تستضيف إسلام آباد الأسبوع القادم مؤتمراً هو الأول من نوعه لمعارضي حكومة طالبان الأفغانية في الخارج، وذلك بالتزامن مع الذكرى الرابعة لسيطرة طالبان على أفغانستان وتصاعد خلافاتها مع باكستان بسبب التوترات الحدودية وعدم كبح جماح الحركات المسلحة التي تنفذ هجمات ضد الحكومة الباكستانية.
وينظم المؤتمر "معهد جنوب آسيا للاستقرار الاستراتيجي" الباكستاني بالشراكة مع منظمة "نساء من أجل نساء أفغانستان" الأميركية، تحت عنوان "نحو الثقة والوحدة". سيعقد المؤتمر يومي 25 و26 أغسطس الجاري في العاصمة الباكستانية إسلام آباد، بمشاركة واسعة من سياسيين ودبلوماسيين وناشطين وممثلين عن الأحزاب الأفغانية.
صرحت مصادر لـ"العربية" و"الحدث" بأن المؤتمر يهدف إلى "مناقشة مستقبل أفغانستان، وكيفية الوصول إلى وحدة وطنية وثقة متبادلة بين مختلف مكونات الشعب الأفغاني".
وحصلت "العربية" و"الحدث" على قائمة المشاركين الأفغان في المؤتمر، ومن أبرزهم وزير الاقتصاد السابق مصطفى مستور، والمندوب الدائم لأفغانستان في جنيف نصير أحمد أنديشه، وكبير مستشاري المجلس الأعلى للمصالحة الوطنية السابق مجيب الرحمن رحيمي، والنائبة السابقة فوزية كوفي، بالإضافة إلى حبيب الرحمن حكمتيار نجل زعيم الحزب الإسلامي قلب الدين حكمتيار.
كما يشارك ممثلون عن حزب الحركة الوطنية الأفغانية من أجل السلام والعدالة بزعامة وزير الخارجية السابق حنيف أتمر، ورئيس الاستخبارات السابق معصوم ستانكزي، بالإضافة إلى المجلس الوطني لإنقاذ أفغانستان الذي يضم قادة سياسيين بارزين.
وأكد المنظمون أن المؤتمر ليس تحركاً سياسياً ضد أي طرف، بل لقاء يهدف إلى تعزيز الثقة بين أفغانستان وباكستان ودعم السلام في المنطقة. في المقابل، اعتبر مراقبون أن استضافة باكستان للمؤتمر تمثل رسالة مقلقة لطالبان، التي تخشى من نشاط معارضيها في الخارج. وفي السياق نفسه، صرحت شخصيات مشاركة بأن "طالبان لا تمثل جميع الأفغان، ومن الضروري أن تجد مختلف الأطراف منابر للتعبير عن رؤيتها لبلادها".
يأتي المؤتمر بعد أيام من رفض مجلس الأمن، بناءً على طلب أميركي، منح وزير خارجية طالبان أمير خان متقي إذن سفر إلى باكستان. هذه الخطوة عكست ضغوطاً متزايدة على طالبان من إدارة الرئيس دونالد ترامب.
فيما يتعلق بما إذا كانت الحكومة الباكستانية قد قررت استضافة المؤتمر بالتنسيق مع الولايات المتحدة ودول أخرى للضغط على طالبان، استبعد أحد المشاركين ذلك، مؤكداً أن المؤتمر تم بالتنسيق مع الحكومة الباكستانية.
أفادت مصادر صحافية بأن الاجتماع يأتي بالتنسيق بين باكستان والولايات المتحدة وبريطانيا، بهدف إيجاد منصة لمعارضي طالبان. يأتي ذلك في ظل رفض زعيم الحركة ملا هبة الله آخوندزاده إبداء أية مرونة تجاه مطالب المجتمع الدولي، لاسيما تشكيل حكومة أفغانية شاملة تضم أشخاصاً من خارج طالبان. وكان زعيم طالبان قد أصدر الأسبوع الماضي قراراً بإنهاء وضع حكومة "تصريف الأعمال" وتحويلها إلى "حكومة دائمة"، بالتزامن مع الذكرى الرابعة لسيطرتها على البلاد.
من جهة أخرى، انتقد المبعوث الأميركي السابق زلمي خليل زاد استضافة باكستان لمعارضي طالبان الذين يعيشون في المنفى، بمن فيهم "من يدعمون الإطاحة العنيفة" بطالبان، معتبراً أن هذه الخطوة "غير مسؤولة واستفزاز مقصود".
صرح زلمي خليل زاد بأن "العلاقات بين طالبان وباكستان تعاني من فجوة هائلة بسبب انعدام الثقة، وأن هذه الخطوة من إسلام آباد لا يمكن أن تحقق سوى العكس، وهي خطوة غير ناضجة، غير مسؤولة، ومؤسفة".
رداً على ذلك، صرحت النائبة السابقة في البرلمان الأفغاني فوزية كوفي بأن "الحقوق السياسية والمدنية للشعب الأفغاني سُلبت بسبب سوء نوايا وإدارة الأشخاص مثل خليل زاد". واتهمته بالسعي لإبطال شرعية معارضي طالبان.
أضافت فوزية كوفي أن تصريحات المبعوث الأميركي السابق تُظهر مدى انشغاله باجتماعات الأفغان، وأن من الأفضل دعوته للمشاركة، حتى لا يشعر بأنها تمثل تهديداً عليه.