آخر الأخبار

ما الذي يهدد حقا مستقبل هيمنة واشنطن؟

شارك

في حال واجهت مشكلة في مشاهدة الفيديو، إضغط على رابط المصدر للمشاهدة على الموقع الرسمي

مقدمة المترجم

ما هي نقطة الضعف الرئيسية التي تهدد الهيمنة العسكرية الأميركية وتقوض موقف الولايات المتحدة في المنافسة مع الصين ؟

من وجهة نظر زميلة مجلس العلاقات الخارجية الأميركي هايدي كريبو ريديكر في المقالة المنشورة على فورين أفيرز، فإن نقطة الضعف تلك لا تتعلق بالقدرات العسكرية ولا بالتفوق التكنولوجي ولا حتى بالاقتصاد، ولكنها ترتبط بشح المخزون الأميركي وضعف سلسلة التوريد الخاصة بالعناصر الأرضية النادرة والفلزات اللازمة لصناعات التكنولوجيا والطاقة والصناعات العسكرية.

اقرأ أيضا

list of 2 items
* list 1 of 2 لست وحدك في الكون.. رسالة العرض العسكري الصيني لترامب
* list 2 of 2 جيم مايتر للجزيرة نت: حرب جديدة على الأبواب ستحدد من سيسيطر على العالم! end of list

ويُعد تفوق الصين الكاسح على هذا الصعيد مهددا حقيقيا للهيمنة العسكرية والاقتصادية الأميركية في المديين المتوسط والبعيد.

نص الترجمة

في الفترة السابقة للحرب العالمية الثانية ، أصبحت الولايات المتحدة معتمدة اعتمادا خطيرا على الواردات الأجنبية من المعادن والفلزات الأساسية، على الرغم من تحذيرات المسؤولين من نقاط الضعف في سلاسل التوريد على مدار عقد من الزمان.

وبحلول عام 1939، أقر الكونغرس قانوناً لإنشاء مخزون الدفاع الوطني (NDS). ولكن عندما خاضت الولايات المتحدة الحرب بعد عام واحد، كان حجم وإلحاح احتياجاتها الدفاعية الفورية يفوق بفارق هائل طاقة مرافق التعدين والإنتاج المحلية، فضلاً عن مخزونها الوطني الجديد.

وقتها، كان على الرئيس فرانكلين روزفلت أن يسارع إلى تحويل السيطرة على المخزون إلى وكالة حديثة الإنشاء يديرها صناعيون مدنيون باسم "شركة احتياطي المعادن"، التي جابت العالم شرقا وغربا لشراء أو مقايضة كل ما يمكن أن تصل إليه يدها بأي ثمن.

ولدعم اقتصاد الحرب، عملت الوكالات الحكومية والهيئات الصناعية الخاصة أيضا على توسيع عمليات التعدين والتكرير المحلية في الولايات المتحدة، وتصميم بدائل للمواد، وتمويل التقنيات اللازمة لتحسين كفاءة المناجم وإنتاجيتها.

ورغم أن الولايات المتحدة واصلت مسيرتها نحو تحقيق فوز حاسم في الحرب، فإن ضعف استعداد البلاد تسبب في الكثير من النفقات الطارئة التي كان يمكن الاستغناء عنها في ظل منافسة محمومة للتفوق على قوى المحور في الحصول على المواد الأساسية، ناهيك بالتأخير المكلف في زيادة إنتاج الدبابات والطائرات والذخيرة، وهو ما اضطر واشنطن إلى الاعتماد على مصادر أجنبية غير مضمونة وغير مجربة للمعادن والفلزات، واستخدام طرق الشحن المعرضة للهجمات.

إعلان

واليوم تجد واشنطن نفسها في وضع مماثل لذلك الذي عاشته في أواخر ثلاثينيات القرن العشرين. لقد أدرك المسؤولون الحكوميون والمحللون المستقلون منذ فترة طويلة أن أميركا باتت تعتمد اعتمادا مفرطا وخطيرا على الخصوم الأجانب، وخاصة الصين، للحصول على المعادن الأساسية والفلزات والعناصر الأرضية النادرة.

وتلعب هذه الموارد -التي تعد مدخلات أساسية في صناعة التقنيات المتقدمة والبنية الأساسية للطاقة وأنظمة الدفاع- دورا حيويا في اقتصاد الولايات المتحدة في زمن السلم وفي ضمان أمنها القومي. وعلى مدار العقد الماضي، اتخذت واشنطن بالفعل بعض الخطوات المهمة لمعالجة نقاط الضعف في سلسلة التوريد الحيوية للمعادن في البلاد.

لكن هذه الجهود تظل متواضعة للغاية مقارنة بما هو مطلوب تحقيقه. وفي أحد السيناريوهات يمكن للصين إذا تصاعد الصراع الخطير بينها وبين الولايات المتحدة في مضيق تايوان أو في " بحر جنوب الصين "؛ أن تمنع جميع صادراتها من المواد الحيوية إلى الولايات المتحدة وحلفائها على حد سواء.

وعلى النقيض من الوضع في مطلع الأربعينيات، فإن الخصم العسكري الرئيسي الحالي للولايات المتحدة هو ذاته البلد الذي ينتج الغالبية العظمى من المعادن والعناصر الأرضية النادرة اللازمة لتصنيع أنظمة الدفاع والتكنولوجيا المتقدمة، ويسيطر على ما يصل إلى 90% من قدرات المعالجة العالمية لهذه المواد.

ما يعزز هذه المخاوف هو أن بكين أظهرت على مدى السنوات 15 الماضية استعدادا لاستغلال احتكارها شبه الكامل لتوفير ومعالجة الموارد الاستراتيجية لمعاقبة خصومها. على سبيل المثال، في عام 2010، قطعت الصين صادراتها من بعض العناصر الأرضية النادرة إلى اليابان بسبب النزاع حول ما تُطلق عليه بكين اسم جزر دياويو (المعروفة في اليابان باسم جزر سينكاكو).

كما فرضت الصين قيودًا على صادراتها من المعادن الأساسية والعناصر الأرضية النادرة وتقنيات التكرير المرتبطة بها إلى الولايات المتحدة ردًا على ضوابط التصدير والرسوم الجمركية التي فرضتها إدارتا بايدن وترامب.

وفي غياب استجابة عاجلة لمواجهة المخاطر في سلاسل التوريد، فقد لا يكون لدى الولايات المتحدة أي وسيلة لمعالجة قبضة الصين الخانقة على المعادن بشكل مناسب في المستقبل القريب.

هدف أسمى

بعد انتهاء الحرب الباردة ، قررت وزارة الدفاع الأميركية (التي أصبحت وزارة الحرب بعد تغيير اسمها من قبل الرئيس الأميركي دونالد ترامب*) أن 99% من مخزونها الدفاعي الوطني من المعادن الأساسية والعناصر الأرضية النادرة (الذي قدرت قيمته في الحد الأقصى بنحو 42 مليار دولار بعد تعديل التضخم ) كان فائضا عن احتياجها.

وبناء على ذلك، قررت وزارة الدفاع بيع هذا المخزون والتحول إلى الاعتماد على المصادر العالمية في الوقت المناسب.

وعلى مدى العقود الثلاثة التالية، أدى تراجع واشنطن وطموح بكين الاستراتيجي للسيطرة على سلاسل التوريد الكاملة للمعادن الحيوية والعناصر الأرضية النادرة؛ أدى إلى منح الصين بصمة عالمية في مجال التعدين واحتكارا شبه كامل لتقنيات معالجة المعادن الأرضية النادرة.

إعلان

استثمرت بكين في مناجم في أفريقيا وآسيا وأميركا اللاتينية، وبنت مرافقها المحلية للتعدين والتكرير والإنتاج وإعادة التدوير بتكلفة أقل مما تستطيع الشركات الأميركية تحمله، ويرجع ذلك جزئيا إلى مواجهتها لعوائق بيئية وعمالية أقل.

كما طورت الصين تقنيات خاصة بها لتحسين الكفاءة والإنتاجية، بما فيها تصنيع المنتجات النهائية المتطورة مثل البطاريات والتوربينات وحتى الأسلحة.

وقد أدت الاستثمارات المدعومة من جانب الصين إلى دفع العديد من الشركات المنافسة المعتمدة على ديناميات السوق إلى الإغلاق أو الإفلاس. ونتيجة لذلك، تمتلك شركات التعدين الصينية حاليا القدرة على غمر الأسواق وخفض أسعار السلع الأساسية العالمية وتقويض المشاريع التجارية بشكل أكبر.

ومع إدراكه لضعف الولايات المتحدة في مواجهة الصين الصاعدة والمعادية، وقّع الرئيس دونالد ترامب خلال فترة ولايته الأولى سلسلة من الأوامر التنفيذية لضمان قدر أكبر من المرونة في عمليات استكشاف المعادن واستخراجها، والتكرير، والإنتاج، وإعادة التدوير.

وبعد ذلك، أطلق الرئيس جو بايدن تقييمًا حكوميًا شاملاً لمرونة سلسلة التوريد خلال أول 100 يوم من ولايته، واستثمر المزيد من التمويل الحكومي في سلسلة توريد المعادن الحيوية.

جرى توفير القدر الأكبر من هذا الاستثمار عبر برامج المنح أو القروض التي تقدمها وزارة الطاقة وقانون الإنتاج الدفاعي لعام 1950 الذي يسمح للرئيس بمنح الشركات الأميركية والكندية، والأسترالية مؤخرًا؛ منحًا وقروضًا وضمانات قروض، والتزامات شرائية لإعادة فتح المناجم القديمة أو تطوير مناجم جديدة، وبناء مرافق تكرير وإعادة تدوير جديدة، ودعم إنتاج البطاريات.

أثمرت هذه التحركات التي اتخذتها واشنطن تمويل أول مُنتِج أميركي للمنغنيز المستخدم في البطاريات، وأول منشأة متكاملة لتصنيع المغناطيسات الأرضية النادرة، وتوسيع نطاق تعدين وإنتاج الليثيوم وتوسيع سلسلة توريد الغرافيت.

في غضون ذلك، استخدمت إدارة بايدن الأموال الحكومية لدعم البحث والتطوير حول عملية استخراج المواد الحيوية من مصادر غير تقليدية مثل نفايات التعدين وهندسة مواد بديلة جديدة، كما دعمت أيضا الإنتاج التجاري لهذه التقنيات الجديدة في مراحلها المبكرة. وأطلق بايدن شراكة لأمن المعادن مع حلفاء موثوق بهم لتأمين سلاسل التوريد وتنويعها وتوفير التمويل اللازم لها.

استمر النهج ذاته خلال ولاية ترامب الثانية، مع صدور العديد من الأوامر التنفيذية التي تنشئ استراتيجية أكثر مركزية للمعادن الحرجة في إطار "المجلس الوطني للهيمنة في مجال الطاقة" الذي تأسس خصيصا لهذا الغرض، بجانب تسريع إصدار التصاريح لمشاريع التعدين والتكرير الجديدة، وفتح الأراضي الفيدرالية أمام التعدين، وتوسيع أدوات الاستثمار في السياسة الصناعية.

وقد اعترف أول هذه الأوامر التنفيذية بأن "الأمن القومي والاقتصادي للولايات المتحدة أصبح الآن مهددًا بشكل حاد" بسبب "اعتمادها على إنتاج المعادن من القوى الأجنبية المعادية". كما سعى ترامب إلى تأمين الوصول الأميركي إلى رواسب خارجية من المواد الحيوية، مستهدفا جمهورية الكونغو الديمقراطية، وغرينلاند، وأوكرانيا.

مصدر الصورة خريطة غرينلاند (الجزيرة)

لكن الخطوات التي اتخذها بايدن وترامب لن تكون كافية، وأكثر من ذلك يعرض أسلوب ترامب الأحادي الجانب مستقبل الشراكة التي دشنها بايدن في مجال أمن المعادن؛ للخطر، لأن الشراكات تتطلب الثقة.

والخبر الجيد هو أن المفاوضات التجارية مع الحلفاء الأثرياء بالموارد ربما تضمن بالفعل مزيدا من الفرص لتمويل التعدين والتكرير والإنتاج النهائي للمغناطيسات والبطاريات. ولكن مع الأخذ في الاعتبار أن هناك عددا محدودا من البلدان التي تمتلك الأصول الجيولوجية اللازمة للمساعدة في تأمين سلاسل توريد المواد الحرجة، يجب على إدارة ترامب أن تحدد بعناية أفضل السبل للتعامل مع هذه البلدان.

إعلان

وفي هذا الطريق سيتعين على الولايات المتحدة أن تفعل ما هو أكثر من التعدين والمعالجة والتكرير.

إن واشنطن قادرة حقا على اللحاق بالركب، ولكن فقط إذا قامت أيضا بتكثيف تخزين المعادن لتلبية الاحتياجات الدفاعية والمدنية الحرجة، ووظفت أدوات مالية جديدة ومبتكرة لحماية الاستثمارات التجارية الأميركية، وأدخلت سياسات وبرامج تمويلية لتشجيع تطوير صناعة إعادة تدوير المعادن الحيوية والعناصر الأرضية النادرة، فضلا عن دعم البحث والتطوير في هذا المجال بشكل كامل.

القاعدة الأولى

في هذا الطريق، تعد المهمة الأكثر قابلية للإنجاز الفوري هي تعزيز مخزون الدفاع الوطني. وبحلول أوائل عام 2023، كان حجم هذا المخزون يقدر بنحو 1.3 مليار دولار فقط، منها 912 مليون دولار من المعادن المخزنة، وهو رقم يكفي بالكاد لتلبية نصف متطلبات الكونغرس، وأقل من 10% من المعادن المطلوبة للبنية التحتية المدنية الحيوية.

وإجمالا، هناك عجز يقدر بنحو 13.5 مليار دولار يتعين على الكونغرس أن يوفرها سريعا لبناء مخزونات المعادن الضرورية، ومعالجة العجز في الدفاع والصناعة المدنية، مع إعطاء الأولوية لتخزين المعادن الأكثر عرضة للتسليح من قبل الصين (تسليح المعادن يعني توظيفها كسلاح عن طريق منعها عن الخصوم في أوقات الأزمات).

مصدر الصورة حجم الاحتياطي العالمي مع المعادن النادرة سنة 2020 (الجزيرة)

في الممارسة العملية، ينبغي أن تطرح الحكومة الأميركية في البداية سعرا أدنى مقبولا لشراء المواد من الموردين المحليين، وهو ما من شأنه أن يوفر للمنتجين الأميركيين المزيد من اليقين بشأن الأسعار.

لاحقا، ومن أجل توفير أموال دافعي الضرائب الأميركيين، ينبغي للولايات المتحدة أن تتمتع بالمرونة اللازمة للحصول على أفضل سعر متاح في السوق العالمي، والاستفادة من الإغراق الصيني والأسعار المنخفضة عالميا.

وينبغي أن يكون هدف واشنطن في الأمد المتوسط هو إعادة مخزون الدفاع الوطني إلى مستويات الحرب الباردة من أجل تحصين سلاسل التوريد الخاصة بها من أي مخاطر محتملة.

يعد تعزيز مخزون الدفاع الوطني الخطوة الأولى للتحوط ضد الممارسات الصينية غير الخاضعة لقواعد السوق. غير أن الشركات الصينية الكبرى المدعومة من الدولة لا تهيمن فقط على إمدادات المعادن الأساسية والعناصر الأرضية النادرة، وإنما تتحكم أيضا في أسعارها.

وبالمقارنة مع السلع الأخرى مثل النفط الخام، فإن أسعار العديد من المعادن الأساسية ومعظم العناصر الأرضية النادرة غير سائلة (تعني السيولة سهولة تحويل أي أصول -المعادن في هذه الحالة- إلى أموال دون تغير كبير في قيمتها) وغير شفافة.

وإذا لم تبدأ البورصات الخاصة في توفير قدر كافٍ من الوضوح في الأسعار وأدوات تحوط جديدة، فسيتعين على الولايات المتحدة نشر أدوات مالية جديدة حتى تتمكن شركات التعدين والتكرير في السوق من التحوط ضد الإغراق الصيني وانعدام السيولة في الأسعار.

وتستخدم الحكومة الأميركية بالفعل مؤسسة الائتمان السلعي التابعة لوزارة الزراعة لأداء وظيفة مماثلة في 22 سوقا للسلع الزراعية، وحماية المزارعين الأميركيين من عواقب تقلب الأسعار عندما تنخفض إلى ما دون المستويات المطلوبة.

في عام 2024 اقترح 4 من أعضاء مجلس الشيوخ (اثنان من الديمقراطيين واثنان من الجمهوريين) قانون مستقبل المواد الحرجة لدعم معالجة المعادن والمواد المهمة محليًا.

ومن شأن هذا التشريع في حال إقراره أن يمكّن وزارة الطاقة من بدء برامج تجريبية لتثبيت حدود سعرية، أو التزامات سوقية متقدمة، أو عقود آجلة للمشاريع التي تعمل على تقنيات معالجة أو إعادة تدوير المواد الخام الحيوية إلى أشكال نقية مناسبة لتطبيقات الاستخدام الأول.

وبفضل هذا اليقين الجديد بشأن الأسعار، سيصبح بإمكان الشركات التخطيط بشكل أفضل وتأمين تمويل الديون والأسهم بسهولة أكبر. ويهدف مشروع القانون أيضًا إلى إنشاء صندوق متجدد للمواد الحرجة في وزارة الخزانة لإعادة استثمار العائدات في مشاريع جديدة.

وحتى إذا لم يتمكن الكونغرس من تمرير مثل هذا التشريع، فلا تزال لديه خيارات. ويمكن للمشرعين ساعتها أن يسمحوا لقسم المواد الاستراتيجية في وكالة اللوجستيات الدفاعية التابعة لوزارة الدفاع، والذي يدير حاليا مخزون الدفاع الوطني؛ بنشر نفس الأدوات تحت إشراف وزارتي الطاقة والخزانة.

إن تعزيز القدرات المالية للوكالة المسؤولة بالفعل عن شراء وبيع وتخزين وإدارة المعادن الهامة والعناصر الأرضية النادرة، من شأنه أن يعمل على مواءمة الطريقة التي يُدار بها المخزون الوطني مع السياسات الصناعية الأوسع نطاقا.

إعلان

يمكن أيضا منح مؤسسات حكومية أخرى صلاحيات موسعة وأدوات مالية جديدة. وفي كل الأحوال، ينبغي لهذه الإجراءات أن تدعم تنمية سلاسل توريد المواد الحيوية وتحمي الشركات القائمة من خلال شراء الأسهم وتوفير القروض أو ضمانات القروض أو أدوات الائتمان الأخرى التي تقوي موقف الشركات في مواجهة المنافسة الصينية.

وقد تضمن الأمر التنفيذي الأول لترامب بشأن إنتاج المعادن في الولايات المتحدة توسيع سلطة مؤسسة تمويل التنمية الدولية الأميركية (DFC) لتمويل المشاريع المعدنية الحيوية محليا. ونظرًا لأن مؤسسة تمويل التنمية من المقرر إعادة تفويضها في وقت لاحق من هذا العام، فإن الكونغرس يفكر بالفعل في توسيع نطاقها وحجمها والأدوات المالية المتاحة لها.

مصدر الصورة مجموعة من المعادن النادرة في الجزيرة القطبية الشمالية – غرينلاند (الجزيرة)

الكنز في "القمامة"

إن تعزيز قدرة الولايات المتحدة على الوصول إلى المواد الخام ليس إلا جزءا واحدا من اللعبة. وبغض النظر عن أصلها، يتم إرسال أغلب المعادن المهمة وجميع العناصر الأرضية النادرة تقريبا إلى الصين للتكرير والمعالجة، وتعد نقطة الاختناق هذه هي "كعب أخيل" بالنسبة إلى سلسلة التوريد بأسرها.

وعلى ذلك، يتعين على إدارة ترامب أن تعطي الأولوية لتوسيع قدرة التكرير في الولايات المتحدة على دعم مشاريع التعدين الجديدة، ولكن نظرا لأن المصافي تستهلك كميات كبيرة من المياه وتنطوي على مخاطر بيئية، سيظل السماح بإنشاء مصافٍ جديدة أمرا صعبا ويستغرق وقتا طويلا، حتى لو تم تنفيذ الإصلاحات المتوقعة.

وتُقدم إعادة التدوير حلا جزئيا ولكنه حل قوي، فعلى عكس الوقود الأحفوري يمكن استعادة العديد من المعادن الهامة والعناصر الأرضية النادرة من الأجهزة الإلكترونية المستعملة والبطاريات وحتى أنظمة الأسلحة.

ورغم أن طرق إعادة التدوير الحالية لا تستطيع توليد ما يكفي من المواد الاستراتيجية لتحل كليا محل تلك التي تنتجها المناجم ومرافق المعالجة الجديدة، فإن إعادة التدوير يمكن أن تخلق مصدرا ثانويًا رئيسيا للعناصر العامة.

على سبيل المثال، في عام 2022، أطلقت وكالة اللوجستيات الدفاعية (DLA) برنامجا لاستعادة الجرمانيوم -وهو عنصر ضروري لتطبيقات الطاقة والتطبيقات العسكرية ذات التكنولوجيا الفائقة- من أنظمة الأسلحة المتقاعدة "القديمة" ومعدات الرؤية الليلية.

وبعد مرور عامين، ساعد هذا الجهد في سد فجوة خطيرة عندما حظرت الصين صادرات الجرمانيوم إلى الولايات المتحدة. ومن المتوقع أن ينتج برنامج إعادة التدوير 10% من احتياجات صناعة الدفاع الأميركية من الجرمانيوم خلال الأعوام المقبلة.

ولكن حتى قدرة الولايات المتحدة على إعادة تدوير الموارد الاستراتيجية لا تزال متأخرة مقارنة بالصين. على سبيل المثال، تفرض بكين على منتجي البطاريات تحمّل المسؤولية عن دورة حياة منتجاتهم بالكامل، بما يشمل إعادة التدوير، كما يطبق الاتحاد الأوروبي سياسة مماثلة، وينبغي على واشنطن أن تحذو حذوهما بدمج مسألة إعادة التدوير ضمن استراتيجيتها.

ويعني ذلك ربما أن يُطلب من وزارة الدفاع إعادة تدوير المزيد من النفايات العسكرية التي يمكن أن تنتج معادن وعناصر أرضية نادرة.

وقد أوصت وزارة الطاقة بأن تعتمد الحكومة متطلبات لإعادة تدوير البطاريات على غرار تلك التي فرضتها الصين والاتحاد الأوروبي، ولكن لكي يحدث هذا، يتعين على واشنطن دعم تطوير البنية التحتية لإعادة التدوير في القطاع الخاص بما يساعد في خفض التكاليف.

الحاجة إلى الابتكار

وفي نهاية المطاف، يتعين على الولايات المتحدة أن تستثمر المزيد في نوع "الابتكار التكنولوجي" الذي تفوقت فيه بالفعل. لقد استخرجت الشركات الأميركية الليثيوم من رواسب المياه المالحة في تشيلي لعقود من الزمن، وفي الآونة الأخيرة نجحت الابتكارات الممولة حكوميا في استخراج المعادن من المياه المالحة الحرارية في أعماق الأرض في كاليفورنيا.

مصدر الصورة إنتاج الليثيوم والاحتياطي العالمي حسب الدول عام 2022 (الجزيرة)

وتمكن التقنيات الحديثة كذلك من استخراج الليثيوم بكميات تجارية من مياه الصرف الصحي الناتجة عن عمليات تكسير النفط والغاز، مما يفتح المجال لمورد محلي هائل لم يتم التطرق إليه من قبل.

وتستكشف الشركات أيضا أساليب استعادة العناصر الأرضية النادرة من الفحم ومنتجاته الثانوية، مما يحول الالتزامات البيئية إلى فرص استراتيجية. وتعمل المختبرات الحكومية والجامعات على إنشاء شركات ناشئة تركز على تطوير تقنيات ثورية لاستعادة واستخراج المواد الحيوية.

أكثر من ذلك، لربما يؤدي التقدم في مجال كيمياء البطاريات إلى تقليص حاجة الولايات المتحدة إلى بعض المعادن بشكل كامل. على سبيل المثال، تتطلب بطاريات "فوسفات الحديد والليثيوم" الأحدث، كمية أقل من الكوبالت مقارنة بالتصميمات القديمة، في حين قد تؤدي بطاريات "أيونات الصوديوم" إلى تقليل الحاجة إلى الليثيوم والنيكل.

في غضون ذلك، ربما تثمر الابتكارات المدعومة بالذكاء الاصطناعي في مجال هندسة المواد تحديد مركبات أو بدائل جديدة للمدخلات التقليدية قد تقلب افتراضات اليوم حول الموارد المهمة بصورة كلية.

ولكن الابتكارات التي يمكن أن تغير سلاسل التوريد الأميركية تتطلب المزيد من رأس المال والدعم السياسي، بما يشمل تمويلا حكوميا إضافيا للمختبرات والجامعات التي تدرس هندسة المواد، ودعم المشاريع التجريبية والشركات الناشئة في هذا المجال. هناك اتفاق واسع بين الحزبين الجمهوري والديمقراطي على أن الولايات المتحدة يجب أن تضمن قدرتها على الوصول إلى المعادن الحيوية والعناصر الأرضية النادرة، لكن المشكلة أن الوقت لم يعد يسمح "بالتحسينات التدريجية".

إن تصاعد المنافسة بين الولايات المتحدة والصين، وتنامي عدم الاستقرار في منطقة المحيطين الهندي والهادئ، والاتجاه نحو الانفصال الاقتصادي (بين الغرب والصين)، كل هذا يعني أن واشنطن يجب أن تتخذ إجراءات عاجلة.

وكما كان الحال في عام 1940، فإن اللحظة تتطلب الطموح والسرعة في اتخاذ إجراءات على شاكلة وضع استراتيجية وطنية للمعادن الحرجة تعمل على توسيع مخزونات الولايات المتحدة، وتخلق أدوات مالية جديدة لدعم التعدين والتكرير المحليين، وتدعم سريعا عملية إعادة التدوير وتتبنى التقنيات الجديدة. هذه الإجراءات وحدها من شأنها أن تضمن مرة أخرى أن القاعدة الصناعية الأميركية ستكون جاهزة لمواجهة أي تحديات كبيرة في المستقبل.

* إضافة المترجم
هذا التقرير مترجم عن فورين أفيرز ولا يعبر بالضرورة عن موقف شبكة الجزيرة التحريري

الجزيرة المصدر: الجزيرة
شارك

أخبار ذات صلة



حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا