمنّي مستمر وأثره على إسرائيل:
صحيفة "كالكاليست" الإسرائيلية أكدت أن حكومة تل أبيب قررت نقل عدد من عمال ميناء "إيلات" بشكل مؤقت إلى ميناء "أشدود" وفق الحاجة، بعد أن فشل الاحتلال في إنهاء الحصار اليمني الذي أُعلن سابقا على الملاحة البحرية المرتبطة به. ويأتي هذا القرار كإجراء مؤقت لتخفيف تأثير استمرار إغلاق ميناء "إيلات" على حركة التجارة والخدمات اللوجستية في الكيان الصهيوني.
ويعد ميناء "إيلات" من الموانئ الحيوية بالنسبة لإسرائيل، إذ يعتبر نقطة رئيسية لاستيراد وتصدير السلع إلى دول البحر الأحمر، ويشكل حلقة مركزية في خطوط الشحن التجاري المرتبطة بالمياه الإقليمية الإسرائيلية. ومع استمرار الحصار اليمني على الملاحة الإسرائيلية، يواجه الاقتصاد الإسرائيلي ضغوطا متزايدة، خاصة في قطاع المواد الغذائية المستوردة والبضائع الأساسية.
ـ ارتفاع تكاليف الشحن وتأخير الإمدادات:
صحيفة "غلوبس" الإسرائيلية نقلت عن مدير شركة "ويلي فود"، أكبر مستوردي المنتجات الغذائية، أن الهجمات اليمنية على السفن الإسرائيلية أدت إلى زيادة كبيرة في تكاليف الشحن. وأوضح المسؤول أن إغلاق البحر الأحمر أمام السفن الإسرائيلية أدى إلى إطالة مدة الإبحار بمعدل 30 يوما، ما يفاقم أزمة تأخير وصول الإمدادات الأساسية إلى الأسواق المحلية.
ويشير هذا التطور إلى أن الحصار اليمني ليس مجرد تهديد رمزي، بل أصبح عاملا مؤثرا على حركة التجارة والصادرات والواردات، مما يعيد إنتاج تحديات اقتصادية جديدة للاحتلال الإسرائيلي على عدة مستويات، بدءًا من ارتفاع الأسعار وصولا إلى التأخير في وصول البضائع الاستراتيجية إلى المستهلكين.
ـ إجراءات مؤقتة لتخفيف الضغط على ميناء إيلات:
وفي محاولة للتعامل مع الأزمة، قررت الحكومة الإسرائيلية نقل العمال المؤقتين إلى ميناء "أشدود"، وهو ميناء رئيسي آخر يقع على الساحل المتوسط للكيان الصهيوني. ويهدف هذا الإجراء إلى المحافظة على استمرارية العمليات اللوجستية الأساسية وتقليل تأثير الحصار اليمني على الاقتصاد الوطني.
ومع ذلك، تعتبر هذه الخطوة حلا جزئيا ومؤقتا، إذ لم تعالج الأسباب الجوهرية للحصار، ولا تزال إسرائيل تواجه صعوبات في تأمين طرق شحن بديلة أو بدائل فعالة لاستيراد المواد الأساسية. ويعد استمرار الحصار اليمني مؤشرا على القدرة اليمنية في ممارسة ضغط استراتيجي على خطوط الملاحة البحرية الإسرائيلية، بما يعزز موقفها في النزاعات الإقليمية ويؤثر على التحركات العسكرية والسياسية للكيان الصهيوني.
ـ الحصار كجزء من الدعم العسكري لغزة:
يأتي الحصار اليمني ضمن سياق دعم المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة، وفق ما تشير إليه المصادر الصهيونية. ويعد هذا الحصار جزءا من إستراتيجية أوسع للضغط على إسرائيل اقتصاديًا وعسكريًا في وقت تتصاعد فيه التوترات في المنطقة.
ويظهر من التطورات الأخيرة أن اليمن، رغم المسافة الجغرافية عن إسرائيل، يمتلك قدرة مؤثرة على تعطيل حركة الملاحة البحرية الصهيونية، خاصة في الممرات الحيوية مثل البحر الأحمر ومضيق باب المندب، وهو ما يمثل تحديا جديدا لاستراتيجيات الاحتلال في المنطقة.
ـ تداعيات اقتصادية حادة على إسرائيل:
إغلاق ميناء "إيلات" وأثر الحصار على النقل البحري أدى إلى ارتفاع أسعار السلع الأساسية وزيادة تكاليف استيراد المواد الغذائية. ويعتبر هذا الضربة الاقتصادية جزءًا من سياسة الضغط اليمنية على إسرائيل، التي تتزامن مع استمرار الهجمات على السفن الإسرائيلية، ما يضع الحكومة أمام ضغوط داخلية للبحث عن حلول عاجلة لتأمين الإمدادات.
كما يفرض الحصار تكاليف إضافية على القطاع الخاص الإسرائيلي، بما في ذلك شركات النقل والتصدير والاستيراد، الأمر الذي قد ينعكس على المستهلكين من خلال ارتفاع الأسعار ونقص بعض السلع في الأسواق المحلية.
ـ انعكاسات سياسية واستراتيجية:
فشل إسرائيل في رفع الحصار عن ميناء "إيلات" يعكس أيضا أبعادا سياسية واستراتيجية أعمق، حيث يبرهن على قدرة اليمن على ممارسة ضغط مستمر على الاحتلال رغم المسافة الجغرافية والتحديات العسكرية.
ويثير هذا الفشل تساؤلات حول مدى فعالية السياسة الإسرائيلية في حماية خطوط الملاحة الحيوية، ومدى قدرة الحكومة على التعامل مع تهديدات الحصار البحري المستمر، خاصة في ظل الصعوبات الأمنية والاقتصادية التي تواجهها إسرائيل على عدة جبهات.
ـ الخلاصة:
يبقى فشل إسرائيل في إنهاء حصار ميناء "إيلات" مؤشرا على قدرة اليمن على استخدام أدوات اقتصادية واستراتيجية للضغط على الاحتلال، بما يفرض تحديات مزدوجة على تل أبيب، اقتصادية وعسكرية. ويعكس استمرار الحصار تأثيرا مباشرا على تكاليف الشحن وأسعار السلع الأساسية، ويضع الحكومة الإسرائيلية أمام ضغوط متزايدة لإيجاد حلول عاجلة للحفاظ على استقرار الاقتصاد المحلي وتأمين حركة الملاحة البحرية.
كما يسلط هذا الواقع الضوء على قدرة اليمن على لعب دور مؤثر في النزاعات الإقليمية، ليس فقط على المستوى العسكري، بل أيضا عبر استراتيجيات الضغط الاقتصادي البحري، مما يجعل مستقبل الملاحة الإسرائيلية في البحر الأحمر ومضيق باب المندب ومحيط الهند محط اهتمام ومراقبة مستمرة من قبل الاحتلال الإسرائيلي والمجتمع الدولي على حد سواء.