آخر الأخبار

من هارلم إلى الخليل.. تاريخ طويل من تضامن السود مع الفلسطينيين

شارك

في مقالها في صحيفة الغارديان البريطانية تتحدث الكاتبة نسرين مالك عن إحياء التحالف المتبادل بين الشعوب المضطهدة في أعقاب الغزو الإسرائيلي الشامل لقطاع غزة.

وتستشهد في مقالها عن تاريخ النضال المشترك بين السود والفلسطينيين بمقولة المناضل نيلسون مانديلا الشهيرة 1997، التي قال فيها "لن تكتمل حريتنا دون حرية الشعب الفلسطيني"، في عبارة لامست وجدان الشتات الأفريقي، الذي لطالما شعر بقرابة عميقة مع نضال الفلسطينيين.

وتقول الكاتبة "مع استمرار سقوط الصحفيين في غزة، وتحرك بعض الدول الغربية أخيرًا نحو الاعتراف بالدولة الفلسطينية، نستعرض في هذا العدد من الموجة الطويلة تاريخ هذا التضامن الأسود، وكيف صمد عبر الزمن".

تاريخ مشترك من القهر

وتشير الكاتبة نسرين مالك إلى إعلان ياسر عرفات قيام الدولة الفلسطينية في عام 1988، وكيف سارعت 84 دولة للاعتراف بها، نصفها من أفريقيا ومنطقة الكاريبي. لكن مظاهر التضامن سبقت هذا الاعتراف، إذ اعتُبر النضال الفلسطيني تجسيدًا لمعاناة العديد من الدول السوداء المتحررة من الاستعمار، وامتدادًا لحركات التحرر الأفريقية، حسب ما تقول الكاتبة.

مصدر الصورة المناضل نيلسون مانديلا: لن تكتمل حريتنا دون حرية الشعب الفلسطيني (مواقع التواصل الاجتماعي)

وصف الناشط في حزب الفهود السوداء، ستوكلي كارمايكل، فلسطين بأنها "طرف أفريقيا" أي أنها ضمن خريطة التحرر الأفريقي.

وفي خطابه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1994، قال الرئيس البوركيني توماس سانكارا "أفكر في الشعب الفلسطيني الشجاع، في العائلات الممزقة والمشردة في أنحاء العالم بحثًا عن ملاذ. الفلسطينيون يذكروننا جميعًا بالحاجة والواجب الأخلاقي لاحترام حقوق الشعوب".

تلازم عضوي في النضال السياسي

في خمسينيات وستينيات القرن الماضي، تقول نسرين، حاولت إسرائيل أن تقدم نفسها كدولة ناشئة تخلصت من نير الاستعمار، وسعت إلى بناء علاقات مع دول الجنوب العالمي، خاصة في أفريقيا، لموازنة العداء العربي، لكن حربي 1967 و1973 كشفتا عن عمق مأساة الفلسطينيين، مع تهجير الملايين واحتلال إسرائيل أراضي في مصر وسوريا والأردن .

إعلان

تقول المؤرخة داليا الزين إن تلك المرحلة شكّلت "بداية تراجع النفوذ الإسرائيلي في أفريقيا"، حيث باتت إسرائيل تُرى كطرف مناهض لحركات التحرر.

مصدر الصورة متظاهرون من حركة "حياة السود مهمة" وسط مدينة ساكرامنتو الأميركية (رويترز)

وفي عام 1975، أعلنت منظمة الوحدة الأفريقية أن "النظام العنصري في فلسطين المحتلة، والنظام العنصري في زيمبابوي وجنوب أفريقيا ، ينحدرون من أصل إمبريالي مشترك، ويتلازمون عضويا في سياساتهم القمعية".

نضالات متوازية ضد الإمبريالية

مع تطور النضال السياسي في الشتات الأفريقي من مقاومة الاستعمار إلى حركات الحقوق المدنية ومناهضة العنصرية، تطور أيضًا التضامن مع فلسطين، فقد ارتبطت القضية الفلسطينية، بحسب ما تروي الكاتبة، بنقابات العمال السود في بريطانيا، وبحركات مثل "حياة السود مهمة"، التي تبنت منذ بداياتها إنهاء الاحتلال الفلسطيني كأحد مطالبها، ودعمت حركة المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات على إسرائيل.

في مظاهرة عام 2021 في نيوجيرسي، قال الناشط زيللي توماس "نحن نعرف الاحتلال، نعرف الاستعمار، نعرف وحشية الشرطة".

غزة وبداية عصر جديد من التضامن

ومع تصاعد الحرب الإسرائيلية على غزة والضفة الغربية، تقول الكاتبة، ترسخ تضامن السود مع الفلسطينيين أكثر من أي وقت مضى، ولم يعد مجرد موقف أيديولوجي، بل استجابة أخلاقية عاجلة أمام دعم القوى الغربية، وعلى رأسها الولايات المتحدة ، للهجوم الإسرائيلي على غزة.

مصدر الصورة الطفل الفلسطيني تامر شحيبر توفي بمستشفى شهداء الأقصى بقطاع غزة متأثرا بمضاعفات سوء التغذية الحاد (وكالة الأناضول)

وقد كانت جنوب أفريقيا، التي عانت من أبشع صور الفصل العنصري، هي من رفعت القضية ضد إسرائيل أمام محكمة العدل الدولية، مطالبة بتطبيق الحماية من الإبادة الجماعية على الفلسطينيين.

وفي الولايات المتحدة، حيث الدعم لإسرائيل في ذروته، تزداد أصداء القضية الفلسطينية. تشير نسرين مالك إلى انتقاد الكاتب الأسود الشهير تا-نهيسي كوتس إسرائيل في كتابه "الرسالة"، ومقارِنًا تجربته في الأراضي الفلسطينية المحتلة بما عاشه السود في أميركا إبان حقبة "جيم كرو" والفصل العنصري.

مصدر الصورة غارات ودمار في منطقة جباليا (الجزيرة)

قال كوتس "أقرب تشبيه خطر لي حين زرت الأراضي المحتلة هو تلك الفترة التي كانت فيها أميركا تدّعي الديمقراطية، بينما كانت تحرم السود من حقوقهم في الجنوب".

ربما لهذا السبب، تقول الكاتبة، تأخر الاعتراف الغربي بفلسطين، فالتضامن لا ينبع من السياسة فحسب، بل من القدرة على التماهي مع الضحايا، حين يصبح مصيرهم امتدادًا لتاريخك وتجربتك الحية.

الجزيرة المصدر: الجزيرة
شارك

أخبار ذات صلة



حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا