آخر الأخبار

بينالي البندقية للعمارة 2025 – سخونة المدن تتحدى عالم البناء

شارك

في حال واجهت مشكلة في مشاهدة الفيديو، إضغط على رابط المصدر للمشاهدة على الموقع الرسمي

صورة للحرارة في وسط مدينة ميونيخ بجنوب ألمانيا - مثل هذه الصور أصبحت تتكرر بشكل كثيرصورة من: Gustav Goetze

سواء أكانت الأمطار الغزيرة أو الحرارة الشديدة أو الفيضانات أو الجفاف؛ لم يعد الطقس المتطرف أمرًا نادرًا وهذا ينطبق على الكرة الأرضية بأكملها. ففي أوروبا، وهي القارة الأسرع ارتفاعًا في درجات الحرارة بسبب التغير المناخي ، الذي هو من صنع الإنسان، توفي في عام 2022 أكثر من 60 ألف شخص نتيجة لأمراض مرتبطة بالحرارة. كان معظمهم يعانون من حالة مرضية موجودة من قبل، لكن درجات الحرارة المرتفعة وضعت ضغطًا إضافيًا على الجسم. وفي العام التالي، وهو العام الأكثر حرارة منذ بدء تسجيلات الطقس، كان هناك أكثر من 47 ألف حالة وفاة مرتبطة بالحرارة.

وهي أرقام لم تعد تترك المهندسين المعماريين والمخططين الحضريين يشعرون بالراحة، ويقول كارلو راتي، أمين بينالي البندقية التاسع عشر للعمارة (من 10 مايو إلى 23 نوفمبر): "من أجل مواجهة عالم يحترق ، يجب على الهندسة المعمارية استخدام كل الذكاء من حولنا". ويضيف ابن مدينة تورين: "يجب على عالم البناء أن يقدّم ما يجب أن يقدّمه ليس في وقت ما، بل الآن!".

كارلو راتي، كبير أمناء بينالي البندقية للعمارة التاسع عشر، يقول: يجب الضغط من أجل تبني نهج البناء الصديق للمناخ. صورة من: Hiro Komae/AP Photo/picture alliance

يُعقد البينالي هذه المرة تحت شعار: "ذكاء. طبيعي. اصطناعي. جماعي". ويكشف الشعار الضخم إلى حد ما عن الفكرة الكامنة وراء بينالي هذا العام، إذ يجب أن يوضع عالم البناء على المحك. ولتحقيق ذلك، يجب على الصناعة أن تجمع نقاط قوتها، وقبل كل شيء معرفتها من صناعة البناء إلى التخطيط الحضري والبناء. ويجب أن يجلس جميع الأجيال إلى الطاولة ويضعون عليها جميع التخصصات، من العلوم الطبيعية إلى الفنون. هناك كل الأسباب لفعل ذلك، لأنه مع تفاقم تغير المناخ ، يتزايد عدد الأيام الحارة ومعها تتزايد المخاطر الصحية على الناس خاصة في المدن، حيث يعيش نصف سكان العالم.

المدن المغلقة تزداد سخونة

أكبر مصدر للقلق هو ارتفاع درجة الحرارة في مناطق التجمعات السكانية الكبرى. والسبب الرئيسي لذلك هو أن العديد من المدن مغلقة بإحكام بشكل كبير. فالساحات والممرات وغيرها من الأسطح مُبلطة (بالحجارة أو البلاط مثلا) أو خرسانية أو أسفلتية. وهناك عدد قليل جداً من الأشجار التي توفر الظل وتساعد على تبريد المدينة. تخزن الأسطح الداكنة درجات الحرارة المرتفعة في النهار. فتتكون الجزر الحرارية وترتفع درجة حرارة المدينة . والأكثر من ذلك، هو أنه أثناء هطول الأمطار الغزيرة، تمنع الأسطح، التي ليس بها مسام، عملية تسرب المياه إلى جوف الأرض، والنتيجة هي زيادة الحمل على أنظمة الصرف الصحي فتتعرض للانهيار، وهذا بمثابة حلقة مفرغة.

يترأس بيتر كاشولا شمال متحف العمارة الألماني في فرانكفورت، حيث يعرض مشاريع المباني الناجحة المتكيفة مع المناخصورة من: Kirsten Bucher/Deutsches Architekturmuseum/dpa/picture alliance

إذاً ما الذي يمكن فعله؟ يقول بيتر كاشولا شمال، مدير متحف العمارة الألماني في فرانكفورت أَم ماين: "المشاكل معروفة، والحلول مطروحة منذ فترة طويلة على الطاولة، ولكن هناك نقص في التنفيذ. نحن بطيئون جداً!". ويستشهد بمثال على ذلك بميدان باول أرنسبرغ-بلاتس في حي أوستند في فرانكفورت الذي كان يخشى في السابق بسبب أجوائه شديدة الحرارة. وبعد إعادة تصميمه وإعادة تشكيله، تنتشر الآن أحواض بها أشجار صغيرة. وتتحدث مدينة فرانكفورت عن "الحاجة الملحة للتكيف مع المناخ". لم يقتنع المهندس المعماري شمال حتى الآن بالمشروع، فهو يرى أن المشروع فاتر ويقول ساخراً: "نعم، الأشجار الصغيرة ستلقي بظلالها المناسبة في غضون 30 عامًا".

ثورة النقل في باريس

يبدو أن التكيف مع المناخ ، وهذا أمر مؤكد، هو موضوع الساعة. وتضطر البلديات والمواطنون على حد سواء في بعض الأحيان إلى إنفاق الكثير من الأموال على هذا الأمر. ما ينقصنا هو القرارات السريعة غير البيروقراطية كما هو الحال في باريس، التي عانت من ارتفاع عدد الوفيات المرتبطة بالحرارة بشكل خاص. كان رد فعل عمدة المدينة آن هيدالغو هو إعطاء مدينتها تحولًا جذريًا في حركة المرور. فقد تم تهدئة حركة المرور في وسط المدينة، وتمت مضاعفة رسوم وقوف سيارات الدفع الرباعي ثلاث مرات، وفُكّت صفوف من مواقف السيارات في الشوارع وتم تحويلها إلى مساحات خضراء للتنفس. في باريس كان الرأي العام في حالة غليان، لكن هيدالغو حظيت بالإشادة في جميع أنحاء أوروبا.

بينالي البندقية التاسع عشر للعمارة في البندقية، الأشجار كحماية من الحرارة الزائدةصورة من: Hans Joosten

وفي الوقت نفسه تعطي مدن أخرى مثل كوبنهاغن وروتردام مثالاً يُحتذى به من خلال تحويل نفسها إلى "مدن إسفنجية" محمية من الأمطار. لا يتم توجيه مياه الأمطار وتصريفها بعيدًا، بل يتم امتصاص المياه من قبل المساحات الخضراء والأراضي الرطبة مثل الإسفنج.

الألمانية إليزابيث إندريس، أستاذة تكنولوجيا البناء في جامعة براونشفايغ، تدعو في مقابلة مع DW إلى ما لا يقل عن "ثورة بناء" عالمية. وتقوم إندريس مع المهندسة المعمارية نيكولا بورغمان من ميونيخ، ومهندس المناظر الطبيعية غابرييل كيفر والمهندس المعماري دانيل سانتوتشي بتنسيق مشاركة ألمانيا في بينالي العمارة في البندقية.

من اليمين: دانيل سانتوتشي ونيكولا بيرغمان وإليزابيث إندريس، أمناء جناح ألمانيا في بينالي البندقية 2025. الثلاثة يريدون أن يشعر من يزور جناح ألمانيا بمشكلة حرارة المدن. صورة من: Josef Grillmeier

أي شخص سيدخل الجناح الألماني، سيكون بمقدوره أن يشعر بنفسه كيف سيكون المناخ الحضري المستقبلي : حار وخانق وخطير!. "اختبار تحمل" هو اسم المعرض الشامل، الذي يصاحبه فيلم قص ولزق والكثير من المعلومات والأعمال الفنية، بما في ذلك فيديو لكريستوف بريتش يدق فيه جرس كإنذار.

تغير المناخ من أجل التجربة

ومع ذلك يبدو أن الرسالة قد وصلت بالفعل إلى العديد من الناس. ففي فرانكفورت على سبيل المثال تضافرت جهود نشطاء المناخ من مختلف الأعمار لتنظيم "زراعة المدينة". فهم يزرعون الجزر المرورية وغيرها من المساحات الخضراء ويزرعون الفاكهة والخضروات باعتبارهم "أبطال الخضروات"، كما أعلنوا أنفسهم. كما تساهم اللافتات المعلقة على أشجار مدينة برلين في حماية المناخ ، وتناشد: "اسقني الماء!". ولطالما كان البناء الصديق للمناخ أيضًا موضوعًا لمعارض المتاحف. فابتداءً من شهر يونيو/ حزيران، سيقدم متحف العمارة الألماني في فرانكفورت سلسلة كاملة من المشاريع الناجحة. عنوان المعرض هو "العمارة والطاقة: البناء في زمن التغير المناخي".

عندما ترتفع درجة حرارة الأسطح أكثر من اللازم كما تُظهر هذه الصورة يعاني كبار السن والمرضى والأطفال على وجه الخصوصصورة من: Josef Grillmeier

هل يكفي بينالي العمارة لإحداث نهضة جديدة؟ تقول إندريس المنسقة من براونشفايغ: "سيأتي الزخم تلقائيًا". الأرقام والتوقعات تتحدث عن نفسها: "سوف نعاني" . وحيثما يكون مستوى المعاناة مرتفعًا بما فيه الكفاية، سيتم اتخاذ الإجراءات بسرعة. "المدن التي استعدت جيدًا ستخرج منها بشكل جيد. أما المدن الأخرى فلن تكون كذلك". وتقول المنسقة المشاركة نيكولا بورغمان، مديرة معرض ميونيخ للعمارة: "الأمل في أن تتغير الأمور موجود، ولكن يجب أن يكون بشكل أسرع بكثير، وإلا فإن المدن الأوروبية لن تكون صالحة للسكن في غضون بضعة عقود".

أعده للعربية: م.أ.م/ تحرير: صلاح شرارة

DW المصدر: DW
شارك

إقرأ أيضا


حمل تطبيق آخر خبر

آخر الأخبار