وفي المقابل أعلنت حكومة صنعاء على لسان وزير دفاعها أنها مستعدة أي تصعيد، مؤكدة أن لديها من القدرات والاستعدادات ما سيفاجئ أي قوة ستتورط في شن حرب عليها، ملوحة بقدرات وإمكانات عسكرية وتسليحية متطورة، خلافا لما كانت عليه قدراتها العسكرية والتسليحية قبل قرابة عشر سنوات، عندما شن التحالف بقيادة السعودية الحرب عليها في 26 مارس 2015.
ومع تزايد المؤشرات التي تعزز من احتمالية تصعيد عسكري أمريكي ضد حكومة صنعاء، واحتمال مشاركة السعودية والإمارات والأطراف اليمنية الموالية لهما في هذا التصعيد، وجهت صنعاء تحذيرات شديدة ارتقت لمستوى التهديد لكل من السعودية والإمارات، حيث قال عضو المجلس السياسي الأعلى بصنعاء، محمد علي الحوثي إن صنعاء تدرس خياراتها للرد "بعدَ أن وصلتْ إلينا الرسائلُ من السعوديةِ بأنَّها ربما تشتركُ في حربٍ على بلدِنا. لسنا لقمةً سائغةً ستأكلونَها بسهولة، لن تأكلونَها على الإطلاقِ، بل سنلتهمُكم".
وأشار الحوثي إلى أن صنعاء لم تكن خلال الحرب التي شنها التحالف بقيادة السعودية في العام 2015 تمتلك القدرات العسكرية التي تمتلكها اليوم، مضيفاً: "نقول لهم اليوم أيضًا: ننصحكم بألَّا تعاودوا الكَرَّة. إذا أردتم أن تعيدوا الكَرَّة، فأعيدوا الكَرَّة للنظر إلى السماء، سيرتد إليكم طَرْفُكم وهو حسير، وإذا أعدتم الكَرَّة إلى يمننا، فسيرتد إليكم عدوانكم، وهو مهزومٌ شرَّ هزيمةٍ بإذن الله.
وقلل الحوثي من أهمية التهديدات التي تطلقها الإدارة الأمريكية ورئيسها ترامب، واصفا تلك التهديدات بالـ "جوفاء"، ومشيرا إلى أن حاملة الطائرات الأمريكية التي غادرت البحر الأحمر مؤخرا واصطدمت بسفينة تجارية الأسبوع الماضي، قد هربت مدفوعة بالخوف مما واجهته من أسلحة قوات صنعاء، حيث كانت قد تعرضت لعدة هجماتها شأنها شأن حاملات الطائرات السابقة التي كانت قد غادرت المنطقة تباعا بعد فشلها كبح هجمات قوات صنعاء ضد إسرائيل وملاحتها.
وخلال أكثر من عام من العدوان الإسرائيلي على غزة، كانت قوات صنعاء التي أعلنت موقفها المناصر والمساند للمقاومة الفلسطينية قد نفذت مئات الهجمات بالصواريخ الباليستية والفرط صوتية المجنحة والطائرات المسيرة، التي تمكنت عدة مرات من اختراق المنظومات الدفاعية الإسرائيلية والأمريكية، قصفت خلالها العديد من الأهداف الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية المحتلة، في عاصمة الاحتلال، وعدد من المدن الإسرائيلية في فلسطين المحتلة، كما منعت الملاحة الإسرائيلية في البحرين الأحمر والعربي، وعطلت ميناء إيلات الاستراتيجي بشكل كامل، وشلت حركة الطيران من وإلى إسرائيل، وتسببت في خسائر اقتصادية كبيرة لدولة الاحتلال، الأمر الذي كان له أثره في انتصار المقاومة في غزة.
وفي مواجهات ومعارك عنيفة خاضتها ضد القوات البحرية الأمريكية والبريطانية بأساطيلها وحاملات الطائرات والبوارج والمدمرات التابعة لهما، تمكنت قوات صنعاء من توجيه ضربات مؤلمة لأمريكا وبريطانيا، نتج عنها عدد من الضربات المباشرة التي طالت هذه القوات البحرية التي جعلت منها الدعاية الغربية قوة أسطورية لا يمكن التغلب عليها، واضطرت البوارج وحاملات الطائرات على مغادرة البحر الأحمر تباعا، بعد إصابة بعضها أصابات بليغة، فيما باتت خسائر أمريكا جراء معارك البحر الأحمر تعد بمليارات الدولارات.
وبالنطر إلى مدى القدرات العسكرية التي باتت تملكها قوات صنعاء، والتي كشفت عنها وأثبتت فاعليتها العمليات العسكرية التي نفذتها هذه القوات خلال أسناد غزة ومقاومتها على مدى أكثر من عام، سواء ضد الاحتلال الإسرائيلي في عمق الأراضي الفلسطينية المحتلة، أو في البحرين الأحمر والعربي، ضد الأساطيل والقوات البحرية الأمريكية والبريطانية، والتي شهدت اشتباكات عنيفة تعرضت خلالها القطع البحرية الأمريكية والبريطانية لانكسارات قاسية، فإن أي مغامرة بإشعال الحرب مجددا لن تكون كالحرب السابقة، نظرا للتغير الكبير في ميزان القوى، بعد امتلاك صنعاء ترسانة من الأسلحة الهجومية والدفاعية التي ثبتت فاعليتها وصنعت فارقا خلال العدوان الإسرائيلي على غزة، بل وباتت تشكل قلقا كبيرا لأمريكا نفسها وتهدد مصالحها في المنطقة، ناهيك عن الدول التي يحتمل تورطها مع الولايات المتحدة الأمريكية في أي تصعيد جديد باليمن، وعلى رأسها السعودية والأمارات، التي بطبيعة الحال ليست عواصمها وموانئها ومطاراتها ومنشآتها أبعد من عاصمة وموانئ ومنشآت الاحتلال الإسرائيلي، ولا قدراتها الدفاعية أقوى من قدرات إسرائيل وأمريكا.
وفي ضوء تلك المعادلة فإن أن الأطراف الإقليمية وعلى رأسها السعودية والإمارات ستكون الخاسر الأكبر في حال تورطت في أي حرب جديدة في اليمن، لأنها ستكون الهدف الأبرز والأسهل أمام صواريخ ومسيرات قوات صنعاء التي طالت أبعد نقطة للاحتلال الإسرائيلي شمال فلسطين المحتلة، وتمكنت من تجاوز القبة الحديدة ومنظومات ساعر ومقلاع داوود، وثاد الأمريكية، التي تعد أقوى ما توصلت إليه أمريكا وإسرائيل من المنظومات الدفاعية، ناهيك عن المدمرات والبوارج وحاملات الطائرات الأمريكية والبريطانية، المزودة بمنظومات دفاعية كانت تعتبر- قبل أن تثبت صواريخ ومسيرات صنعاء فشلها، الأقدر على مواجهة أي هجوم مهما كان نوعه.