آخر الأخبار

لوفيغارو: المنفى المؤلم لبدو هجّرتهم أعمال العنف في جنوبي سوريا

شارك

يعيش آلاف البدو الذين فروا من محافظة السويداء ، معقل الطائفة الدرزية ، معاناة النزوح القسري بعد أن هجّرهم تصاعد العنف الطائفي هناك، وهم يرون آمالهم في العودة تتلاشى.

بهذه المقدمة افتتحت صحيفة لوفيغارو تقريرا بقلم مراسلتها الخاصة من منطقة درعا أبولين كونفان، ذكّرت فيه بالأزمة التي بدأت في يوليو/تموز 2025 إثر اختطاف شبان من البدو بائع خضار درزيا، تفجر جراءه صراع دموي بين الطرفين في ظل توترات تاريخية متجذرة.

اقرأ أيضا

list of 2 items
* list 1 of 2 موقع بريطاني: لا أمل في اقناع بوتين والحرب قادمة
* list 2 of 2 ضابط إسرائيلي متقاعد: على تل أبيب أن تضرب أساطيل غزة بيد من حديد end of list

قتل خلال أسبوع واحد في هذا الصراع أكثر من 2000 شخص، معظمهم من السكان البدو -كما تقول المراسلة- مما جعل البدو يلجؤون إلى مناطق مجاورة في محافظة درعا ، فاحتلوا المدارس المهجورة بعد سنوات الحرب، وحولوا الصفوف الدراسية إلى ملاجئ مكتظة.

مصدر الصورة عناصر من المسلحين الدروز الموالين لحكمت الهجري خلال دورية في السويداء بعد اتفاق وقف إطلاق النار (الفرنسية)

واختارت المراسلة من بين هؤلاء قصة عبير الحمد، وهي أرملة فقدت زوجها وولديها خلال الأحداث، وهي تروي كيف أُعدموا أثناء رعي الغنم، وكيف رُفض تسليم جثثهم ودفنوا في مقبرة جماعية.

وعلقت المراسلة بأن قصة هذه السيدة تعكس حجم الألم والانكسار الذي يعانيه النازحون، الذين يعيشون في ظروف قاسية بلا مأوى حقيقي ولا أمل قريب في العودة، في ظل تهديدات مستمرة من الطرف الآخر، وغياب أي ضمانات حقيقية.

ورغم أن السلطات السورية أعلنت عن خطة لإعادة الاستقرار للجنوب، فإن الشيخ حكمت الهجري ، أبرز الزعماء الروحيين للدروز، رفض الخطة واتخذ موقفا معارضا للنظام في دمشق، مما أجهض أي محاولات للوساطة وسط اتهامات من البدو بأن الزعيم الديني الدرزي يمنع عمدا عودتهم.

محاولة تغيير ديمغرافي

والآن مع اقتراب العام الدراسي، بدأ الهلال الأحمر السوري بإجلاء اللاجئين، وتوزيع خيام عليهم لنقلهم إلى أراض تابعة للدولة، ويشرح أحدهم أن "العام الدراسي سيبدأ غدا، ومن الضروري إخلاء المدارس في منطقة درعا التي كانت العائلات البدوية النازحة قد لجأت إليها".

مصدر الصورة دخول قوات الشرطة العسكرية إلى محافظة السويداء بالتنسيق مع وزارة الداخلية لضبط الأمن (وزارة الدفاع السورية)

ولكن امرأة ترتدي حجابا أصفر -كما تقول المراسلة- تسحب حزمتها بصعوبة نحو داخل المدرسة، قائلة "ليس لدينا خيار سوى النوم في الخيمة. لا يمكننا العودة إلى بيوتنا الآن، فهم لن يسمحوا لنا بذلك"، وقربها تقول عبير الحمد "لا أريد العودة إلى السويداء، لقد قتلوا أبنائي وزوجي".

إعلان

ويرى العديد من البدو مثل فوزي العميري، ممن فقدوا منازلهم وممتلكاتهم في السويداء حسب المراسلة، أن ما يحدث ليس مجرد نزاع طائفي، بل محاولة لـ"تغيير ديمغرافي"، تفرغ بموجبه المناطق من سكانها السنة لصالح مكون طائفي واحد.

وفي المقابل، لجأ آلاف من الدروز أيضا إلى دمشق، حيث يعيشون أوضاعا صعبة -كما تقول المراسبة- في ظل ما يصفونه بحصار حكومي على مناطقهم، وندرة في المواد الغذائية والدواء والوقود.

الحكومة السورية قد تستغل الوضع الراهن لإعادة توزيع السكان وفق توازنات طائفية ومناطقية جديدة عبر تثبيت البدو في القرى المدمرة غرب السويداء، وتحويلها إلى مناطق ذات غالبية سنية.

ويرى محللون مثل الباحث سيدريك لابروس أن الحكومة السورية قد تستغل الوضع الراهن لإعادة توزيع السكان وفق توازنات طائفية ومناطقية جديدة عبر تثبيت البدو في القرى المدمرة غرب السويداء، وتحويلها إلى مناطق ذات غالبية سنية، وبهذا تقدم نفسها كميسر لعودة النازحين، لكنها فعليا ترسم خريطة سكانية جديدة تحمي بها مصالحها وتقلل من فرص اندلاع نزاعات مستقبلية.

ومع أن وزارة الطوارئ السورية تنفي وجود أي خطة سرية لإعادة توطين النازحين حسب المراسلة، فإن العديد من السكان والناشطين يتحدثون عن رسائل رسمية غير معلنة تشير إلى نية إسكان العائلات البدوية في القرى المهجورة.

وخلصت المراسلة إلى أن النزاع الدموي الأخير في السويداء عمّق فيما يبدو الشرخ التاريخي بين الدروز والبدو، وخلّف جراحا يصعب التئامها، سواء على المستوى الإنساني أو السياسي، في ظل غياب المصالحة وغيوم التغيير الديمغرافي التي تخيم على مستقبل الجنوب السوري.

الجزيرة المصدر: الجزيرة
شارك

أخبار ذات صلة



حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا