قالت مجلة لوبوان إن الكاتب الفرنسي الجزائري بوعلام صنصال، الذي كان معتقلا في الجزائر، أفرج عنه أخيرا بفضل مفاوضات سرية ودبلوماسية معقدة شاركت فيها عدة عواصم أوروبية، أبرزها برلين وباريس وروما.
وأوضحت المجلة -في تقرير بقلم عدلان مدي- أن طائرة نقل عسكرية ألمانية ستنقل الكاتب بعد ظهر اليوم من الجزائر إلى برلين برفقة السفير الألماني، وذلك بعد أن قضى قرابة عام تقريبا في سجنه بالجزائر.
وتسارعت الأحداث -حسب المجلة- بعد دعوة الرئيس الألماني فرانك فالتر شتاينماير نظيره الجزائري عبد المجيد تبون إلى العفو عن الكاتب الفرنسي الجزائري في "بادرة" قال إنها ستكون "تعبيرا عن موقف إنساني ورؤية سياسية بعيدة المدى".
وأضاف الرئيس الألماني أن هذه البادرة "ستعكس علاقته الشخصية الطويلة مع الرئيس تبون والعلاقات الجيدة بين بلدينا"، وقد لقيت هذه البادرة صدى إيجابيا لدى الرئاسة الجزائرية، التي أبدت استعدادا للتجاوب بعد أشهر من التواصل الهادئ بين البلدين.
واقترح شتاينماير أن ينقل بوعلام صنصال إلى ألمانيا "لتلقي العلاج الطبي"، نظرا لتقدمه في السن ووضعه الصحي الهش، وبالفعل أوحى التعاطي الرسمي مع النداء الألماني بأن الجزائر ستستجيب لطلب برلين، خاصة أنها خففت الإجراءات للسماح لأقارب الكاتب بزيارته في سجن القليعة غرب الجزائر العاصمة، كما يقول الكاتب.
وفي الكواليس، كانت فرنسا تضغط من أجل الإفراج عن صنصال، لكنها واجهت جمودا في العلاقات مع الجزائر -حسب الكاتب- ولذلك لجأت أولا إلى إيطاليا لفتح قناة وساطة بفضل العلاقات الجيدة بين روما والجزائر، لكن الرئيس تبون رفض المقترح الإيطالي سريعا.
وعندها تحولت الجهود الفرنسية نحو ألمانيا، التي تتمتع بثقة الجزائر وتاريخ من التعاون المتوازن معها، ظهر أنها الطرف الأنسب لقيادة مفاوضات غير مباشرة.
كنا على وشك التوصل إلى حل مرتين هذا العام، لكن تصاعد خطاب اليمين المتطرف واليمين التقليدي، وهجمات وزير الداخلية السابق، كانا ينسفان كل مرة جهود التسوية.
بواسطة مصدر جزائري
ومن خلال دبلوماسية هادئة ومستمرة -كما يقول الكاتب- نجح الرئيس الألماني في الحصول على وعد شخصي من تبون بالعفو عن الكاتب، مع الحرص على ألا تبدو الجزائر خاضعة لأي ضغط خارجي، وخصوصا من فرنسا.
ومع الوقت، أسهمت تغييرات سياسية في فرنسا، من ضمنها رحيل وزير الداخلية المتشدد برونو ريتايو -حسب الكاتب- في تهيئة المناخ المناسب لإنهاء الملف. ويقول مصدر من الجزائر "كنا على وشك التوصل إلى حل مرتين هذا العام، لكن تصاعد خطاب اليمين المتطرف واليمين التقليدي، وهجمات وزير الداخلية السابق، كانا ينسفان كل مرة جهود التسوية".
وجاءت الخطوة النهائية في نوفمبر/تشرين الثاني الجاري، بترتيب نقل صنصال إلى برلين، وهو ما اعتبره المراقبون تتويجا لسلسلة طويلة من الاتصالات السرية التي لم تنقطع منذ مطلع العام، والتي شارك فيها دبلوماسيون وأجهزة استخبارات ومسؤولون من الجانبين.
ومع أن الإفراج عن صنصال مثّل انفراجة كبيرة، فإن المراقبين لا يرون أنه يعني نهاية الأزمة بين الجزائر وفرنسا، بل هو بداية مرحلة جديدة من "المعالجة الجدية" للتوتر بين البلدين، بمساهمة ألمانية واضحة أعادت التوازن إلى هذا الملف الحساس.
المصدر:
الجزيرة
مصدر الصورة