( CNN )-- قدم الجيش اللبناني، الجمعة، خطة لنزع سلاح حزب الله، أقوى قوة عسكرية في البلاد، إلى الحكومة، في خطوة غير مسبوقة من شأنها إشعال صراع داخلي .
وكانت الحكومة اللبنانية، التي تتعرض لضغوطٍ أمريكية وإقليمية مكثفة ل نزع سلاح الميليشيا القوية المدعومة من إيرا ن، قد طلبت من الجيش تقديم خطته بحلول أوائل أغسطس/آب، على الرغم من رفض حزب الله وحلفائه.
وخلال اجتماعٍ لمجلس الوزراء، الجمعة، انسحب 5 وزراء من حزب الله وحركة أمل المتحالفة معه، بينما بدأت الحكومة مناقشة الخطة، حسبما أفادت وكالة الأنباء الوطنية اللبنانية.
وتشكل خطة الجيش اللبناني جهدا غير مسبوق لنزع سلاح أقوى وكيل إقليمي لإيران، وأحد أكبر التهديدات غير الحكومية لإسرائيل. وعلى الرغم من إضعافه بشكل كبير من جانب إسرائيل خلال العامين الماضيين، يظل حزب الله أقوى جماعة مسلحة في لبنان، ويتمتع بقاعدة دعم كبيرة بين الطائفة الشيعية الكبيرة في البلاد. ويحذر مراقبون من أن أي محاولة لنزع سلاح الحزب بالقوة تهدد بإغراق البلاد في صراع أهلي.
وبينما لا تزال تفاصيل خطة الجيش اللبناني غير واضحة، قالت الحكومة في وقت سابق، إن جميع الأسلحة التي بحوزة الميليشيات يجب أن تكون تحت سيطرة الدولة بحلول نهاية العام الجاري.
وقال مسؤول لبناني رفيع المستوى لشبكة CNN ، الجمعة، قبل عرض الخطة: "هذه لحظة مفصلية للغاية. الهدف هو أن يتم تسليم (الأسلحة) بنهاية العام، أو أن يبدأ على الأقل بنهاية العام".
وإلى جانب كونه جماعة مسلحة، يعمل حزب الله أيضا كحزب سياسي له نواب في المجلس التشريعي، وذراع للخدمات الاجتماعية يخدم العديد من دوائره الانتخابية، وبخاصة في جنوب البلاد. وقد أصر بعض معارضي حزب الله على حل جناحه المسلح والعمل كحزب سياسي فقط.
وبعد انتهاء الحرب الأهلية اللبنانية عام 1990، وسّع حزب الله نفوذه في الساحة السياسية والمجتمعية من خلال الحفاظ على سلاحه - وعلى عكس الميليشيات الأخرى، تم إعفاؤه من نزع السلاح بموجب اتفاق الطائف نظرًا لدوره في مقاومة الاحتلال الإسرائيلي.
وتعرض لبنان للدمار جراء صراعٍ استمر عاما بين حزب الله وإسرائيل، اندلع بسبب دعم الميليشيا لحركة حماس بعد هجوم المسلحين الفلسطينيين على إسرائيل في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023. وأدت الضربات الإسرائيلية إلى إضعاف حزب الله بشدة - وبلغت ذروتها باغتيال زعيمه، حسن نصرالله- وتقليص نفوذ الجماعة بشكل كبير على الصعيد المحلي.
وكان من المفترض أن يؤدي وقف إطلاق النار الذي توسطت فيه الولايات المتحدة العام الماضي إلى وقف هجمات إسرائيل على لبنان، لكن الضربات شبه اليومية التي تشنها إسرائيل واحتلالها لخمسة مواقع في جنوب لبنان عززت رفض حزب الله لنزع سلاحه - مما يزيد من احتمال وقوع صدام مع الجيش إذا تحرك لحل الجماعة.
الهجمات الإسرائيلية تعيق جهود نزع سلاح حزب الله
واتهم أنصار حزب الله، الحكومة اللبنانية، بقيادة الرئيس السابق لمحكمة العدل الدولية نواف سلام، بالخيانة لرضوخها للمطالب الأمريكية بنزع سلاح الجماعة مع استمرار بقاء القوات الإسرائيلية على الأراضي اللبنانية. لكن معارضي حزب الله يلومون الجماعة على جر البلاد إلى حرب مع إسرائيل، وانتقدوا قيادتها لفشلها في الوفاء بوعودها بحماية البلاد.
واستغلّ المبعوثان الأمريكيان توم باراك ومورغان أورتاغوس، اللذان عينهما الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، حالة الضعف لدى حزب الله، من أجل إطلاق دبلوماسية مكوكية تهدف إلى التفاوض على أطر عمل بين لبنان وإسرائيل، تتمحور حول نزع سلاح حزب الله وانسحاب إسرائيل من لبنان. ويبدو أنهما يدركان المخاطر التي ينطوي عليها الوضع.
وقال توم باراك للصحفيين خلال زيارة إلى بيروت الشهر الماضي: "ستعود القوات المسلحة اللبنانية والحكومة بخطة تقول: (مقترحنا لحزب الله هو كيفية نزع سلاحه)، وهو ليس بالضرورة عسكريا - فهم لا يتحدثون عن خوض حرب، بل عن كيفية إقناع حزب الله بالتخلي عن تلك الأسلحة".
وقال باراك آنذاك إن خطة الجيش هي جزء من عملية تتكون من 11 خطوة تعهدت الحكومة اللبنانية بإكمالها.
وقدم المسؤولون الأمريكيون واللبنانيون تفاصيل قليلة حول كيفية تصورهم لإقناع حزب الله بنزع سلاحه بشكل طوعي.
وحذر المسؤول اللبناني الكبير من أن استمرار الضربات الإسرائيلية على لبنان يعيق جهود الحكومة لنزع سلاح الجماعة.
وقال المسؤول: "طالما أن إسرائيل تحتفظ بمواقع عسكرية داخل الأراضي اللبنانية وتقصف المنطقة الحدودية بأكملها حتى تدمر جميع المنازل والحقول والمحاصيل وكلّ أشكال الحياة، سيواصل حزب الله القول إن أسلحته للدفاع عن نفسه وعن البلاد". وأضاف: "من المهم لهم (إسرائيل) أن يخرجوا من هنا".
وكان مسؤولون إسرائيليون قالوا في وقت سابق، إن القوات في لبنان ستبقى هناك "إلى أجل غير مسمى"، لكن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو قال الأسبوع الماضي إن الجيش سيبدأ انسحابا تدريجيا من لبنان إذا قام الجيش اللبناني بنزع سلاح حزب الله.