آخر الأخبار

إسرائيل تصعد على كل الجبهات.. هل تدفع الشرق الأوسط للفوضى؟

شارك

في حال واجهت مشكلة في مشاهدة الفيديو، إضغط على رابط المصدر للمشاهدة على الموقع الرسمي

تحذيرات إقليمية من تداعيات تصعيد إسرائيل على استقرار المنطقة

لم يعد الشرق الأوسط يعيش على إيقاع أزمات متفرقة، بل صار يواجه مشهدا متشابكا من الحروب المفتوحة والتوترات الإقليمية.

في قلب هذا المشهد، يقف رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو متمسكا برؤية " إسرائيل الكبرى"، وفق ما يكرره مسؤولون إسرائيليون.

لكن هذه الرؤية، بحسب تحذيرات الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، رئيس مجلس الوزراء القطري، ليست سوى وصفة تقود المنطقة إلى الفوضى وتنسف أي فرصة للاستقرار والسلام.

من هنا ينطلق النقاش: هل تدافع إسرائيل فعلا عن نفسها ضد " الإرهاب"، كما يقول الأكاديمي نائل الزعبي؟ أم أنها تتجاوز حدود الدفاع، كما يرى الدكتور عمرو الشوباكي، لتفرض شرق أوسط جديدًا على مقاسها؟

سردية إسرائيل

يرى الأكاديمي والخبير في الشؤون الإسرائيلية نائل الزعبي. خلال حديثه إلى ستوديو وان مع فضيلة على سكاي نيوز عربية، أن كل ما يجري لا يمكن فصله عن لحظة السابع من أكتوبر، يوم بدأت الأحداث التي "غيّرت المعادلة".

فبعد الهجوم، انضم حزب الله في الثامن من أكتوبر، ثم الميليشيات في سوريا، وبعدها الحوثيون في اليمن، وأخيرا إيران. وهكذا وجدت إسرائيل نفسها في مواجهة متزامنة مع عدة جبهات.

من وجهة نظره، لا توجد دولة في العالم يمكن أن تتجاهل تهديدات بهذا الحجم. فالحوثي "يعتقد أنه يستطيع ضرب إسرائيل بالصواريخ والمسيرات متى أراد"، وهذا – حسب قوله – وضع لا يمكن القبول باستمراره. لذلك، فإن التصعيد الإسرائيلي ليس خيارًا هجوميًا، بل ضرورة لحماية أمنها القومي.

البعد الديني والتاريخي في الخطاب الإسرائيلي

الزعبي حاول أن يخفف من القلق العربي بقوله: "هذه قصة تاريخية دينية لا علاقة لها بالسياسة وعما يجري الآن". في هذا الطرح، يبدو الصراع وكأنه امتداد لجذور تاريخية ودينية معقدة، لا مجرد صراع على الأرض والسياسة.

لكنه في الوقت نفسه عاد للتأكيد أن استهداف حزب الله جاء بسبب تهديداته المتكررة باحتلال الجليل، وأن إيران أعلنت مرارا نيتها تدمير إسرائيل واعتبارها "سرطانا في الشرق الأوسط". أما الحوثيون، فيبقى سبب هجومهم غير مفهوم من وجهة نظره.

يصر الزعبي على أن إسرائيل لم تكن البادئة بالحروب، لا في لبنان ولا في سوريا ولا في أي مكان آخر. في روايته، كل الحروب التي تخوضها إسرائيل هدفها "الحفاظ على أمنها"، وليس التوسع أو الاحتلال.

ويرى أن الحديث عن عزلة إسرائيل غير دقيق، إذ تحظى بدعم أميركي صريح وثقيل، إضافة إلى توافق في المواقف مع واشنطن. ويضرب مثالًا: "لو حدث ما حدث لإسرائيل في فرنسا أو الصين، كيف كانت سترد تلك الدول؟".

اليد الممدودة للسلام

رغم نبرة التبرير للحرب، يشدد الزعبي على أن إسرائيل ما زالت مستعدة لمد يدها للسلام. يذكّر بأجواء ما قبل السابع من أكتوبر، حين كان وزراء إسرائيليون يزورون دولًا عربية، وكان الحديث عن عملية سلام إقليمي يتسارع.

ويعتقد أن انتصار إسرائيل على "التنظيمات الإرهابية"، مثل حماس وحزب الله، سيقود إلى "انفراج وعملية سلام" يراها حتمية في المستقبل.

رؤية مغايرة.. نتنياهو يتجاوز كل الحدود

على النقيض تماما، يقدّم المستشار في مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية الدكتور عمرو الشوبكي قراءة تعتبر أن نتنياهو تجاوز كل ما هو معقول في العلاقات الدولية.

فهو لم يكتفِ بمواجهة حماس أو ما يسمى "محور الممانعة"، بل تعدى ذلك ليستهدف أطرافا وسيطة مثل قطر، التي كانت تحتضن مفاوضات برعاية أمريكية وبمعرفة إسرائيل نفسها.

الشوبكي يضع ما يحدث في سياق أطول: مسار أوسلو الذي بدأ عام 1993 أُجهض على مدار 30 عاما بسياسات إسرائيلية قامت على الاستيطان ورفض قيام دولة فلسطينية، سواء مع السلطة الوطنية أو مع حماس.

مكاسب عسكرية.. وخسائر سياسية

يعترف الشوبكي بأن إسرائيل حققت نجاحات عسكرية: إضعاف القدرات العسكرية لحزب الله وحماس، واستهداف جانب من القدرات الإيرانية. لكنه يصر على أن هذه الإنجازات لم تُترجم إلى استقرار أو حسم سياسي."في النهاية، ستعود نفس الإشكاليات التي كانت قائمة قبل السابع من أكتوبر"، كما يقول.

الأخطر برأيه أن إسرائيل خسرت معركة صورتها أمام العالم. فالتعامل مع مدنيين عزل، تجويع الأطفال، والحصار المطبق، كلها حولت إسرائيل إلى دولة متهمة بارتكاب جرائم إبادة، وجعلت حكومتها عرضة للمساءلة أمام المحكمة الجنائية الدولية ومحكمة العدل الدولية.

عزلة متنامية على الساحة الدولية

يؤكد الشوبكي أن العالم لم يعد يقف في صف إسرائيل والولايات المتحدة فقط. هناك تحولات ملموسة في الرأي العام العالمي، حتى داخل المجتمع الأميريي. من جنوب إفريقيا إلى أوروبا وأميركا الجنوبية، مرورا بالمنظمات الحقوقية، ارتفعت الإدانات لجرائم الحرب في غزة، حيث سقط أكثر من 60 ألف ضحية معظمهم من المدنيين.

هذا التباين بين الدعم الرسمي الغربي والديناميكيات الشعبية الدولية قد يشكّل عامل ضغط متزايد على إسرائيل وحلفائها في المرحلة المقبلة.

المعضلة الفلسطينية.. رفض مزدوج

من أخطر النقاط التي أثارها الشوبكي أن إسرائيل لا ترفض فقط حماس، بل ترفض أيضا السلطة الفلسطينية ومنظمة التحرير – الطرف الذي وقع معها اتفاق أوسلو عام 1993. هذا الرفض المزدوج يجعل من المستحيل إيجاد بديل سياسي حقيقي.

في لبنان مثلا، يوجد بديل واضح يتمثل في الدولة والجيش لحزب الله، أما في فلسطين فكل البدائل مغلقة بقرار إسرائيلي. هذا ما يجعل الأزمة الفلسطينية عصية على الحل، ويعيد إنتاج الصراع في أشكال أعنف.

قطر في مرمى الاستهداف

أبرز ما لفت الشوبكي هو استهداف قطر، رغم أنها تستضيف مفاوضات مع وفود إسرائيلية وبالتنسيق مع الولايات المتحدة. بالنسبة له، هذا التطور يعبّر عن تجاوز واضح للأعراف الدبلوماسية، ويكشف رغبة إسرائيلية في فرض منطق القوة حتى على الوسطاء.

ورأى أن ذلك لا يعكس فقط أزمة في إدارة الصراع، بل أيضا نزعة لتوسيع نطاقه بما يهدد أي إمكانية لعودة المسار السياسي.

بين "أمن إسرائيل" و"فوضى المنطقة"

الزعبي والشوبكي يقدمان صورتين متناقضتين تماما:

• الأولى ترى إسرائيل محاصرة تسعى للبقاء وسط تهديدات متشابكة.

• الثانية ترى إسرائيل قوة توسعية تسعى لإعادة تشكيل المنطقة بالقوة.

لكن القاسم المشترك هو أن الشرق الأوسط دخل مرحلة جديدة منذ 7 أكتوبر، مرحلة لم يعد فيها من الممكن العودة إلى ما قبلها بسهولة.

الدعم الأميركي.. عامل استقرار أم تعميق للأزمة؟

يشير الزعبي إلى أن الدعم الأميركي يشكل ضمانة لعدم عزل إسرائيل. بينما يرى الشوبكي أن هذا الدعم لا يلغي حقيقة العزلة المتنامية على المستوى الشعبي والحقوقي الدولي.

الولايات المتحدة تجد نفسها اليوم أمام معادلة صعبة: فهي الداعم الرئيسي لإسرائيل، لكنها أيضا تواجه ضغوطا داخلية وخارجية بسبب صور الدمار والضحايا المدنيين في غزة. هذه الازدواجية قد تؤثر على موقع واشنطن كوسيط مستقبلي، وتحد من قدرتها على فرض تسوية مقبولة.

وبينما يراهن الزعبي على "انتصار إسرائيلي يفتح باب السلام"، يحذر الشوبكي من أن الحرب لن تستمر إلى ما لا نهاية، وأن يومًا ما ستتوقف العمليات العسكرية، لتعود كل الإشكاليات السياسية القديمة إلى الواجهة.

التحذير الأوضح جاء من الدوحة: أن سياسات نتنياهو لا تقود إلى الاستقرار، بل إلى فوضى شاملة في الشرق الأوسط. فإسرائيل، بدلاً من أن تطرح بدائل سياسية، تغلق كل الأبواب وتعمّق الانقسامات.

الشرق الأوسط يقف اليوم أمام مفترق طرق. إسرائيل تبرر تصعيدها على أنه دفاع عن النفس، بينما يراها خصومها قوة توسعية تفتح أبواب الفوضى. الدعم الأمريكي يظل صلبًا، لكن عزلة إسرائيل الدولية تتعمق.

سكاي نيوز المصدر: سكاي نيوز
شارك

أخبار ذات صلة



حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا