في حال واجهت مشكلة في مشاهدة الفيديو، إضغط على رابط المصدر للمشاهدة على الموقع الرسمي
أكد أستاذ العلوم السياسية جان بيير فيليو، في مقال له بصحيفة لوموند الفرنسية، أن الاتحاد الأوروبي بات عاجزا عن مقاومة الضربات التي يوجهها الرئيس الأميركي دونالد ترامب للقانون الدولي في أوكرانيا، لكون الاتحاد قد وافق بنفسه على انتهاكات مماثلة في غزة.
وذكّر فيليو بتصريح رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين في أكتوبر/تشرين الأول 2024 والذي شنت فيه هجوما حادا على رئيس الوزراء المجري، فيكتور أوربان أمام البرلمان الأوروبي، والذي قالت فيه "نحن الأوروبيين قد نمتلك تواريخ ولغات مختلفة، لكن لا توجد لغة أوروبية تترادف فيها كلمة (السلام) مع الاستسلام، أو (السيادة) مع الاحتلال".
ويضيف الكاتب أن هذا التصريح لم يكن يستهدف سوى دعم بودابست لـ"سلام" في أوكرانيا لن يكون سوى "استسلام" أمام روسيا، في حين أن "السيادة" الروسية على الأراضي الغازية لن تكون إلا "احتلالا" لأوكرانيا.
وتابع أن رئيسة المفوضية الأوروبية وقعت في فخ لم تكن تتوقعه، إذ كانت قد توجهت يوم 13 أكتوبر/تشرين الأول 2023، إلى إسرائيل لتقديم دعم الاتحاد الأوروبي للرد الانتقامي الإسرائيلي على قطاع غزة، بعد هجوم حركة حماس.
وشدد على أنها لم تكن تملك أي تفويض لاتخاذ مثل هذا الالتزام القاطع، لكن قناعاتها الموالية لإسرائيل طغت على أي اعتبار آخر، مما سجن الاتحاد الأوروبي في مأزق.
وشرح أن سياسة "الكيل بمكيالين" التي انتهجتها أوروبا بين أوكرانيا وغزة قد أضعفتها بالفعل أمام روسيا، دون أن تمنحها في الوقت نفسه أي ثقل في الشرق الأوسط.
أما رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، فقد فعل كل شيء لإطالة أمد الحرب في غزة حتى عودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، وبذلك، يتناغم مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الذي راهن هو الآخر على إعادة انتخاب ترامب، يوضح الكاتب.
سياسة "الكيل بمكيالين" التي انتهجتها أوروبا بين أوكرانيا وغزة قد أضعفتها بالفعل أمام روسيا، دون أن تمنحها في الوقت نفسه أي ثقل في الشرق الأوسط
وقال جان بيير فيليو إن أوربان -بعد شهر من تلك المشادة في البرلمان الأوروبي- كان هو من يبتسم في وجه فون دير لاين، إذ احتفل، وهو الشريك التاريخي لقادة إسرائيل وروسيا، بعودة ترامب إلى رئاسة الولايات المتحدة.
وذلك عكس رئيسة المفوضية الأوروبية التي التزمت الصمت عندما صرح ترامب، بأن "الولايات المتحدة ستسيطر على قطاع غزة"، وتحدث عن تحويل القطاع الفلسطيني إلى "ريفييرا الشرق الأوسط"، على الرغم من أن مشروعا كهذا يرقى بوضوح إلى "تطهير عرقي".
وشرح أستاذ العلوم السياسية أن أوروبا تأسست على سيادة القانون، ومن هنا يأتي الأثر الكارثي على الساحة الدولية جراء عجزها عن الدفاع بذات الحزم عن مبادئ القانون في أوكرانيا والشرق الأوسط، في ضعف واضح إزاء الموقف الأميركي.
عام 2025 يعتبر العام الذي تسببت فيه أوروبا، من خلال اصطفافها مع الولايات المتحدة بغزة، في إضعاف المقاومة الأوكرانية بشكل خطير
وتابع أن الاتحاد الأوروبي، الذي اعتمد بالفعل 17 حزمة من العقوبات ضد روسيا، أثبت عجزه عن اتخاذ أدنى إجراء ضد إسرائيل، رغم المجاعة التي تفتك بالقطاع.
كما انقسمت دول الاتحاد الـ27 بشأن حل الدولتين، وتابع أن هذا الانسداد دفع فرنسا، المصممة على إحياء هذه العملية الدبلوماسية، إلى البحث عن دعم خارج الاتحاد الأوروبي، في المملكة المتحدة وكندا وأستراليا.
وذكر أن عام 2025 يعتبر العام الذي تسببت فيه أوروبا، من خلال اصطفافها مع الولايات المتحدة بغزة، في إضعاف المقاومة الأوكرانية بشكل خطير، مؤكدا أن الأسوأ من ذلك أن العديد من القادة الأوروبيين لا يزالون لا يدركون ذلك.
وكانت صحيفة إندبندنت البريطانية قد أكدت في تقرير في أكتوبر/تشرين الأول الماضي أن أوروبا وقفت مع إسرائيل منذ نشأتها وكانت لها خير حليف وشريك اقتصادي، وتجلى ذلك في دعم القارة غير المشروط لسياسات إسرائيل العسكرية في فلسطين، ولكن هذا الدعم تبخر مع تصاعد سخط الشعوب الأوروبية تجاه الكارثة الإنسانية في غزة.
وأضافت أن الغضب الشعبي المتزايد دفع حكام القارة إلى مطالبة بنيامين نتنياهو بوقف الحرب وإدخال المساعدات بعد أشهر من الصمت.
وسلطت بيانات نقلها تقرير إندبندنت عن مشروع رصد الصراعات العالمي، الضوء على أثر الغضب الشعبي في تشكيل العلاقات الإسرائيلية الأوروبية، إذ أكدت أن عدد المظاهرات المؤيدة للفلسطينيين في أوروبا قفز من 780 خلال 5 أشهر إلى أكثر من 2066 مظاهرة قبيل توقيع اتفاق إطلاق النار الأخير.
وأكد المشروع أن 15 مظاهرة على الأقل كانت تخرج في أوروبا يوميا دعما لفلسطين.
المصدر:
الجزيرة