في حال واجهت مشكلة في مشاهدة الفيديو، إضغط على رابط المصدر للمشاهدة على الموقع الرسمي
قوبل إعلان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو المطلوب لدى المحكمة الجنائية الدولية علنا عن تأييده لما تسمى رؤية إسرائيل الكبرى، بغضب عربي واسع وإدانات رسمية حازمة من عدة دول في المنطقة.
وأعرب نتنياهو عن شعوره بأنه يحمل رسالة "تاريخية وروحانية" تتوارثها الأجيال، في تصريحات جاءت امتدادا للخطاب الإسرائيلي التوسعي وبعد 50 يوما من قرار الكنيست ضم الضفة الغربية إلى إسرائيل.
وكشفت المقابلة التلفزيونية التي ظهر بها نتنياهو عن تلقيه خريطة لإسرائيل تضم أجزاء من الأراضي الفلسطينية المحتلة و الأردن و لبنان و سوريا و مصر ، حيث أكد موافقته على هذه الرؤية بشدة.
وتأتي هذه التصريحات -وفقا لبرنامج مسار الأحداث- في سياق دعوات متزايدة لإعادة احتلال قطاع غزة وتهجير سكانه، فضلا عن عرض وزارة الخارجية الإسرائيلية سابقا خرائط توسعية على منصاتها الرسمية.
وفي هذا السياق، استبعد الدكتور بلال الشوبكي الخبير في الشؤون الإسرائيلية ورئيس قسم العلوم السياسية في جامعة الخليل أن تكون تصريحات نتنياهو مجرد مشاعر شخصية عفوية.
ولفت إلى أن طبيعة الصحفي الذي قابل نتنياهو وأهميته كونه ذو خلفية سياسية في الكنيست ومن اليمين الإسرائيلي تشير إلى أن الأمر مرتب ليخرج بطريقة معينة، مؤكدا أن نتنياهو تربى في "بيت تصحيحي" من منظور صهيوني ويؤمن بأفكار المنظّر اليهودي زئيف فلاديمير جابوتنسكي التي تدعو لتوسع إسرائيل.
ورغم براغماتية نتنياهو التي دفعته في كثير من الأحيان إلى عدم الإفصاح عن هذه الأفكار علنا، فإن الشوبكي أوضح أن التصريح الحالي يحمل رسالة واضحة مفادها أن فكر الوزيرين بتسلئيل سموتريتش و إيتمار بن غفير ليس خاصا بهما، بل هو فكر رئيس الوزراء الإسرائيلي المنتخب من قبل شريحة واسعة من الإسرائيليين.
وبهذا، أشار إلى أن التصريح يضع المجتمع الدولي أمام مواجهة الدولة الإسرائيلية بأكملها وليس مجرد شخصين متطرفين.
وفي تحليل آخر لأبعاد هذه التصريحات، حدد مدير مركز القدس للدراسات السياسية عريب الرنتاوي أبعادا رئيسية في تصريحات نتنياهو "الخطيرة"، أولها البعد الشخصي المتصل بجنون العظمة عند نتنياهو الذي يرى نفسه الملك والقائد الرسالي المفوض بتحقيق النبوءات التاريخية والدينية، مشيرا إلى عقلية ثيولوجية تريد إسباغ السياسة الإسرائيلية بصبغتها الخاصة.
والأخطر من ذلك، أكد الرنتاوي أن التصريحات تعبر عن رأي كتلة رئيسية وازنة في المجتمع الإسرائيلي الذي ينصرف نحو التطرف الديني والقومي وتتغلغل في أوساطه فاشية جديدة بكل ما تعنيه الكلمة.
وأوضح أن ما يجري في الضفة الغربية وغزة وسوريا هو ترجمة عملية لهذه الأفكار، محذرا من أن المنطقة تواجه حالة جنون إسرائيلية تتغذى بحالة الضعف والهوان التي تقابل بها مثل هذه المواقف.
وبنظرة مختلفة، اعتبر المسؤول السابق بالخارجية الأميركية توماس ووريك أن مفهوم إسرائيل الكبرى يعني أشياء مختلفة حسب الأشخاص، حيث إن بعضهم يعتقد أن إسرائيل يجب أن تكون دولة قوية وتحظى بسلام مع جيرانها وتطبق تعاليم الرب.
بينما يرى آخرون أن إسرائيل الكبرى قد تشمل كل الأراضي التي عاش فيها اليهود تاريخيا، وقارن ووريك الوضع بدول أخرى لديها أراض مشابهة مثل تركيا والصين والصرب التي قد ترغب في السيطرة على أراض كانت تسيطر عليها تاريخيا.
على صعيد ردود الفعل الإقليمية، أثارت تصريحات نتنياهو غضبا عربيا واسعا تجسد في إدانات رسمية حازمة من عدة دول، حيث دان الأردن التصريحات واعتبرها تصعيدا استفزازيا خطيرا وتهديدا لسيادة الدول ومخالفة للقانون الدولي و ميثاق الأمم المتحدة ، محذرا من تداعيات تلك التصريحات التي وصفها بأنها تشجع على دوامات العنف والصراع وتهدد أمن واستقرار المنطقة.
وفي السياق ذاته، دانت المملكة العربية السعودية تصريحات نتنياهو، مشددة على رفضها التام للأفكار والمشاريع الاستيطانية والتوسعية التي تتبناها سلطات الاحتلال الإسرائيلي، مؤكدة على الحق التاريخي والقانوني للشعب الفلسطيني بإقامة دولته المستقلة ذات السيادة على أراضيه.
كما نددت دولة قطر بالتصريحات واعتبرتها امتدادا لنهج الغطرسة، مؤكدة أن الادعاءات الإسرائيلية الزائفة لن تنتقص من الحقوق المشروعة للدول والشعوب العربية.
وفي ظل هذه التطورات، طرح الخبراء رؤى متباينة حول المطلوب لمواجهة التصريحات الإسرائيلية، واعتبر الشوبكي أن المطلوب يتلخص في عدة أمور، أولها عدم قبول أي تفسير إسرائيلي لأن أخف التفسيرات ضررا بالنسبة للعرب لا يقر بوجود دولة اسمها فلسطين، مؤكدا أن الحد الأدنى من التفسيرات الإسرائيلية يخالف الموقف العربي المشترك، مشيرا إلى وجود خطوات عملية لمنع قيام الدولة الفلسطينية على حدود الرابع من يونيو/حزيران.
وبنبرة أخرى، حذر الرنتاوي من الاكتفاء بالموقف والإدانات، مؤكدا ضرورة تجاوز ذلك باتجاه خطوات فعلية تدفع إسرائيل للتراجع، داعيا إلى وقف شيطنة المقاومة وإدانتها، مشددا على أن خط الدفاع الحقيقي عن الدول العربية يتم في غزة والضفة الغربية وجنوب لبنان.
أما على الصعيد الأميركي، فقد كشف ووريك عن توجه إدارة الرئيس دونالد ترامب نحو أسلوب مختلف في التعامل مع مثل هذه القضايا.
وأشار إلى أن الإدارة الجديدة تفضل التحدث بشكل مباشر مع قادة الدول الأخرى بدلا من الانتقاد العلني عبر المتحدثين الإعلاميين، موضحا أن هذا النهج يطبق بشكل أوسع حيث إن إدارة ترامب غير راغبة بانتقاد الكثير من الدول التي ربما كانت تحظى بكثير من الانتقاد من الإدارات الأميركية السابقة.