يدرك أبناء المهرة أن ظهور وفرض قوات "درع الوطن" لا يعدو عن كونه مخططاً خارجياً أسسته وتموله، مستثمرةً كذبتها القديمة المتمثلة في محاربة التمدد الإيراني، والسؤال هنا: أين التمدد الإيراني في محافظة المهرة البعيدة عن مناطق النزاع والمواجهات؟
وصلت قوات درع الوطن إلى مديرية قشن في محافظة المهرة، مدعومة بالأسلحة والعتاد الحربي وبالتدريب العالي، ورغم رفض أبناء المحافظة لا تزال السعودية وعبر أدواتها المحلية في الداخل اليمني تفرض وجودها وتستقطب أبناء المحافظة مستغلة أوضاعهم المعيشية المتردية.
تتكون قوات درع الوطن من مجاميع متطرفة محسوبة على تيارات متشددة، وهو ما استثمرته السعودية لفرض هذه القوات ونشرها في المهرة، مستخدمةً أدواتها المحلية ورجال الدين المتشددين لتضليل أبناء المهرة وشرعنة وجود هذه القوات في أرضهم، لكن الكثير من المهريين أصبحوا على يقين من أن ذلك ليس سوى تمدد وبسط نفوذ وسيطرة للسعودية الطامعة منذ القدم في هذه المحافظة الاستراتيجية.
الكثير من الفعاليات المجتمعية والمكونات والكيانات المدنية في المهرة ترفض وجود "درع الوطن" التابعة للسعودية، وانطلقت في أنشطة وتظاهرات مناهضة للتواجد العسكري الخادم للأجندات السعودية في المحافظة اليمنية، حتى النشطاء المحليون عبروا عن رفضهم في كل مواقع التواصل ووسائل الإعلام، وخلاصة ما يقولونه جميعهم أنهم يرفضون تشكيل أي كيان عسكري خارج الأطر الرسمية، ورغم تمسكهم بالمؤسسات الرسمية، ومطالبتهم بأن يكون التجنيد محصوراً في مؤسستي الدفاع والأمن التابعتين لحكومة الشرعية والمجلس الرئاسي، إلا أن هاتين الجهتين تتجاهلان تماماً هذه المشاعر الوطنية وتغضان الطرف عن التحركات السعودية في المهرة.
قيادة وأعضاء لجنة الاعتصام السلمي في المهرة، تجدد دائماً رفضها عسكرة المحافظة والتزامها بالنهج السلمي وثبات الموقف ومن التمدد الخارجي، واستعدادها الدائم للتصدي للأطماع الخارجية والأدوات المحلية التي تسعى لتحقيقها، ويساندها في ذلك قاعدة جماهيرية كبيرة من أبناء المهرة.
خلاصة القول، أن ما يحدث في المهرة هو محاولة لإيجاد بؤرة للتطرف والتشدد الديني عبر قوات درع الوطن المكونة من هذه العناصر المتطرفة، في محافظة طالما كانت مسالمة وبعيدة عن كل الصراعات، لكن ذنبها الوحيد هو أنها تملك موقعاً جغرافياً استراتيجياً تطمع فيه السعودية منذ زمن، وتستغل الآن تبعية الجهات الرسمية اليمنية لها، وتكثف تحركاتها لتحقيق الأحلام القديمة مستغلة تلك التبعية، وفعلياً يكتفي المجلس الرئاسي والحكومة بالتفرج على كل هذه التحركات بصمت لا يعني سوى التواطؤ والبيع بأبخس ثمن.