ذكر مسؤولون غربيون أن القادة الأوروبيين يعتبرون أن عروض إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب بتوفير دعم جوي واستخباراتي تشكل الخطوة الحاسمة التي كانوا ينتظرونها لتبرير إرسال قوات عسكرية أوروبية إلى أوكرانيا في مرحلة ما بعد الحرب. غير أن العقبة الكبرى لا تزال متمثلة في غياب أي مؤشر على استعداد روسيا لوقف القتال.
فمنذ أشهر، قادت باريس ولندن تحالفاً من الدول الراغبة في صياغة خطط لضمان أمن أوكرانيا في حال التوصل إلى هدنة مع موسكو، تتضمن نشر قوات أوروبية على الأرض. وبحسب مسؤولين أوروبيين وأميركيين، فإن زيارة وفود أوروبية متكررة للبيت الأبيض أسفرت عن موافقة مبدئية من واشنطن على لعب دور داعم، عبر توفير قدرات دفاع جوي إضافية وربما المساعدة في فرض منطقة حظر طيران، إلى جانب إمكانات المراقبة والاستطلاع. لكن مسؤولًا أميركيًا شدد على أن "العرض يختلف عن الموافقة، فالقرار النهائي يعود للرئيس ترامب ولم يُتخذ بعد"، بحسب صحيفة "واشنطن بوست" الأميركية.
ورغم انعقاد قمة ألاسكا بين ترامب ونظيره الروسي فلاديمير بوتين قبل أكثر من أسبوعين، واصل الجيش الروسي قصف المدن الأوكرانية والتقدم في الشرق، فيما رفض الكرملين بشكل قاطع أي وجود لقوات أوروبية أو تابعة لحلف الناتو في أوكرانيا، حتى وإن لم تكن تعمل رسميًا تحت راية الحلف. واقترح المسؤولون الروس بديلًا يتمثل في قوات حفظ سلام صينية، وهو طرح قوبل بفتور في العواصم الغربية.
وبينما يتحرك الأوروبيون لتقوية خطط الضمانات الأمنية ـ بما في ذلك اجتماع القادة في باريس ـ لا يزال الانقسام واضحًا حول حجم الالتزامات التي يمكن لكل دولة تقديمها. ويؤكد دبلوماسيون أنّ التوافق على إجراءات أمنية في المدى القريب قد يعزز موقع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي إذا دخل في مفاوضات سلام مع موسكو قد تتطلب تنازلات إقليمية مؤلمة.
وتقترح الخطط الأوروبية تأمين الأجواء فوق أوكرانيا والبحر الأسود، بالإضافة إلى نشر قوة "طمأنة" على الأرض تضم عنصرا استعراضيا بعيدا عن خطوط القتال لردع أي هجمات مستقبلية، إلى جانب عنصر تدريبي لإعادة بناء الجيش الأوكراني وتحويله إلى ما وصفه قادة الاتحاد الأوروبي بـ "قنفذ فولاذي". الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أعلن مساء الأربعاء أن وزراء الدفاع الأوروبيين أتموا خططًا "سرية للغاية" مؤكّدًا أن بلاده وشركاءها مستعدون لتقديم ضمانات أمنية يوم توقيع اتفاق السلام، لكنه شدد على أن "السؤال الآن هو صدق روسيا".
ويرى المسؤولون الأوروبيون أن نجاح هذه المبادرة يعتمد أساسًا على مساهمة الولايات المتحدة في مجال القوة الجوية والاستخبارات. وقال مسؤول أوروبي إن الدعم الأميركي "مشروط بأن يتولى الأوروبيون زمام المبادرة وإظهار قدرتهم واستعدادهم الفعلي". أما قصر الإليزيه فأكد أن الاجتماع في باريس سيشهد حضورًا أميركيًا ورسائل دعم واضحة، فيما يسعى الأوروبيون للحصول على ضمانات بأن جهودهم تحظى بتأييد واشنطن الكامل.
ومع ذلك، تواجه بعض العواصم الأوروبية معضلات داخلية، إذ يُخشى أن تتحول مشاركة القوات إلى عبء سياسي إذا ما عرّضت حياة الجنود للخطر. ألمانيا على سبيل المثال تبنّت لهجة أكثر انفتاحًا بفضل مرونة ترامب، لكنها لم تقدم التزامات نهائية بعد. أما فرنسا وبريطانيا فأبدتا استعدادًا مبدئيًا لنشر قوات، غير أن النقاشات لا تزال جارية حول حجم المشاركة وكيفية الرد في حال أقدمت روسيا على خرق أي اتفاق مستقبلي.