كشفت دراسة حديثة أن نصف حالات السكتات الدماغية والنوبات القلبية تقريبا تحدث لأشخاص لا يعانون أيًا من عوامل الخطر المعروفة لأمراض القلب مثل التدخين، وارتفاع ضغط الدم والكوليسترول، أو الإصابة بالسكري، مما يطرح تساؤلات حول الأسباب الخفية التي تقف وراءها.
وأجرى الدراسة باحثون من مستشفى ماساتشوستس العام في بريغهام بالولايات المتحدة الأميركية، وتم تقديم نتائج الدراسة في جلسة علمية بمؤتمر الجمعية الأوروبية لأمراض القلب، ونشرت في نفس الوقت بمجلة القلب الأوروبية في 29 أغسطس/آب الماضي، وكتبت عنها صحيفة الديلي ميل البريطانية.
واعتمد فريق البحث على بيانات من دراسة صحة المرأة التي تابعت أكثر من 12 ألف سيدة على مدى 3 عقود، جميعهن كن في بداية المتابعة بصحة جيدة وبدون عوامل معروفة تزيد خطر الإصابة بأمراض القلب .
وتابع الباحثون مستوى بروتين يُعرف بـ"إتش إس سي آر بي" (hsCRP)، وهو مؤشر على وجود التهاب في الجسم، طوال هذه الفترة.
كانت المفاجأة أن النساء اللواتي ظهرت لديهن مستويات مرتفعة من إتش إس سي آر بي واجهن مخاطر أعلى بكثير من غيرهن؛ فقد ارتفع خطر الإصابة بأمراض الشرايين التاجية بنسبة 77%، والسكتة الدماغية بنسبة 39%، وأمراض القلب والأوعية الدموية الكبرى بنسبة 52%.
وتشير هذه النتائج إلى أن الالتهاب، حتى في غياب عوامل الخطر المعروفة، قد يلعب دورا مهما في تطور أمراض القلب والأوعية، ويقول الباحثون إن هذه الفئة من المرضى غالبا ما تمر دون ملاحظة في الفحوصات الروتينية، وهو ما يجعلهم عرضة لمضاعفات خطيرة لاحقا.
وأظهرت تجربة سريرية منفصلة أن النساء اللواتي لديهن هذا المؤشر المرتفع، رغم غياب عوامل الخطر التقليدية، يمكن أن يقللن من خطر الإصابة بأمراض القلب والشرايين بنسبة تقارب 38% عند استخدام أدوية الستاتين، وهي أدوية تخفّض مستوى الكوليسترول الضار في الدم.
ويرى الباحثون أن الفائدة تكون أوضح عند البدء بالعلاج في منتصف العمر، أي في بداية الأربعينيات.
والستاتينات ليست جديدة في عالم الطب؛ إذ أجيز استخدامها منذ الثمانينيات، وأثبتت دراسات عديدة قدرتها على إنقاذ الأرواح وتقليل الوفيات المرتبطة بالنوبات القلبية والسكتات الدماغية. وتفتح الأبحاث الحالية الباب أمام التفكير في توسيع دائرة الاستفادة منها.
قال بول ريدكر، طبيب القلب الوقائي في معهد ماساتشوستس للقلب والأوعية الدموية في الولايات المتحدة: "بينما يجب على الأشخاص المصابين بالالتهاب اتخاذ خطوات وقائية لتحسين نمط حياتهم، مثل التغذية السليمة والنشاط البدني، قد يساعد استخدام أدوية الستاتين أيضا في تقليل خطر النوبات القلبية والسكتات الدماغية."
وأضاف "تشير بياناتنا إلى أن هؤلاء النساء معرضات لخطر كبير مدى الحياة، ولهذا يجب تحديدهن مبكرا، في الأربعينيات من العمر، عندما يمكنهن البدء بالعناية الوقائية، بدلا من الانتظار حتى السبعينيات، حيث يكون الوقت غالبا متأخرا جدا لتحقيق فرق حقيقي."
وبيّن الخبراء أن الالتهاب المزمن -الذي يرتبط غالبا بالسمنة- قد يكون عاملا رئيسيا خلف هذه المخاطر، كما أنه يرتبط بأمراض شائعة أخرى مثل السكري وأمراض القلب و الكبد الدهني غير الكحولي ، إضافة إلى بعض أشكال الخرف.