يأتي هذا الاهتمام المتزايد بعد سلسلة من عمليات إسقاط الطائرات الأمريكية بدون طيار من طراز MQ-9 Reaper، والتي يُعتقد أنها نُفذت باستخدام منظومات دفاع جوي متنوعة يمتلكها الحوثيون.
وتشير التقارير إلى أن واشنطن تسعى لفهم طبيعة هذه الدفاعات الجوية، والتي تشمل أنواعاً متطورة من الأسلحة المضادة للطائرات بحيث تهدف هذه الدراسة الأمريكية إلى تحديد نقاط القوة والضعف في هذه المنظومات، وكيفية تأثيرها على العمليات الجوية الأمريكية في المنطقة.
.
في هذا السياق نشر موقع "توزر " المتخصص في الشأن العسكري تقريراً شاملاً يحلل بالتفصيل القدرات الدفاعية الجوية التي يمتلكها الحوثيون في اليمن، مسلطاً الضوء على أنواع الأسلحة التي يستخدمونها، وتأثيرها المتزايد على العمليات العسكرية في المنطقة، وخاصة تلك التي تنفذها الولايات المتحدة وحلفاؤها.
يستهل التقرير بالإشارة إلى الخسائر الملحوظة التي تكبدتها الولايات المتحدة من طائراتها بدون طيار MQ-9 Reaper على يد الحوثيين. ووفقاً للتقرير، أقر مسؤولون أمريكيون بفقدان سبع طائرات من هذا النوع منذ منتصف مارس/آذار 2025، بينما يؤكد الحوثيون إسقاط ما لا يقل عن 22 طائرة منذ أكتوبر/تشرين الأول 2023. ويؤكد التقرير أن هذه الخسائر، بغض النظر عن العدد الدقيق، تشير إلى وجود تهديد حقيقي تشكله الدفاعات الجوية للحوثيين، مما دفع الجيش الأمريكي إلى تعديل تكتيكاته.
يؤكد التقرير على صعوبة تقييم النطاق الكامل لقدرات الدفاع الجوي لدى الحوثيين ، خاصة فيما يتعلق بقدرتهم على التعامل مع أهداف أكثر تطوراً. ويربط فعالية استخدام هذه الصواريخ بتوفر أجهزة الاستشعار المناسبة، مشيراً إلى أن تفاصيل مخزون الحوثيين من هذه الأجهزة لا تزال غير واضحة
يستعرض التقرير احتمالية استفادة الحوثيين من أنظمة تتبع إلكترونية سلبية، مثل "الرادارات الافتراضية" التي تعتمد على تحليل إشارات المراقبة الجوية المنبعثة من الطائرات. ويشير إلى أن هذه الأنظمة، التي يُعتقد انها تمكن الحوثيين من رصد وتتبع الأهداف وتوجيه صواريخهم دون الحاجة إلى تشغيل راداراتهم الخاصة، مما يمنحهم ميزة في شن هجمات مفاجئة.
وأكد الموقع على الدور الحاسم لأجهزة الاستشعار الكهروضوئية والأشعة تحت الحمراء في عمليات الاستهداف والتوجيه التي يقوم بها الحوثيون، وهو ما يتضح من نشرهم المتكرر للقطات فيديو تستخدم هذه التقنيات عقب عمليات إسقاط
يؤكد المحللون أن فهم قدرات الدفاع الجوي للحوثيين يعد أمراً بالغ الأهمية للولايات المتحدة، خاصة مع استمرار التوترات في المنطقة وتصاعد وتيرة العمليات العسكرية. ومن شأن هذه الدراسة أن تساعد في تطوير استراتيجيات وتكتيكات جديدة للتعامل مع التهديدات الجوية، وضمان سلامة الطائرات والأفراد الأمريكيين العاملين في المنطقة.
مايعكس محاولة محاولة لتقليل المخاطر التي تتعرض لها الطائرات الأمريكية هو نشر قاذفات B-2، المصممة لاختراق دفاعات جوية كثيفة، واستخدام ذخائر مثل GBU-53/B StormBreaker وAGM-84H SLAM-ER، بحسب موقع توزر العسكري الذي قال بأن لجوء الولايات المتحدة إلى استخدام قاذفات B-2 الشبحية ومجموعة متزايدة من الذخائر بعيدة المدى ضد أهداف الحوثيين قد يكون مدفوعاً بشكل كبير بمخاوف تتعلق بالدفاعات الجوية الحوثية، أكثر مما يتم الاعتراف به علناً
تواجه الولايات المتحدة، حقيقة محرجة في اليمن طائراتها بدون طيار من طراز MQ-9 Reaper تسقط من السماء، مضروبة بنظم الدفاع الجوي المرنة بشكل مفاجئ لجماعة الحوثيين
التأثير الكبير الذي أحدثته صواريخ الدفاع الجوي اليمنية على تهديد الطائرات الأمريكية بدون طيار على مدى العام والنصف الماضيين، ويُرجح استمرار هذا الدور في المستقبل.
وبينما تكثف وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون) دراستها لهذه القدرات، تكشف هذه الجهود براعة الحوثيين المتزايدة، بل وعن نقاط ضعف الاعتماد المفرط لأمريكا على الطائرات بدون طيار واستنادًا إلى تقارير عسكرية أمريكية وتحليلات الخبراء، فان واشنطن تحاول التكييف مع تهديد قللت من شأنه
وفقا لبيانات الناطق العسكري باسم الجيش اليمني العميد يحيى سريع فقد تم إسقاط ما لا يقل عن 22 طائرة MQ-9 Reaper أمريكية منذ أكتوبر 2023، في حين أقر مسؤولون أمريكيون، على استحياء، بفقدان سبع طائرات منذ منتصف مارس 2025 وحده،
موقع Military المختص في الشأن العسكري قال في وقت سابق ان كل طائرة Reaper، التي تُقدَّر قيمتها بـ30 مليون دولار تمثل ضربة مكلفة لمكانة الولايات المتحدة وإشارة إلى أن أنظمة الدفاع الجوي للحوثيين أكثر قوة مما كان متوقعًا..
كان رد البنتاغون عبارة عن اندفاع محموم لتحليل أنظمة الدفاع الجوي للحوثيين، التي قال أنها تطورت من بقايا سوفيتية بدائية إلى مزيج متطور من الصواريخ والابتكارات المحلية.
حيث أكد تقرير صادر عن وكالة الاستخبارات الدفاعية (DIA) في يوليو 2024 استخدام الحوثيين لصاروخ متجول مزود بمستشعرات حرارية سلبية مصمم لاصطياد طائرات مثل MQ-9.
ويكشف التحليل الأمريكي، الوارد في تقرير Atlantic Council بتاريخ 26 فبراير 2025، عن امتلاك الحوثيين "رادارات افتراضية" (VRRs)، التي تستخدم إشارات المراقبة الجوية المنبعثة من الطائرات نفسها لتتبعها دون الحاجة إلى رادارات نشطة، مما يجعل اكتشاف مواقع الحوثيين أمرًا شبه مستحيل وأن هذه الأنظمة، إلى جانب مستشعرات كهروضوئية وتحت الحمراء، تتيح للحوثيين تنفيذ هجمات مفاجئة، كما يتضح من مقاطع الفيديو التي ينشرونها بعد كل عملية إسقاط.
لكن ما يثير قلق واشنطن أكثر هو قدرة الحوثيين على استهداف طائرات مثل MQ-9، التي تُعتبر حجر الزاوية في عمليات المراقبة والضربات الأمريكية.
"لقد كنا نعتمد على هذه الطائرات لسنوات، ظنًا منا أنها بعيدة عن متناول أمثال الحوثيين"، قال محلل عسكري تحدث لـواشنطن بوست شريطة عدم الكشف عن هويته. "الآن، نحن مضطرون إلى إعادة التفكير في كل شيء".
اليوم تواجه الولايات المتحدة معضلة ...كيف تواجه تهديدًا لم تتوقعه من جماعة اعتبرتها لسنوات تهديدًا هامشيًا؟
وفقًا لـThe War Zone، لجأت واشنطن إلى تعديل تكتيكاتها، مع الاعتماد بشكل متزايد على ذخائر بعيدة المدى مثل GBU-53/B StormBreaker وAGM-84H SLAM-ER، ونشر قاذفات B-2 الشبحية المصممة لاختراق الدفاعات الجوية الكثيفة. ومع ذلك، فإن هذه التحركات تكشف عن حالة من الذعر الاستراتيجي أكثر مما تعكس السيطرة.
في وقت سابق أثار تقرير Atlantic Council تساؤلات حول مستقبل طائرات MQ-9، التي كان سلاح الجو الأمريكي قد اقترح التوقف عن شرائها بسبب نقاط ضعفها الواضحة.
وقال قال مسؤول عسكري في البنتاغون للمجلس الاطلسي"إننا ننفق المليارات على أنظمة لم تُصمم لمواجهة هذا النوع من التهديدات"، . "هذا ليس فشلًا تكتيكيًا فحسب، بل فشل في التخطيط الاستراتيجي".
وقال تقرير للمجلس الاطلسي نشر في وقت سابق : على الرغم من أن ترسانة صواريخ الحوثيين لا تزال تشكل تهديدًا منخفض المستوى للأصول الجوية الأمريكية، فقد أثبتت الجماعة قدرتها على إضعاف التفوق القتالي للولايات المتحدة جزئيًا، وإضعاف التفوق الجوي الأمريكي، وكشف نقاط ضعف كبيرة في طبقات دفاع طائرة MQ-9 Reaper. يمكن لخصوم واشنطن السعي إلى الاستفادة من هذه الثغرات لتعزيز مصالحهم الاستراتيجي
إن دراسة الولايات المتحدة لدفاعات الحوثيين الجوية بمثابة اعتراف متأخر بأن النموذج الأمريكي للحرب الجوية—الذي يعتمد على التفوق التكنولوجي—قد يكون قد وصل إلى حدوده. وبينما تواصل واشنطن مواجهة هذا التحدي، فإن الخسائر في اليمن تُعد تذكيرًا قاسيًا بأن الغطرسة العسكرية تأتي بثمن باهظ.
ومع تصاعد التوترات في المنطقة، تظل الولايات المتحدة في موقف دفاعي، تحاول فك شيفرة قدرات عدو قللت من شأنه لفترة طويلة معتقدة أن الجهود المبذولة لفهم أنظمة الدفاع الجوي للحوثيين قد تساعد في تقليل الخسائر المستقبلية، لكنها تكشف أيضًا عن فجوات أعمق في الاستراتيجية الأمريكية. وبينما تتسابق واشنطن للتكيف، فإن السماء فوق اليمن تظل ساحة اختبار قاسية لقوة أمريكية تتلاشى تدريجيًا
وفيما تعكف واشنطن على دراسة الدفاعات الجوية للحوثيين تبدو صنعاء وقد قطعت شوطاً أبعد مما كان يُعتقد...فالمعطيات الميدانية تشير إلى أن قدرات الدفاع الجوي اليمنية لم تعد تقتصر على إسقاط الطائرات المسيرة، بل تتجه نحو تصنيع منظومات قادرة على استهداف مقاتلات متقدمة من طراز F-16 وغيرها
حيث قد تجد الولايات المتحدة نفسها أمام واقع جديد لم يكن في حسبانها .
- نقلا عن عرب جورنال