تشتري البنوك العالمية حصصًا في بنوك هندية، في ظلّ تزايد تخفيف الحكومة والجهات التنظيمية في البلاد القيود تجاه استحواذ الكيانات الأجنبية على حصص كبيرة، حسبما أشارت صحيفة فايننشال تايمز في تقرير اليوم الأحد.
ومنذ بداية العام، شهد القطاع المالي الهندي صفقات بقيمة 8 مليارات دولار من شركات أجنبية، ارتفاعًا من 2.3 مليار دولار العام الماضي و1.4 مليار دولار في عام 2023، وفقًا لبيانات ديلوجيك.
وذكر محللون في شركة موتيلال أوسوال للخدمات المالية، ومقرها مومباي في الهند ، في مذكرة، أن هذه الصفقات تعكس ثقة المستثمرين المتزايدة في الاقتصاد الهندي، وأنها "فتحت فصلا جديدا" في القطاع المصرفي الهندي.
تأتي الصفقات في الوقت الذي وضع فيه المسؤولون طموحاتهم لدمج القطاع، إذ صرحت وزيرة المالية نيرمالا سيتارامان هذا الشهر بأنّ الحكومة تريد إنشاء المزيد من "البنوك الكبرى".
وأعلن البنك المركزي الهندي أنّه يُراجع ما إذا كان سيُخفّف من حدّ ملكية أي مستثمر أجنبي واحد بنسبة 15% في أي بنك غير حكومي، على الرغم من أنه يُوافق بالفعل على عمليات بيع كبيرة على أساس كلّ حالة على حدة.
كانت أكبر صفقة عابرة للحدود في هذا القطاع هذا العام هي استحواذ بنك الإمارات دبي الوطني، أكبر مُقرض في دبي، على حصة 60% في بنك "آر بي إل" (RBL) متوسط الحجم بقيمة 3 مليارات دولار.
واشترت مجموعة سوميتومو ميتسوي المالية اليابانية حصة 24.2% في بنك "يس" (Yes) مقابل حوالي 1.7 مليار دولار، لتصبح بذلك أكبر مساهم فيه.
وأفادت مصادر مطلعة بأن مجموعة ميتسوبيشي "يو إف جيه" المالية، أكبر مُقرض في اليابان من حيث الأصول، تُجري محادثات متقدمة مع عدة مجموعات مالية غير مصرفية لشراء حصة كبيرة.
وعلى الرغم من ورود تقارير عن مفاوضات بين بنك "إم يو إف جي" (MUFG) الياباني وشركة "شريرام فاينانس" (Shriram Finance)، ومقرها تشيناي (جنوبي الهند)، لشراء حصة 20% بقيمة 2.6 مليار دولار، فإن المصادر أكدت أن الصفقة لم تُحسم بعد، وأن "إم يو إف جي" لا تزال تدرس خيارات أخرى، ونقلت بلومبيرغ عن مصدر لم تكشف هويته قوله: "لا يزال الوضع غير مستقر".
تُولي البنوك الأجنبية اهتمامًا متزايدًا للمجموعات المالية الهندية نظرًا للنمو الاقتصادي القوي الذي تشهده البلاد، حسب الرئيس التنفيذي للخدمات المصرفية الاستثمارية في شركة "إمكاي غلوبال فايننشال سيرفيسز" في مومباي، ياتين سينغ، وأشار إلى أن الأهداف المحتملة تشمل عددًا من بنوك القطاع العام التي ترغب الحكومة في خصخصتها.
وقال: "بالنسبة للاقتصادات الناضجة مثل اليابان، التي تعاني الآن من شيخوخة سكانية وتمتلك رأس مال، فإنها بحاجة إلى إيجاد طريقة لتوظيف رأس المال بطريقة تجعل العائد المعدل للمخاطر منطقيًا.. الهند خيار جذاب من هذا المنظور".
وقال فيكرام راغاني، الشريك الأول في شركة "جيه إس إيه" للمحاماة، وهي شركة محاماة هندية شاركت في صفقات مصرفية حديثة، إن عمليات الاندماج والاستحواذ السابقة ربما شملت جهات إقراض كانت "تعاني من نوع من الضغوط".
وقال: "يبدو الآن أن عقلية الجهة التنظيمية والحكومة تتغير للسماح للبنوك بالاستفادة من رأس المال العالمي لتحقيق النمو والتوسع.. إذا اضطرت بنوكنا إلى الارتقاء إلى مستوى أعلى، فستحتاج إلى رأس مال وخبرة دولية".
وقال مصدر مطلع وصفته الصحيفة بأنه على صلة ببنك الاحتياطي الهندي (البنك المركزي)، ولم تكشف هويته، إن البنك يتجه نحو زيادة المشاركة الأجنبية، واصفًا موجة الصفقات الأخيرة بأنها "تصويت ثقة" في اقتصاد الهند وقطاعها المصرفي.
وأضاف المصدر أن المستثمرين الأجانب يستهدفون البنوك متوسطة الحجم التي يسهل الاستحواذ عليها وتتمتع بمساحة أكبر للنمو.
وقال شريك في إحدى شركات رأس المال الاستثماري الرائدة في الهند إن بنوك الظل (تعمل خارج القطاع المصرفي الرسمي وتمارس أنشطة مالية مشابهة للبنوك التقليدية مثل الإقراض) تكتسب اهتمامًا أيضًا بعد أن خفف بنك الاحتياطي الهندي القيود المفروضة في عام 2023 استجابةً لموجة الائتمان التي أعقبت الجائحة والتي تركت العديد من الأسر غارقة في الديون.
وأضاف الشريك أنه منذ انتعاش القطاع، دأب بنك الاحتياطي الهندي على إخبار بنوك الظل "بإمكانكم المضي قدمًا وتوسيع دفاتركم والنمو بشكل أسرع".
كانت إحدى أكبر الصفقات هذا العام تتعلق ببنك الظل الهندي "سمان كابيتال"، حيث اشترت الشركة القابضة الدولية الإماراتية (ثاني أكبر شركة في الشرق الأوسط من حيث القيمة السوقية)، حصة مسيطرة بنسبة 43.5% مقابل مليار دولار.
وقال الشريك الإداري في شركة كريس كابيتال للاستثمار الخاص، كونال شروف إن تقييمات قطاع الخدمات المالية في الهند تبدو جذابة مقارنةً ببقية أسواق البلاد.
المصدر:
الجزيرة
مصدر الصورة
مصدر الصورة