آخر الأخبار

تحقيق يكشف تفاصيل ليلة تصفية العلماء النوويين في إيران

شارك
إسرائيل أطلقت عملية "الأسد الصاعد" ضد إيران.. أرشيفية

كشف تحقيق جديد، نشر الأربعاء، تفاصيل جديدة حرب الإثني عشر يوما بين إيران وإسرائيل، وحول عملية "نارنيا" الإسرائيلية، التي استهدفت اغتيال علماء إيران النوويين.

وقبيل انطلاق الشرارة الأولى لحرب الاثني عشر يوما بين إيران وإسرائيل، كانت الاستعدادات شبه مكتملة. نشرت تل أبيب عشرات العملاء المدربين على الأراضي الإيرانية، مسلحين بأسلحة جديدة ومتطورة، وكان سلاح الجو في حالة تأهب لانتظار أوامر ضرب البنية التحتية النووية الإيرانية ومنصات الصواريخ وأنظمة الدفاع الجوي.

لكن المسؤولين الأمنيين الإسرائيليين كانوا يعلمون أنه لإحداث ضرر كبير بالبرنامج الإيراني المترامي الأطراف، كان عليهم القضاء على "العقل المدبر"، الذي يتكون من مهندسين وفيزيائيين إيرانيين تعتقد المخابرات الأميركية والإسرائيلية أنهم يعملون في الظلام لتحويل المواد النووية الانشطارية إلى قنبلة ذرية.

وأسفرت عملية "نارنيا"، التي استهدفت كبار العلماء النوويين الإيرانيين، عن مقتل 11 عالما نوويا إيرانيا بارزا في 13 يونيو وفي الأيام التي تلت ذلك.

وكشفت صحيفة "واشنطن بوست" الأميركية، بالتعاون مع برنامج "فرونت لاين" الذي يبث على قناة "بي بي إس" تفاصيل جديدة حول الهجمات والتخطيط الذي سبقها وتأثير ذلك على إيران، استنادا إلى مقابلات مع مسؤولين حاليين وسابقين من إسرائيل وإيران ودول عربية والولايات المتحدة.

واغتالت إسرائيل عددا من العلماء النوويين الإيرانيين من قبل، لكنها كانت دائما تنكر ضلوعها في عمليات الاغتيال.

لكن في حرب الإثني عشر يوما خرج الدور الإسرائيلي من الظل، إذ أصبحت إسرائيل أكثر جرأة وأقدمت علنا على تفكيك وكلاء إيران في غزة ولبنان وسوريا.

وقال جنرال في سلاح الجو الإسرائيلي شارك في التخطيط للهجوم على إيران: "أخيرا أصبحت لدينا فرصة عمليات لتنفيذ ذلك".

وفي إطار عملية "نارنيا"، جمع محللو الاستخبارات الإسرائيلية قائمة تضم 100 من أهم العلماء النوويين في إيران، ثم قلصوا اللائحة إلى أهداف بنحو 12 شخصا، وبنوا ملفا مفصلا لكل شخص يضم تحركاته ومقر سكنه.

لكن العملية الإسرائيلية لم تخل من الأخطاء، إذ رصدت "واشنطن بوست" ومنصات تحقيقات المصادر المفتوحة مثل "بيلينغكات" مقتل 17 مدنيا في خمس ضربات استهدفت علماء نوويين، باستخدام صور الأقمار الصناعية، وتحديد المواقع الجغرافية للفيديوهات، وإشعارات الوفاة، وسجلات المقابر، وتغطية الجنازات في الإعلام الإيراني.

وأكد التحقيق أن 10 مدنيين، من بينهم رضيع يبلغ شهرين، قتلوا في الضربة التي استهدفت مجمع الأساتذة في حي سعادات آباد بطهران. وتشير إفادات الشهود، إلى جانب مقطع فيديو وصور الأضرار الناجمة عن الانفجار، إلى أن قوة الضربة كانت مماثلة تقريبا لقنبلة تزن نحو 500 رطل.

وقال مسؤولون أمنيون إسرائيليون إنهم فعلوا كل ما بوسعهم للحد من الخسائر المدنية. وأوضح مسؤول رفيع في الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية أن أحد الاعتبارات الرئيسية في تخطيط عملية "نارنيا" كان "تقليص الأضرار الجانبية إلى أقصى حد ممكن".

ومن جهته، قال العميد إيلاد أدري، رئيس أركان قيادة الجبهة الداخلية الإسرائيلية، إن الضربات الإيرانية الانتقامية أصابت مدارس ومستشفيات ومواقع مدنية أخرى، ما أدى إلى مقتل 31 إسرائيليا، فيما قال المتحدث باسم الحكومة الإيرانية في يوليو إن 1062 شخصا قتلوا في الضربات الإسرائيلية، من بينهم 276 مدنيا.

أسلحة خاصة وعملاء نائمون

وأسفرت عملية "الأسد الصاعد" عن تدمير الطائرات الحربية والمسيرات الإسرائيلية، إلى جانب عملاء داخل إيران، لأكثر من نصف منصات إطلاق الصواريخ الباليستية الإيرانية، كما دمرت ما تبقى من دفاعاتها الجوية، وأدت إلى تصفية قيادات في الجيش الإيراني والحرس الثوري، إلى جانب قصف منشآت نووية بالاستعانة بقاذفات "بي-2" الأميركية.

وحشدت إسرائيل داخل إيران أكثر من 100 عميل إيراني، وزودتهم ببعض الأسلحة الخاصة المكونة من ثلاثة أجزاء لتنفيذ ضربات دقيقة ضد أهداف عسكرية، وفق مسؤول أمني رفيع شارك مباشرة في التخطيط.

وتلقى العملاء الإيرانيون تدريبات في إسرائيل وأماكن أخرى، ولم يطلعوا إلا على مهمتهم المحددة دون معرفة النطاق الكامل لما كانت إسرائيل تحضر له.

وقال مسؤول: "هذه العملية غير مسبوقة في التاريخ. لقد حشدنا وصولنا وعملاءنا قرب طهران وبدأنا العملية البرية قبل أن يدخل سلاح الجو الإسرائيلي الأجواء الإيرانية".

وطالما فكرت إسرائيل لعقود في تدمير البرنامج النووي الإيراني وأهداف أخرى، وبدأت العوائق أمام ذلك تتلاشى عقب هجوم 7 أكتوبر 2023 الذي شنته حركة حماس، وما تلا ذلك من تدمير قدرات حزب الله وسقوط نظام بشار الأسد في سوريا في ديسمبر 2024.

وساهمت تطورات أخرى في تسريع التخطيط الإسرائيلي، لكن تدمير حزب الله وسقوط نظام الأسد كانا العاملين الحاسمين، وفقا لجنرال إسرائيلي.

التعقيدات النووية

وتعتقد إسرائيل والولايات المتحدة، في عهدي الرئيسين جو بايدن ودونالد ترامب، أن إيران تعمل على امتلاك سلاح نووي، لكن أجهزة الاستخبارات في البلدين اختلفت أحيانا في تقييم ما يفعله العلماء الإيرانيون وما يعنيه ذلك.

ومنذ عام 2023، جمعت وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية معلومات تفيد بأن باحثين يعملون في وحدة بوزارة الدفاع الإيرانية كانوا يستكشفون طرقا لتسريع بناء سلاح نووي.

وخلص تقرير "سي آي إيه" إلى أن الإيرانيين كانوا يدرسون صنع جهاز نووي بدائي يمكن إنتاجه في ستة أشهر باستخدام مخزونات اليورانيوم المخصب التي يمتلكونها.

التضليل والدبلوماسية

وقال شخص مطلع إن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو عرض على الرئيس الأميركي دونالد ترامب، خلال زيارته في بداية ولايته الثانية، أربعة سيناريوهات لكيفية تطور الهجوم على إيران.

أظهر نتنياهو أولا كيف ستبدو العملية إذا هاجمت إسرائيل وحدها، ثم خيارا ثانيا تتولى فيه إسرائيل القيادة بدعم أميركي محدود، والثالث تعاونا كاملا بين الحليفين، أما الخيار الأخير فكان أن تتولى الولايات المتحدة القيادة.

وبعد أشهر، بدأت التخطيطات الاستراتيجية المكثفة والسرية، وكان ترامب يريد إعطاء فرصة للدبلوماسية الإيرانية، لكنه واصل تبادل المعلومات الاستخباراتية والتخطيط العملياتي مع إسرائيل، وفق مصدرين مطلعين.

وفي منتصف أبريل، منح ترامب إيران مهلة 60 يوما للتوصل إلى اتفاق نووي، وانتهت تلك المهلة يوم الخميس 12 يونيو، وفي تلك اللحظة تحرك نتنياهو وبادر بالهجوم لمباغتة الإيرانيين في طهران.

وحتى بعد بدء القصف وحملة الاغتيالات الإسرائيلية، قدمت إدارة ترامب مقترحا لإيران لحل الأزمة النووية، لكن إيران لم توافق، ولم تدرك آنذاك أن تلك المبادرة كانت فرصتها الأخيرة قبل أن يقرر ترامب إرسال قاذفاته إلى سماء إيران.

وتضمنت شروط الصفقة، التي حصلت عليها "واشنطن بوست" ولم يكشف عنها سابقا، مطالب قاسية، من بينها أن تنهي طهران دعمها لوكلاء مثل حزب الله وحماس، وأن "تستبدل" منشأة فوردو لتخصيب الوقود النووي و"أي منشأة عاملة أخرى" بمرافق بديلة لا تسمح بالتخصيب. وفي المقابل، ستقوم الولايات المتحدة برفع "جميع العقوبات المفروضة على إيران" وفق المقترح المؤرخ في 15 يونيو.

وبعد وقت قصير من نقل المقترح إلى إيران عبر دبلوماسيين قطريين، رفضته طهران، فأجاز ترامب توجيه الضربات الأميركية، بحسب دبلوماسي رفيع شارك في العملية.

سكاي نيوز المصدر: سكاي نيوز
شارك

أخبار ذات صلة



حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا