في حال واجهت مشكلة في مشاهدة الفيديو، إضغط على رابط المصدر للمشاهدة على الموقع الرسمي
استبعد صندوق تقاعد المعلمين الدانماركي مؤخرا الأصول الإسرائيلية من محفظته الاستثمارية، بما في ذلك الشركات المملوكة أو الخاضعة لسيطرة الحكومة، وذلك احتجاجا على الحرب والجرائم التي ترتكبها إسرائيل في غزة، إلى جانب استمرارها في سياسة التوسع الاستيطاني با لضفة الغربية .
كان صندوق الثروة السيادي النرويجي، الأكبر في العالم بقيمة أصول تقدر بنحو تريليوني دولار، اتخذ خطوة مماثلة عبر سحب استثماراته من الكيان الصهيوني.
ولا يقتصر الأمر على النرويج والدانمارك، إذ اتجهت العديد من الصناديق والدول الأخرى إلى تجميد أو سحب استثماراتها من إسرائيل بسبب عدوانها المستمر على غزة والضفة الغربية.
وفي هذا التقرير تستعرض الجزيرة نت أبرز الدول والصناديق الاستثمارية التي قررت سحب استثماراتها من إسرائيل.
1- صندوق الثروة السيادي النرويجي (Norway wealth fund)
أنهى صندوق الثروة السيادي النرويجي -الأكبر في العالم- عقود إدارة الأصول التي كانت تُدير استثماراته في إسرائيل عبر مديرين خارجيين، على أن تنتقل هذه المهام إلى الإدارة الداخلية.
وقال الصندوق في أغسطس/آب 2025 إن جميع الاستثمارات في الشركات الإسرائيلية، التي كانت تُدار من قبل مديرين خارجيين سيتم نقلها إلى الداخل وإدارتها داخليا، وجاء القرار بعد مراجعة عاجلة، أثارتها تقارير إعلامية حول امتلاك الصندوق حصصا في شركات مرتبطة بالصناعات العسكرية الإسرائيلية وفق وكالة رويترز.
وباع الصندوق حصصه في 11 شركة إسرائيلية، وكان يمتلك بنهاية 2024 استثمارات في 65 شركة إسرائيلية تُقدر قيمتها بنحو 1.95 مليار دولار.
ووفق السياسة الجديدة، ستقتصر الاستثمارات على بعض الشركات المدرجة ضمن المؤشر المرجعي للأسهم، مع تعزيز الضوابط الأخلاقية والرقابية.
2- صندوق التقاعد النرويجي (Norwegian pension fund)
في يونيو/حزيران 2025 قال صندوق التقاعد النرويجي، أكبر صندوق تقاعد في البلاد، إنه لن يتعامل بعد الآن مع شركتين تبيعان معدات للجيش الإسرائيلي لأن هذه المعدات ربما تُستخدم في الحرب بغزة، وفقا لموقع الجزيرة الإنجليزي.
والشركتان هما شركة أوشكوش Oshkosh Corporation وهي شركة أميركية تركز في المقام الأول على الشاحنات والمركبات العسكرية، وشركة تيسنكروب ThyssenKrupp، وهي شركة صناعية ألمانية تصنع مجموعة واسعة من المنتجات، تتراوح من المصاعد والآلات الصناعية إلى السفن الحربية.
3- صندوق التقاعد الدانماركي (Danish teachers’ pension fund)
قال صندوق التقاعد الدانماركي ( أكاديميكر بنسيون ) الأربعاء الماضي، إنه سيستبعد أصول إسرائيل، بما في ذلك الشركات الخاضعة لسيطرة الحكومة، من محفظته الاستثمارية بسبب الحرب على غزة، وتوسيع المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية .
وذكر صندوق التقاعد الدانماركي، الذي تبلغ قيمته 157 مليار كرونة دانماركية (24.77 مليار دولار)، ويدير معاشات المعلمين وأساتذة الجامعات الدانماركية، أن الصراع لا يتماشى مع المبادئ الإنسانية الدولية.
4- صندوق تقاعد المربين الدانماركي (Denmark’s Pædagogernes Pension)
في أغسطس/آب 2025 سحب صندوق التقاعد الحكومي العالمي استثماراته من آخر 3 شركات في محفظته والتي لها روابط بإسرائيل والأراضي الفلسطينية المحتلة، وهي مجموعة إكسبيديا Expedia Group، وشركة بوكينغ هولدنغ Booking Holdings، وشركة إير بي إن بي Airbnb، حيث قال إن الوضع في المنطقة أصبح "غير قابل للاستمرار بشكل متزايد.
5 – صندوق الاستثمار السيادي الأيرلندي (ISIF)
في أبريل/نيسان 2024 أعلن صندوق الاستثمار السيادي الأيرلندي، الذي تبلغ قيمته 15 مليار يورو (17.55 مليار دولار)، أنه سيسحب استثماراته من 6 شركات إسرائيلية، من بينها بعض أكبر بنوكها بسبب أنشطتها في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وفق وكالة رويترز.
أدت وحشية ودموية حرب إسرائيل على غزة إلى تزايد التعبيرات عن عدم الرضا تجاه إسرائيل في العديد والمزيد من دول العالم، وعلى الرغم من أن حكومة بنيامين نتنياهو لا تواجه عقوبات على نطاق واسع، كما تعرضت روسيا مع بداية الحرب في أوكرانيا، فإن الثقافة والرياضة والإجراءات التي اتخذتها بعض الدول تركّز بشكل متزايد على إدانة إسرائيل بسبب حرب الإبادة في غزة، التي استشهد فيها ما لا يقل عن 66 ألف فلسطيني نتيجة لأفعال الجيش الإسرائيلي .
ويعد أحدث مثال على تقدم الحركة العالمية ضد إسرائيل -وإن كان بطيئا– الدعوة المباشرة التي وجهها رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز لحظر إسرائيل من الرياضة عقب الاحتجاجات في سباق الدراجات (فويلتا إسبانيا)، وفقا لصحيفة البايس الإسبانية.
وفي الأشهر الأخيرة، ومع تصاعد مجزرة غزة، فرضت واقترحت عدة دول وتكتلات تدابير اقتصادية ضد إسرائيل في محاولة للضغط على حكومة بنيامين نتنياهو.
وتتراوح هذه الإجراءات بين فرض عقوبات مباشرة وتعليق اتفاقيات تجارية، وحظر الاستيراد، وفرض قيود على النقل البحري والجوي.
وفيما يلي أبرز 5 دول فرضت عقوبات اقتصادية ضد إسرائيل:
1- تركيا
اتخذت تركيا الخطوة الأكثر صرامة، ففي مايو/أيار 2024، علقت جميع الصادرات والواردات مع إسرائيل، وقالت وزارة التجارة التركية إن تركيا أوقفت كل الصادرات والواردات من وإلى إسرائيل، مشيرة إلى "تفاقم المأساة الإنسانية" في الأراضي الفلسطينية.
وذكرت وزارة التجارة التركية، في بيان لها وقتها، أنه "تم إيقاف معاملات التصدير والاستيراد المتعلقة بإسرائيل، والتي تشمل جميع المنتجات"، وفقا لوكالة رويترز.
ومنذ ذلك الحين، وسعت القيود، فأغلقت موانئها أمام السفن والطائرات الإسرائيلية، وأكد وزير الخارجية التركي هاكان فيدان خلال جلسة برلمانية طارئة الشهر الماضي أن العلاقات التجارية بين بلاده وإسرائيل مقطوعة بالكامل، وأن الموانئ التركية مغلقة أمام السفن الإسرائيلية، في ظل ما ترتكبه إسرائيل من إبادة و تجويع بحق الفلسطينيين في قطاع غزة .
2- إسبانيا
اتخذت إسبانيا في الأشهر الأخيرة سلسلة من الإجراءات الاقتصادية والدبلوماسية غير المسبوقة ضد إسرائيل، أبرزها إقرار حظر شامل على تصدير واستيراد الأسلحة والمواد الدفاعية والتكنولوجيا ذات الاستخدام المزدوج.
ويشمل الحظر كذلك منع استخدام الموانئ والمطارات الإسبانية لعبور أي معدات أو وقود يمكن أن يُستخدم في الأغراض العسكرية داخل إسرائيل، إضافة إلى حظر استيراد منتجات المستوطنات الإسرائيلية غير القانونية والإعلان عنها في السوق الإسبانية، وفق الموقع الرسمي لرئاسة الحكومة الإسبانية.
كما ألغت الحكومة الإسبانية عدة عقود عسكرية مرتبطة بشركات إسرائيلية، منها صفقة أسلحة تقدر بـ700 مليون يورو (819 مليون دولار)، وفقا لصحيفة ليموند الفرنسية، وصفقة ذخيرة بقيمة 6.6 ملايين يورو (7.7 ملايين دولار)، بعد ضغوط سياسية وحقوقية واسعة، حسب صحيفة الغارديان البريطانية.
3- هولندا
اتخذت هولندا خلال عامي 2024 و2025 سلسلة من الإجراءات الاقتصادية والتنظيمية ضد إسرائيل على خلفية الحرب في غزة والتوسع الاستيطاني، فقد شددت الحكومة الهولندية الرقابة على صادرات السلع العسكرية والتكنولوجيا ذات الاستخدام المزدوج، وأوقفت عمليا منح التراخيص العامة لتصدير الأسلحة.
كما التزمت بتنفيذ حكم قضائي بوقف تصدير أجزاء طائرات "إف 35" (F-35) إلى إسرائيل خشية استخدامها في انتهاكات محتملة للقانون الدولي الإنساني، في حين جُمد منذ أكتوبر/تشرين الأول 2023 أي تصدير مباشر للسلاح إلى تل أبيب ، وفقا لوكالتي رويترز وأسوشيتد برس.
على الصعيد التجاري، أعلنت هولندا خططا لفرض حظر على استيراد السلع المنتجة في المستوطنات الإسرائيلية بالضفة الغربية، وشاركت في الدفع داخل الاتحاد الأوروبي لتعليق بعض المزايا التجارية الممنوحة لإسرائيل.
كما فرضت حظر سفر على عدد من الوزراء الإسرائيليين، مؤكدة أن هذه الخطوات تأتي انسجاما مع التزاماتها تجاه حقوق الإنسان والقانون الدولي وفقا للحكومة الهولندية، ووكالة رويترز.
4- أيرلندا
اتخذت أيرلندا خلال العامين الماضيين خطوات اقتصادية واضحة ضد إسرائيل، إذ أعلن الصندوق السيادي الأيرلندي (ISIF) في أبريل/نيسان 2024 سحب استثماراته التي تبلغ نحو 2.95 مليون يورو (3.45 ملايين دولار) من 6 شركات إسرائيلية، بينها بنوك كبرى مثل بنك هبوعليم وبنك لئومي، بسبب أنشطتها في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وفقا لرويترز.
وفي مايو/أيار 2025، مضت الحكومة قدما نحو تشريع قانون جديد يُعرف بـ"قانون حظر استيراد بضائع المستوطنات"، يُجرّم إدخال منتجات المستوطنات الإسرائيلية إلى السوق الأيرلندي باعتبارها مخالفة جمركية.
كما دعمت أيرلندا مقترحات المفوضية الأوروبية لتقييد بعض المزايا التجارية الممنوحة لإسرائيل بموجب اتفاقية الشراكة مع الاتحاد الأوروبي، مؤكدة أن هذه الإجراءات تأتي ردا على الانتهاكات الجسيمة في غزة والضفة الغربية، وبهدف الضغط لوقف الحرب واحترام القانون الدولي.
5- سلوفينيا
اتخذت سلوفينيا خلال عام 2025 سلسلة من العقوبات الاقتصادية والدبلوماسية ضد إسرائيل، أبرزها فرض حظر كامل على تجارة الأسلحة بما يشمل التصدير والاستيراد والعبور.
كما قررت منع استيراد منتجات المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية، باعتبارها غير قانونية وفق القانون الدولي، إضافة إلى الدعوة لتعليق اتفاقيات الشراكة مع إسرائيل والتلويح بإجراءات تجارية ومالية أخرى إذا استمر العدوان على غزة والضفة الغربية، وفقا لوكالتي أسوشيتد برس ورويترز.
إضافة إلى ما سبق، أعلنت ( مجموعة لاهاي ) لمحاسبة إسرائيل في اجتماع طارئ عقدته بكولومبيا خلال شهر يوليو/تموز الماضي عن انضمام 12 دولة لاتخاذ عقوبات ضد إسرائيل، بهدف قطع تدفق الأسلحة والذخائر والمعدات العسكرية، التي يُزعم أنها تُستخدم في ارتكاب جرائم حرب أو إبادة في غزة، وفقا لمنصة "موندويس" (Mondoweiss).
وهذه الدول هي: بوليفيا، وكولومبيا، وكوبا، وإندونيسيا، والعراق، وليبيا، وماليزيا، وناميبيا، ونيكاراغوا، وسلطنة عُمان، وسانت فنسنت وجزر غرينادين، وجنوب أفريقيا، وقد اتفقت هذه الدول على 6 نقاط رئيسية كإطار لعقوباتها والممارسات المرافقة، وهي:
يقول الاقتصادي والمحاضر السابق في جامعة النجاح الفلسطينية، الدكتور يوسف عواودة إن قرار صندوق تقاعد المعلمين الدانماركي مؤخرا، وقبله الصندوق السيادي النرويجي، بسحب استثماراتهما من إسرائيل، يمثل بداية لموجة انسحابات أوسع قد تُصيب الاقتصاد الإسرائيلي في أحد أهم أساساته.
ويضيف عواودة، في حديث للجزيرة نت، أن ما يناهز 60% من الاستثمارات الأجنبية في إسرائيل تتركز في قطاع التكنولوجيا المتقدمة (الهايتك)، وأن أكثر من 50% من الصادرات الإسرائيلية تعود لهذا القطاع، الذي يمثل ركيزة أساسية في الناتج الإسرائيلي ويوفر فرص عمل واسعة.
ويوضح عواودة أن اتساع حملات مقاطعة المنتجات الإسرائيلية، خاصة منتجات قطاع (الهايتك)، وما قد يترتب عليها من تراجع الطلب العالمي، من شأنه أن يدفع بمستثمرين أجانب إلى سحب استثماراتهم، فضلا عن تثبيط دخول مستثمرين جدد.
ويؤكد أن الاعترافات الدولية المتزايدة بدولة فلسطين ، إلى جانب قرارات بعض الحكومات بإلغاء صفقات مع إسرائيل -كما فعلت إسبانيا مؤخرا- تعزز احتمالية تنامي هذه الانسحابات في المرحلة المقبلة.
ويرى عواودة أن المرشحين الأبرز للانضمام إلى هذه الموجة هم الصناديق الاستثمارية الأكثر خضوعا لضغوطات الرأي العام الأوروبي، والأكثر حساسية لقضايا حقوق الإنسان على حساب الربحية التجارية، مثل الصناديق السيادية وصناديق التقاعد والضمان الاجتماعي.
من جانبه، يرى مؤسس موقع وصلة للاقتصاد والأعمال نبيل أرملي أن "كل ما طرح سابقا حول العقوبات الاقتصادية وتعاظم حركة المقاطعة والمطالبات بوقف التعامل مع الشركات والمؤسسات الإسرائيلية، لم يتحول إلى خطوات عملية ملموسة إلا في النصف الثاني من عام 2025.
ويقول للجزيرة نت "بدأ العالم بالتحرك -ولو ببطء شديد- فقط بعد أن انكشفت أمامه صور المجاعة المروعة وموت الأطفال جوعا وهول الدمار والإبادة. عندها فقط بدأنا نسمع عن قرارات صناديق سيادية وحكومات بسحب الاستثمارات، وإلغاء عقود، والتهديد بفرض عقوبات.
ويشير أرملي إلى أن "انسحاب الاستثمارات من قبل صناديق سيادية في دول مثل النرويج والدانمارك قد يكون بداية لموجة انسحاب أوسع من جانب شركات عالمية ومؤسسات مالية ومستثمرين دوليين، الأمر الذي يضع إسرائيل أمام خطر عزلة متزايدة عن الأسواق العالمية.
ويذهب المتحدث ذاته إلى أن إلغاء إسبانيا صفقات تسليح بقيمة مليار يورو قد يكون نموذجا لما قد تفعله دول وجهات أخرى، كما أن هجرة العقول من إسرائيل تعني تراجعا في الاستثمارات بقطاع الهايتك، القائم أساسا على المعرفة والمهارات البشرية.
وإلى جانب ذلك، يضيف أرملي أن الصناعيين في إسرائيل يشكون من إحجام مزودين أوروبيين عن التعامل معهم، وكذلك الحال في الأوساط الأكاديمية والتعاونات البحثية.
ويرى أن هذه التحولات لن تظهر نتائجها بشكل فوري، لكنها تحمل في طياتها أثرا خطيرا إذا ما اتسعت لتشمل المنظومة البنكية أو اتفاقيات التجارة الحرة، وحينها سيكون الاقتصاد الإسرائيلي أمام تحدٍّ غير مسبوق.
ويعتقد أرملي أن هذه التحركات، وما قد يتبعها لاحقا، ستترك أثرا على الاقتصاد الإسرائيلي على المديين المتوسط والبعيد، وإن كان الوضع الاقتصادي على المدى القصير لا يزال متينا.
ويقول إن الاقتصاد الإسرائيلي قادر حتى الآن على امتصاص الضغوطات ومواجهة التهديدات، لكن هذا لا يعني أن الوضع سيبقى على حاله.
واستدل على ذلك بارتفاع مؤشر تل أبيب 125 بنسبة 25% حتى نهاية الربع الثالث من هذا العام، وتسجيل الاستثمارات في قطاع الهايتك حتى أغسطس/آب 7 مليارات شيكل (ملياري دولار)، وسط توقعات بنمو اقتصادي يتراوح بين 4.6% و5% لعام 2026 بافتراض وقف الحرب على غزة.