آخر الأخبار

الأردن: تحالفات نيابية محتدمة تسبق انعقاد الدورة البرلمانية

شارك
مصدر الصورة Credit: facebook/representativesjo

هديل غبّون

عمّان، الأردن (CNN)-- أصدر العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني، الأحد، مرسومين ملكيين يقضيان بإرجاء اجتماع مجلس الأمة في دورته العادية من الأول أكتوبر/ تشرين الأول المقبل إلى السادس والعشرين منه، والدعوة إلى الاجتماع في هذا التاريخ، وذلك استنادًا إلى أحكام المادة (78) من الدستور الأردني، التي تجيز للملك الإرجاء مدة لا تتجاوز شهرين.

وربط مراقبون وحزبيون الأمر الملكي بعدة مستجدات، أبرزها التطورات الإقليمية في المنطقة، والتحركات المكثفة التي تشهدها أروقة مجلس النواب العشرين، سواء من قبل الكتل النيابية أو الحزبية، في أعقاب إعلان عدد من الأحزاب اندماجها مؤخرًا، فضلًا عن المشاورات الجارية بشأن سباق المنافسة على رئاسة البرلمان.

وكان البرلمان قد دخل في عطلة نيابية منذ فضّ الدورة العادية الأولى السابقة في 18 مايو/ أيار من العام الجاري، حيث لم يَدعُ الملك مجلس الأمة بشقيه من النواب والأعيان، إلى دورة استثنائية بموجب صلاحياته الدستورية.

ووجّهت العديد من الانتقادات الشعبية لأداء البرلمان العشرين في عامه الأول، وسط توقعات مراقبين بتحسن الأداء التشريعي والرقابي في الدورة المقبلة، مع انتظار النواب مناقشة تعديلات قانونية مفصلية تمس شرائح واسعة من قواعد الناخبين، مثل قانون العمل والضمان الاجتماعي وضرائب الأبنية والأراضي والإدارة المحلية، وربما قانون الانتخاب الذي أفرز المجلس الحالي بصورته الحزبية الجديدة.

واعتبر مدير مركز الحياة "راصد" الأردني، الباحث عامر بني عامر، أن إرجاء انعقاد الدورة العادية لمجلس الأمة إلى السادس والعشرين من أكتوبر يعكس حالة الانشغال للمؤسسات الرسمية في ظل المتغيرات الإقليمية والدولية الراهنة، لا سيما بعد زيارة الملك عبدالله الثاني إلى نيويورك، وما حملته من مؤشرات على ترتيبات جيوسياسية جديدة مرتقبة على مستوى المنطقة، سيكون للأردن دور محوري فيها، على حدّ قوله.

ورأى بني عامر، في حديث لموقع CNN بالعربية، أنه لا يوجد "عبء تشريعي ملحّ" أو قوانين اقتصادية أو اجتماعية عاجلة تنتظر البرلمان في أقرب وقت، مبينًا أن العديد من الملفات المرتقبة على جدول أعمال الدورة العادية المقبلة "روتينية"، مثل مشروع قانون الموازنة العامة. وأضاف: "الدورة الجديدة لن تتضمن مشاريع قوانين ذات طابع طارئ أو مستعجل".

وشهدت العلاقة بين مجلس النواب وحكومة رئيس الوزراء جعفر حسّان خلال العام الأول حالة من "الهدوء والاستقرار"، دون تجاذبات حادة أو ضغوط متبادلة، بحسب بني عامر، الذي أشار إلى رصد "تحرك واضح" للنواب استعدادًا للدورة المقبلة بهدف تحسين صورتهم أمام الشارع وتعزيز ثقة الرأي العام، والذي ظهر من خلال عدة ممارسات خلال العطلة النيابية، مثل تكثيف الأسئلة النيابية والزيارات الميدانية.

وأشار بني عامر، المختص بالرقابة على أداء البرلمان، إلى أن الإرجاء يشكّل فرصة سانحة للكتل النيابية والحزبية لإعادة ترتيب أوراقها وتموضعها مجددًا بعد العام الأول من العمل النيابي. وقال: "الاندماجات الحزبية الجارية أعادت رسم المشهد داخل المجلس، ومن المتوقع أن يتشكل تحت القبة ما لا يقل عن 4 كتل برلمانية وازنة، تضم نحو 90 نائبًا، وربما يصل العدد إلى 100 نائب مع استكمال المشاورات الجارية".

وتوقع بني عامر، أن تحتدم حدة المنافسات على منصب رئاسة المجلس والنائب الأول، مع تلك الاندماجات وبروز كتل وتحالفات أكبر، مثل "ميثاق"، و"الوطني الإسلامي" وحلفائه، و"مبادرة" الذي شهد اندماج حزبي "إرادة" و"تقدّم" مؤخرا، مشيرًا إلى أن هذه التحالفات ستؤثر مباشرة على موقع رئاسة المجلس والنائبين الأول والثاني، وقال: "باعتقادي أن النظام السياسي أراد أن يمنح فرصة لهذه الأطراف أن تأخذ فرصتها. كل ذلك قد يكون وراء هذا الإرجاء".

ولا تقتصر المنافسة على هذه المواقع، بل تمتد إلى توزيع المواقع القيادية داخل المجلس، بما في ذلك رؤساء اللجان الرئيسة كـ"اللجنة المالية" و"القانونية"، في إطار سعي الكتل الكبرى لترجمة وزنها العددي إلى مواقع مؤثرة في صنع القرار التشريعي والرقابي.

وشهدت الدورة العادية الأولى للمجلس النيابي نشاط 6 كتل برلمانية، تضم في غالبيتها أعضاء أحزاب وسطية حديثة النشأة ومستقلين، هي: كتلة "عزم"، وكتلة "اتحاد الأحزاب الوسطية"، وكتلة حزب "إرادة والوطني الإسلامي"، وكتلة "الميثاق"، وكتلة "تقدّم"، وكتلة "حزب جبهة العمل الإسلامي".

وحصلت 10 أحزاب أردنية على 124 مقعدًا من مجموع 138 مقعدًا في البرلمان، موزعة بين مقاعد الدائرة العامة (الحزبية) التي خصص لها 41 مقعدا، ومقاعد الدوائر المحلية في انتخابات البرلمان العشرين عام 2024.

وفي سبتمبر/أيلول الجاري، أُعلن عن اندماج "حزبي إرادة وتقدّم" في حزب جديد أُطلق عليه اسم "مبادرة"، كما تم الإعلان في يوليو/ تموز الماضي عن اندماج 3 أحزاب في حزب الاتحاد الوطني الأردني، ما يرجح فرض إعادة بناء التحالفات داخل البرلمان.

ويُعدّ هذا الحراك "صحيًا"، وفق بني عامر، ويعكس تطور العمل الحزبي وإعادة التموضع السياسي داخل البرلمان، لا سيما وأن العام الأول مثّل تجربة أولى للأحزاب السياسية الناشئة داخل قبة البرلمان، بعد عقود من غياب الكتل السياسية الحقيقية، معتبرًا أن المرحلة السابقة كانت تعتمد على كتل فردية أو شكلية، باستثناء حزب جبهة العمل الإسلامي .

وأضاف أن الدراسات التي أُجريت على الأداء البرلماني في الدورة الأولى السابقة أظهرت أن نسب الانسجام التصويتي داخل الكتل الحزبية الناشئة تراوحت بين 87% وفي حالات قليلة وصلت إلى 94%، وهو مؤشر على وجود محاولات جادة لبناء مواقف موحدة وتطوير الأداء الجماعي، متوقعًا أن تشهد السنة الثانية من عمر البرلمان نضجًا وفاعلية أكبر في العمل التشريعي والرقابي.

ويُعدّ قانون الانتخاب استحقاقًا تشريعيًا لا يمكن تجاوزه خلال الدورة المقبلة أو التي تليها بحسب بني عامر، لارتباطه بـ"خطة التحديث السياسي" التي أقرتها اللجنة الملكية، معتبرًا أن القانون ليس خاضعًا للتجاذبات أو التفاهمات الحزبية.

وأوضح أن التعديل المرتقب، هو تعديل حتمي، من أجل تحديد آلية رفع نسبة المقاعد المخصصة للقوائم الحزبية إلى 50%، وهو ما نصت عليه مواد القانون ضمن المرحلة الثانية من عملية التحديث، مبينًا أن تحديد آلية الزيادة – سواء عبر توسيع القوائم الوطنية أو تعديل نسب المقاعد – لا يزال بحاجة إلى نقاش وتفسير تشريعي.

وفيما يتعلق بالإسلاميين، يعتقد بني عامر أن حزب جبهة العمل الإسلامي يتعامل بهدوء في هذه المرحلة، ولا يُظهر تجاذبات أو معارضة حادة كما في السابق، مشيرًا إلى أنهم جزء من معادلة التحديث السياسي ومشاركون في استحقاقاته، وليسوا في موقع التعطيل أو التصعيد.

وتتداول وسائل إعلام محلية ترشيحات أولية لتلك المواقع، من بينها رئيس مجلس النواب في دورته الأولى أحمد الصفدي وزميله من حزب "الميثاق" المحسوب على الخط الرسمي، مازن القاضي، وكذلك النائب مصطفى الخصاونة عن حزب "مبادرة" الذي شغل موقع النائب الأول للمجلس.

من جهته، رجّح الأمين العام لحزب المحافظين الأردني طلال الشرفات صدور مرسوم إرجاء اجتماع مجلس الأمة قرابة شهر بسبب الظروف الإقليمية والدولية والتجاذبات على الساحة المحلية، وقال: "بتقديري، هذا الخيار مرتبط إلى حدّ كبير بالظروف الإقليمية وتموضع الكتل النيابية الحزبية أو التوافقية الأخرى، ولا يرتبط كثيرًا بالمنافسة على موقع رئاسة المجلس".

ورأى الشرفات، العضو السابق في مجلس الأعيان، في حديث لموقع CNN بالعربية، أن الإرجاء قد يكون مرتبطًا أكثر "بالتحضير لمشاريع القوانين التي ستُطرح على جدول أعمال مجلس الأمة، وتجهيز الوزراء أنفسهم للإجابة عن الأسئلة النيابية الكثيرة التي وُجهت خلال العطلة النيابية وتحتاج إلى إجابات في جلسات رقابية قادمة".

وشكّل عدد من النواب مؤخرًا ، تيارا جديدا، أسموه تيار "التغيير"، بهدف التأثير في موقع المنافسة على رئاسة المجلس، وقد أعلن التيار انسحاب عضوَين منه من سباق الرئاسة والنائب الأول، لصالح النائب الخصاونة لموقع الرئاسة وترشيح النائب محمد الغويري عن كتلة "عزم" لموقع النائب الأول للرئيس، واعتبرت أوساط نيابية ذلك تجاذبًا مبكرا بين الكتل.

وعلى مستوى المنافسة على رئاسة البرلمان والكتل النيابية، قال الشرفات: "بتجرّد، هناك ضغوط تمارسها بعض الشخصيات داخل الكتل النيابية لمحاولة تغيير رئاسة مجلس النواب لاعتبارات شخصية وسياسية وبرلمانية".

ورأى الشرفات الذي شهد حزبه اندماج أحزاب أخرى معه، أن الاعتبارات الشخصية تؤثر أكثر من السياسية في انتخابات المكتب الدائم والتحالفات التي ستتشكل، وقال: "أعتقد أيضًا أنه سيتم إبعاد الإسلاميين عن المواقع في المكتب الدائم واللجان الرئيسة المرتبطة بشكل كبير بصنع القرار النيابي في المرحلة المقبلة".

وأشار الشرفات إلى أن الكتل الحزبية ما تزال "ضعيفة" ومرتبطة بتوزيع المصالح النيابية،، لافتًا إلى أن مدى حسم المنافسة سيتضح خلال الأسبوعين المقبلين مع دخول السباق الانتخابي مراحله قبل النهائية.

وبشأن ترشيحات موقع الرئاسة، قال إن "ما تردد إعلاميًا عن نية ترشح رئيس البرلمان في دورته الأولى إلى موقع نائب الرئيس (سابقة غير إيجابية) في العمل البرلماني، ولا تستند إلى خيارات حزبية حقيقية، بل إلى توزيع مواقع وفق ظروف السباق الانتخابي"، فيما أشار إلى أن احتمالات ترشيح نائبين من حزب واحد إلى موقع الرئيس والنائب الأول، كما يتم تداوله إعلاميا عن حزب الميثاق، "يثير تساؤلات عن مدى تقبّل الأحزاب الأخرى لهذه الخيارات ومدى فاعليتها".

سي ان ان المصدر: سي ان ان
شارك

أخبار ذات صلة



حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا