آخر الأخبار

"السندور" رمز هندوسي أطلقت الهند اسمه على عمليتها العسكرية ضد باكستان

شارك

السِّندُور، مسحوق تجميلي تقليدي أحمر اللون، تضعه النساء المتزوجات في الهند وبعض مناطق جنوب آسيا في مفرق شعر الرأس رمزا للتفاني في خدمة الزوج والإخلاص له، وهو ذو أهمية دينية وثقافية، خاصة في المناسبات الهندوسية .

وقد أطلقت الهند، في السادس من مايو/أيار 2025 اسم "سندور" على عملية عسكرية استهدفت بها ما سمتها "البنية التحتية الإرهابية" في باكستان وإقليم جامو و كشمير ، في حين أكدت إسلام آباد أن نيودلهي انتهكت سيادتها باستخدام أسلحة بعيدة المدى، وأن ردها سيكون "شاملا وحازما".

ما السندور؟

السندور نوع من مستحضرات التجميل، يتكون من مسحوق أحمر تضعه النساء المتزوجات في الهند وبعض الثقافات الآسيوية المجاورة في مفرق شعر رؤوسهن، ويحمل طابعا دينيا وثقافيا مهما.

تضع النساء السندور في شعرهن بشكل يومي، ويعتبرنه رمزا للتفاني والاحترام تجاه أزواجهن، كما يُستخدم بشكل خاص في المناسبات والأعياد الهندوسية.

ويتميز السندور الشعبي بلونه الذي يميل إلى البُنّيّ، بينما يكون السندور المصنوع من بعض المعادن ذا لون أحمر داكن.

مصدر الصورة السندور يرتبط تاريخيا بحضارة وادي السند وذُكر في النصوص الهندوسية المقدسة (غيتي)

الجذور التاريخية

يعود أصل كلمة "سندور" إلى الكلمة السنسكريتية "سندورا"، وذكرت في النصوص القديمة، وبقي ذكرها في الطقوس الدينية على مر العصور، وتحوّر نطقها مع مرور الزمان.

إعلان

وكان السندور على مر الزمن رمزا مهما في طقوس الزواج الهندوسية، إذ يضعه الزوج على مفرق شعر رأس زوجته لإتمام مراسم الزواج التي تسمى "سندوردان"، تأكيدا على أنها صارت امرأة متزوجة.

يصعب تحديد متى بدأت ممارسة هذه التقاليد، لكن يتوقع أنها تعود إلى أكثر من 5 آلاف عام، وهو عمر تماثيل نسائية أثرية وجدت شمال الهند وعلى رؤوسها خطوط حمراء.

وتذكر بعض المصادر الهندية أن السندور يرتبط تاريخيا بحضارة وادي السند، إذ استخدم في فترة ما قبل حضارة هارابا (بين عامي 3300 و2500) قبل الميلاد، ووجدت له آثار في التماثيل المستخرجة، مما يرجح أن عمر استخدامه يعود إلى أكثر من 8 آلاف عام.

وذُكر السندور في النصوص الهندوسية المقدسة، ومنها ملحمة "رامايانا"، إذ ورد فيها أن سيتا -الزوجة المحبوبة للأمير راما- كانت تضعه على جبهتها من أجل إرضاء زوجها وتعزيز العلاقة بينهما.

وفي الفلكلور الهندي، يقال إنه كان هناك رجل يُدعى فيرا وامرأة تُدعى ديرا، أحبا بعضهما رغم أنهما لم يلتقيا من قبل، وعندما التقيا عارض هذا الارتباط شرير يُدعى كاليا وقرر مهاجمة فيرا.

وفي أثناء المعركة أصيب فيرا بجروح خطيرة، وعندما كانت ديرا على وشك الوصول إليه، مسحت دماءه على جبينها وقالت "أنا فقط لفيرا، كنت معه، وسأظل معه إلى الأبد"، مما دفع كاليا إلى الانسحاب.

ومع مرور الزمن حمل السندور معاني كثيرة، أهمها أنه أصبح يُعد رمزا للزواج والحب والقوة، وتتزين به المرأة دليلا على وفائها لزوجها وأملا بطول عمره، وهي معان انتقدتها الحركات النسوية واعتبرتها "رمزا للسيطرة والسلطة الذكورية"، حتى صارت الكثير من الهندوسيات يتجنبن وضعه.

مصدر الصورة ثمرة كاميلا التي يُنتج منها السندور وتنتشر في الهند ونيبال (شترستوك)

أنواع السندور ومكوناته

يُصنع السندور الطبيعي من ثمرة وبذور شجرة خاصة تُعرف شعبيا باسم "شجرة السندور" أو "كاميلا"، وتنتشر بشكل رئيسي في الهند ونيبال وأجزاء أخرى من جنوب آسيا.

إعلان

كما كان يُحضّر قديما من مكونات طبيعية مثل الكركم وعصير الليمون والشبة (معدن طبيعي ذو لون أبيض يُستخرج من المناجم أو الصخور) وتُخلط هذه المكونات للحصول على اللون الأحمر، وفي بعض المناطق، يُضاف إليه الزعفران ومسحوق خشب الصندل.

ومع مرور الوقت، بدأ تصنيع السندور التجاري باستخدام مواد كيميائية، قد تحتوي أحيانا على عناصر سامة مثل الزئبق والرصاص، مما قد يسبب ضررا للبشرة.

ويُعتقد أن استخدامه يساعد في تنظيم ضغط الدم والغدة النخامية ومنع التجاعيد على الوجه، إضافة إلى علاج مشاكل صحية مثل الأرق والصداع وضعف الذاكرة والتوتر الذهني.

السندور في الكتب والمناسبات الدينية

تتناول الكتب الدينية الهندوسية وكتب علم الفلك الهندي (الجيوتيش) مسألة وضع السندور بشكل مفصل، وتذكر هذه الكتب أن الزوجات يضعنه أملا في إطالة أعمار أزواجهن، وتقول بعض الروايات والمعتقدات إن وضع السندور يقي من الموت المفاجئ للزوج.

وبعد الزواج تستمر الهندوسيات في وضع السندور يوميا تعبيرا عن إخلاصهن واحترامهن لأزواجهن، كما يستخدم في المناسبات الدينية الهندوسية والمهرجانات مثل مهرجان "كروا تشوت"، الذي تصوم فيه النساء لأجل أزواجهن، ومهرجان "سندور كاميلا" الذي تضع فيه النساء المساحيق لبعضهن.

ويستخدم السندور عند زيارة المعابد، وفي الطقوس الدينية، إلى جانب المناسبات العائلية والأعراس. وقد اعتبرت الحكومة الهندية السندور مفيدا لصحة المرأة فمنحت عام 2017 إعفاءات ضريبية لتجاره.

مصدر الصورة الجيش الهندي أطلق على عمليته العسكرية ضد باكستان اسم "عملية السندور" (الأوروبية)

عملية السندور العسكرية

أطلقت الهند عملية عسكرية يوم السادس من مايو/أيار 2025 وقصفت 9 مواقع داخل باكستان قالت إنها "بنية تحتية تابعة لإرهابيين" مسؤولين عن هجوم مسلح في الشطر الهندي من كشمير في 22 أبريل/نيسان الماضي.

وأطلق الجيش الهندي اسم "السندور" على عمليته العسكرية تلك، وقال في بيان على منصة إكس إن "باكستان انتهكت من جديد اتفاق وقف إطلاق النار بقصفها المدفعي لقطاعي بيمبر غالي وبونش راجوري" في الشطر الهندي من كشمير، مضيفا أنه "رد بشكل مناسب ومدروس".

إعلان

من جهته، قال المتحدث باسم الجيش الباكستاني إن "رده سيكون حازما وشاملا" على الهجوم الصاروخي الهندي، وأضاف أن مسجدين على الأقل استُهدفا في الهجوم الهندي، في حين نقلت رويترز عن مسؤول إقليمي باكستاني إعلان حالة الطوارئ في إقليم البنجاب.

ونقل التلفزيون الباكستاني عن مصدر عسكري قوله إنه تم تدمير كتيبة مشاة تابعة للجيش الهندي، وإن الرد الباكستاني على الاعتداءات الهندية -التي وقعت على مرحلتين- مستمر.

وقالت وسائل إعلام هندية إن اسم "السندور" تحول -بعد هجوم 22 أبريل/نيسان الذي نسبته الهند إلى مسلحين في باكستان- من رمز لتقديس الحياة الزوجية إلى علامة على الحزن والفقدان، خاصة بعد مقتل العديد من الرجال المدنيين أمام زوجاتهم، ما جعله يرتبط بفقدان الأزواج.

وقد أكدت الحكومة الهندية حسب مصادر أن الرد على الهجوم لا يقتصر على الجانب الأمني فحسب، بل يتجاوزه ليشمل "أبعادا اجتماعية وإنسانية".

الجزيرة المصدر: الجزيرة
شارك

أخبار ذات صلة



حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا