آخر الأخبار

اتفاق أم هزيمة واستسلام .. هذا هو ما جنته أمريكا من هجماتها على اليمن

شارك

وأتى هذا الاتفاق بعد خسائر كبيرة تكبدتها القوات الأمريكية، على المستويين المادي والمعنوي، وكان أشد هذه الخسائر وأكبرها فداحة هو الانكشاف الذي تعرضت له هذه القوات التي ظلت الدعاية الأمريكية تصورها للعالم كقوة لا تقهر، وانفضاح مدى هشاشتها بعد انهزامها أمام صواريخ ومسيرات قوات صنعاء، تمكنت من تجاوز المنظومات الدفاعية لحاملة الطائرات "هاري ترومان" والمدمرات والبوارج التابعة لها، محققة ضربات مباشرة ومحدثة حالة إرباك انهزام اعترفت بها البحرية الأمريكية، التي اعترفت بفقدان طائرتين من طراز F18 أثناء المواجهات، لأول مرة في تاريخها.

وبالنظر إلى ما حققته الإدارة الأمريكية من حملتها الأخيرة في اليمن، فإن الشيء الوحيد الذي خرجت به هو وقف الضربات على سفنها والسماح لها في المرور عبر البحرين الأحمر والعربي وباب المندب، وهو أمر لا يمكن اعتباره مكسبا على الإطلاق، حيث أنه ومنذ انخراط قوات صنعاء في عمليات أسناد المقاومة الفلسطينية في مواجهة العدوان الإسرائيلي على عزة، لم يكن هناك أي تهديد للسفن الأمريكية كغيرها من دول العالم التي لم يتعرض أي منها لهجوم أو تهديد، وهو ما أكدته قوات صنعاء منذ بدء الحظر البحري على الملاحة الإسرائيلية فقط، كرد على العدوان والحصار الإسرائيلي على قطاع غزة، ولم توسع صنعاء الحظر والهجمات البحرية لتشمل السفن الأمريكية والبريطانية إلا بعد شن أمريكا وبريطانيا أول هجوم لهما على اليمن في 12 يناير 2024، ومن بعد هذا التاريخ بدأت قوات الهجمات والاشتباكات مع القوات الأمريكية والبريطانية في البحر الأحمر، والتي استمرت أكثر من عام، حتى توقيع وقف إطلاق النار في غزة في يناير الماضي.

ومع انهيار اتفاق وقف إطلاق النار بين المقاومة الفلسطينية وإسرائيل في مارس الماضي وعودة إسرائيل لاستئناف جرائم الإبادة الجماعية بحق الشعب الفلسطيني في غزة، وفرض الحصار على القطاع عبر إغلاق المنافذ ومنع دخول الدواء والغذاء والمواد الأساسية، أعلنت صنعاء استئناف أسنادها لغزة، عبر الحظر البحري للملاحة الإسرائيلية، وتنفيذ العمليات العسكرية بالصواريخ والطائرات المسيرة في العمق الإسرائيلي على الأراضي الفلسطينية المحتلة، دون أن تعلن عن أي تهديد أو استهداف للسفن الأمريكية، حتى بدأت أمريكا بشن الجولة الثانية من هجماتها على اليمن في منتصف مارس الماضي، معلنة أن الهدف منها هو القضاء على من أسمتهم "الحوثيين"، وتدمير قدراتهم العسكرية، وهنا بدأت قوات صنعاء الرد على الهجمات الأمريكية، مستهدفة حاملة الطائرات "هاري ترومان" والمدمرات والبوارج وبقية القطع الحربية التابعة لها، محققة العديد من الإصابات خلال الأسابيع الأولى للمواجهة، وأجبرتها على الانسحاب والتراجع من المياه الإقليمية اليمنية نحو شمال البحر الأحمر، وكانت تلك هي بداية الهزيمة.

ووفقا لتلك المجريات والأحداث فإن ما احتفلت به الإدارة الأمريكية واعتبرته إنجازا، بالتوصل مع صنعاء إلى اتفاق يوقف الاستهداف لسفنها ويسمح لها بالمرور عبر البحر الأحمر وباب المندب، لا يمثل أي إنجاز على الإطلاق، حيث أن سفنها لم تكن لتتعرض للتهديد أو الاستهداف لولا شنها للهجمات على اليمن، ولم تكن هجمات قوات صنعاء ضدها إلا ردا على الهجمات الأمريكية في اليمن، كما أن هجمات صنعاء ضد السفن والقوات البحرية الأمريكية كانت ستتوقف مباشرة في حال أوقفت أمريكا هجماتها، سواء باتفاق أو بدون اتفاق، غير أن ترامب كما تشير المعطيات بحث عن مخرج له من الورطة التي وجد نفسه فيها، فطلب وساطة عمان للخروج باتفاق يحفظ له ما بقي من ماء وجهة المسفوح، وكرامة أمريكا المهدورة.

وكان ترامب الذي طالما سخر من سلفه بايدن ونعته بالضعف قد اندفع إلى فتح حرب في اليمن، مدفوعا بوهم القوة، ومعتقدا أن خصما ضعيفا سوف يواجهه، ويمكن إخضاعه خلال أيام، لكنه اصطدم بصخرة صلبة تبدو مهمة التعامل معها معقدة جدا، ويستحيل الاستمرار في المحاولة دون أن تتسع الخسائر وتتفاقم فاتورة هذه الحرب التي استنزفت مليارات الدولارات خلال أقل من شهرين، وكادت أن تقضي على سمعة أمريكا التي تلقت ضربات موجعة، أسقطت جانبا مهما من هيبة أمريكا العسكرية، وأظهرت مدى هشاشة وضعف قواتها، وهو ما يمثل خسارة قاتلة بالنسبة لأمريكا الدولة الاستعمارية التي فرضت هيبتها على مدى عقود في جميع العالم، وسعت دائما لتعزيز هيمنتها في الشرق والغرب، وتقديم نفسها باعتبار أنها القوة الأكبر في العالم.



حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا