قالت صحيفة وول ستريت جورنال إن حرب غزة التي استمرت عامين، لم تكن مأساة إنسانية هائلة فقط، بل كانت أيضا صفقة ضخمة للشركات الأميركية التي حققت مليارات الدولارات من المبيعات لإسرائيل ، في ظل دعم سياسي واقتصادي واسع من واشنطن .
وأظهر تحليل الصحيفة لبيانات وزارة الخارجية الأميركية -حسب تقرير بقلم بنوا فوكون- أن واشنطن وافقت على مبيعات أسلحة لإسرائيل تجاوزت قيمتها 32 مليار دولار منذ أكتوبر/تشرين الأول 2023، وهو ما يمثل تضاعفا كبيرا في المساعدات العسكرية المعتادة.
وأوضح الكاتب أن هذه المبيعات "بنت خط إمداد غير مسبوق من السلاح الأميركي إلى إسرائيل، وخلقت تدفقا مستمرا للأرباح، كان أبرز المستفيدين منه شركات مثل بوينغ ، ونورثروب غرومان، و لوكهيد مارتن ، وجنرال دايناميكس، وكاتربيلار.
وتعد شركة بوينغ الرابح الأكبر، بعد أن حصلت على موافقات لصفقات بقيمة تتجاوز 26 مليار دولار، تشمل طائرات إف-35 وقنابل موجهة، كما استفادت شركات أخرى من عقود لتزويد إسرائيل بقذائف دبابات وقطع غيار ومركبات مدرعة.
وكانت أكبر مبيعات الدفاع التي وافقت عليها واشنطن تتعلق بالمقاتلات والقنابل الجوية الموجهة -حسب الصحيفة- أما العقود المتعلقة بالعمليات البرية، مثل الجرافات وقذائف الدبابات ومركبات النقل، فتمثل مبالغ أصغر بكثير، وذلك ما يعكس الدور الحاسم للقصف الجوي في الحرب، حسب الكاتب.
وأشارت الصحيفة إلى أن العبء المالي لهذه الصفقات تحمله دافعو الضرائب الأميركيون، بعد أن ارتفع التمويل العسكري الأميركي لإسرائيل من 3.3 مليارات دولار سنويا إلى 6.8 مليارات في العام الماضي، من دون احتساب المساعدات غير المباشرة.
ورغم الانتقادات الدولية والأزمات الإنسانية الناتجة عن الحرب التي أدت إلى مقتل أكثر من 68 ألف فلسطيني، فإن العقود العسكرية تستمر في التدفق، مدفوعة باعتبارات أمنية وإستراتيجية أميركية، وبمصالح الشركات التي تسعى للحفاظ على خطوط إنتاجها وتوسيع أرباحها.
في الوقت نفسه، واجهت بعض الشركات مقاطعات واستثمارات منسحبة من صناديق أوروبية، مثل صندوق التقاعد الهولندي وصناديق نرويجية، احتجاجا على استخدام معداتها في العمليات العسكرية في غزة.
لا تقتصر الأرباح الأميركية على السلاح وحده، إذ دخلت شركات أمنية وإنسانية أيضا على خط المساعدات والإغاثة التي تمولها واشنطن، عبر مؤسسات يقودها مقربون من إدارة الرئيس دونالد ترامب.
كما أوقفت ألمانيا تصدير الأسلحة التي يمكن استخدامها داخل القطاع، في حين خففت شركات تكنولوجية مثل مايكروسوفت و غوغل و أمازون من تعاونها مع وزارة الدفاع الإسرائيلية بعد احتجاجات من موظفيها، بحسب وول ستريت جورنال.
مع ذلك، لا تقتصر الأرباح الأميركية على السلاح وحده، إذ دخلت شركات أمنية وإنسانية أيضا على خط المساعدات والإغاثة التي تمولها واشنطن، عبر مؤسسات يقودها مقربون من إدارة الرئيس دونالد ترامب .
وتشير تقارير الشركات الكبرى إلى أن الحرب في غزة وأوكرانيا أسهمت في تعزيز الإيرادات الدفاعية الأميركية، في وقت كانت تعاني فيه شركات مثل بوينغ من أزمات إنتاج وإضرابات، لتصبح الحروب الخارجية منفذا لإنعاش قطاع الصناعات العسكرية الأميركي.
وفي حين تتحدث الأوساط السياسية عن قرب انتهاء الحرب، تواصل الإدارة الأميركية طرح صفقات جديدة بقيمة تقارب 6 مليارات دولار لإسرائيل، وهذا يظهر أن العلاقة العسكرية بين البلدين ستستمر لسنوات مقبلة، بصرف النظر عن مسار الصراع الميداني أو نتائجه الإنسانية.
المصدر:
الجزيرة
مصدر الصورة