في حال واجهت مشكلة في مشاهدة الفيديو، إضغط على رابط المصدر للمشاهدة على الموقع الرسمي
براغ- شهدت التشيك انتخابات برلمانية مفصلية يوم السبت الماضي، اتسمت بمشاركة جماهيرية واسعة بلغت 68.95%، وأسفرت نتائجها عن تغييرات جوهرية في موازين القوى السياسية التشيكية.
تصدر حزب الملياردير الشعبوي أندريه بابيش المشهد الانتخابي، بعد أن حقق حزبه "آنو – نعم" فوزا لافتا بحصوله على 34.51% من الأصوات، مما منحه 80 مقعدا في البرلمان المؤلف من 200 مقعد، وجاء في المركز الثاني ائتلاف يمين الوسط "سبولو – معنا" بنسبة 33.62% وبعدد 52 مقعدا، في حين حلّ في المرتبة الثالثة حزب "ستان" بحصوله على 11.23% من الأصوات، تعادل 22 مقعدا برلمانيا.
كما أظهرت النتائج صعودا لافتا للأحزاب الصغيرة التي أصبحت لاعبا مؤثرا في المشهد السياسي، حيث حقق حزب القراصنة نسبة 8.97% من الأصوات محصلا 18 مقعدا، ونال حزب الحرية (إس بي دي) اليميني المتطرف 7.87% و15 مقعدا، وجاء حزب السائقين في المرتبة الأخيرة بنسبة 6.37% منحته 13 مقعدا في البرلمان.
وفي مؤتمر صحفي عقده في القصر الرئاسي بالعاصمة براغ، وحضرته الجزيرة نت، أعلن الرئيس التشيكي بيتر بافيل أن المشهد السياسي يتجه نحو تشكيل حكومة ائتلافية ثلاثية تضم حركة "آنو" وحزب "الحرية والديمقراطية "، و"حزب سائقي السيارات"، على أن تُحدد تركيبتها النهائية وأسماء وزرائها لاحقا.
وأوضح بافيل أن عملية تشكيل الحكومة ستجري بالتوازي مع تشكيل مجلس النواب الجديد من دون الالتزام بجدول زمني محدد، مؤكدا استمرار المشاورات وفق مقتضيات المرحلة، كما أشار إلى أنه ناقش مع الأحزاب المعنية قضايا داخلية وخارجية، وأنه يدرك توجهاتها، معربا عن أمله في أن تضع جميع الأطراف مصلحة البلاد فوق كل اعتبار، خصوصا في ما يتعلق بعلاقاتها داخل الاتحاد الأوروبي ، و حلف الناتو .
ويرى برجيتيسلاف توريتشيك رئيس قسم الشرق الأوسط في جامعة متروبوليتني في العاصمة براغ، أنه لايزال الحديث عن تحالف محتمل بين أحزاب "آنو" و"السائقين" و"الحرية" سابقا لأوانه في ظل مؤشرات على وجود خلافات بينها.
مضيفا أنه لا يُستبعد أن يتجه أندريه بابيش لاحقا للتعاون مع الحزب الشعبي المسيحي إذا ما تفكك تحالف "سبولو" السابق.
وقال "تبقى الاحتمالات السياسية مفتوحة ومتعددة، لكن السياسة الخارجية المرتقبة لحكومة بابيش يُتوقع أن تكون قريبة من نهج حكومة بيتر فيالا الحالية، ولكن بخطاب أقل طابعا أيديولوجيا وأكثر واقعية وبراغماتية، مع الاستمرار في الالتزام بعلاقات التعاون ضمن حلف شمال الأطلسي والاتحاد الأوروبي، انسجاما مع إرادة الناخبين الذين أبدوا رفضهم لسياسة خارجية تقوم على الخطاب الأيديولوجي".
ويضيف توريتشيك للجزيرة نت، من المتوقع أن يشكل توجه الحكومة التشيكية الجديدة برئاسة أندريه بابيش نحو اليمين عاملا مهما في إعادة صياغة السياسة الخارجية لبراغ، خصوصا في ملفات الهجرة والعلاقات مع إسرائيل و الشرق الأوسط .
فعلى صعيد الهجرة، تميل الحكومة المقبلة إلى تشديد مواقفها انسجاما مع المزاج الشعبي الرافض لاستقبال المهاجرين، ومع تصاعد القلق الأوروبي من تداعيات هذه القضية، مما يمنحها شرعية لنهج أكثر تحفظا وانتقادا لسياسات الاتحاد الأوروبي.
أما في علاقاتها مع إسرائيل، فرغم ترجيح استمرار الشراكة الوثيقة معها، فإن براغماتية بابيش واستيعابه لحساسية الرأي العام المحلي إزاء ما يجري في غزة تدفعانه إلى إظهار مواقف أكثر توازنا، خصوصا في ضوء إدراكه لاحتمال أن يضر الانحياز غير المشروط ل تل أبيب بالمصالح التشيكية في العالم الإسلامي، كما كشفت حوادث دبلوماسية سابقة.
وبصفته صاحب القرار الأول في السياسة الخارجية، يعتزم بابيش الحفاظ على علاقات قوية مع إسرائيل مع إبداء مرونة أكبر تجاه المواقف العربية، مما قد ينعكس في تخلي تشيكيا عن بعض سياساتها التقليدية مثل عرقلة العقوبات الأوروبية على المستوطنين، واقترابها من الموقف الأوروبي الداعي لمحاسبة إسرائيل على انتهاك القانون الدولي.
من جانبه، قال بدر الوريك، رئيس مركز الفردوس الإسلامي والمسجد في العاصمة براغ، إن ما يهم الجالية المسلمة والعرب بشكل خاص في هذه الانتخابات هو إصرار رئيس الحزب اليميني المتطرف توميو أوكامورا "حزب الحرية إس بي دي" على المشاركة في الحكم، مع تسلمه حقيبتين وزاريتين هما الداخلية والزراعة.
مشيرا في حديثه للجزيرة نت إلى أن أوكامورا يصر بشكل علني على إقالة رئيس الشرطة، الذي طالب بمحاكمته وتسليمه للعدالة ورفع الحصانة عنه بتهم عنصرية طالت المهاجرين والمسلمين، وقد يواجه السجن لمدّة 3 سنوات، مؤكدا أن وصوله إلى هذا المنصب سيتيح له تنفيذ تغييرات تُهيئ البيئة المناسبة لمواصلة هجومه على العرب والمسلمين.
وبيّن أن أوكامورا ربما يسعى للتأثير على المسلمين بأساليب مضللة ومفتعلة، من خلال الدعوة إلى منع ارتداء الحجاب وإغلاق المساجد في البلاد، على غرار ما قام به سابقا عندما تولى منصب نائب رئيس مجلس النواب، ورئاسة لجنة الأمن الداخلي في البرلمان.
ويضيف الوريك أن الملف الأمني لأوكامورا أصبح هاجسا يلازمه، يظهر بوضوح في خطاباته وحتى في دفاعه عن رئيس حزب "آنو" أندريه بابيش، الذي يواجه بدوره اتهامات بالفساد، ويلفت أوكامورا إلى أن هذه التهم تُستخدم لأغراض سياسية، في محاولة منه لتقديم نفسه كـ"حمَلٍ وديع".
وفي السياق نفسه، أرسلت محكمة براغ أمس الثلاثاء طلبا لرفع الحصانة عن أوكامورا، تمهيدا لمحاكمته، قبل أن يدخل في الحكومة الجديدة، ويصبح موضع رفع الحصانة عنه أمرا معقدا، مع امتلاك الائتلاف الذي قد يشكل 108 أصوات داخل البرلمان.
Czechia citizens need to vote hard today to stop Russia propaganda puppet Babis getting into power.
Thousands of Russian bot accounts are trying to influence the Czech elections.
Voting will continue until tomorrow at 3pm.
Please pray for the Czech Republic. pic.twitter.com/A8Lkf4KUsR
— Bricktop_NAFO (@Bricktop_NAFO) October 3, 2025
ومن أمام القصر الجمهوري، وخلال المؤتمر الصحفي الذي أعقب لقاءه بالرئيس التشيكي، صرح أوكامورا في ردّه على أسئلة الجزيرة نت بأنه سيشارك في الائتلاف الحكومي بشكل فاعل، لا بصفته داعما صامتا، مؤكدا أن نشاطه السياسي سيكون منسجما مع سياسات جميع دول العالم.
وفي ما يتعلق بمخاوف المسلمين المهاجرين منه، قال "يجب أن تكون أقوالي موحدة، فأنا لا أرغب في استقبال اللاجئين في بلادي، وفي الوقت نفسه، إذا رغبنا في بناء كنائس في بلادهم، فلن يسمحوا بذلك".