تخزن الحيوانات التي تدخل في سبات شتوي الدهون لا كمخزون للطاقة فقط، بل كمصدر للمياه أيضاً. تُظهر دراسة جديدة أن نفس الأمر قد يحدث لدى البشر الذين يعانون من زيادة الوزن، نتيجةً للجفاف والملح والسكر، الأمر الذي يقدم المزيد من الأدلة على كيفية تطور السمنة وضرورة شرب الماء للحيلولة دون زيادة الوزن، حسب ما أورد الموقع الإلكتروني لهيئة الإذاعة والتلفزيون الألمانية MDR.
طورت العديد من الحيوانات البرية برامج بيولوجية للحفاظ على الماء خلال فترات الندرة، أو حتى إنتاجه داخل أجسامها. تشير دراسة جديدة إلى أن آليات مماثلة قد تُفعّل أيضاً في عملية الأيض لدى البشر عندما يحدث نقص طويل الأمد ومستمر في مخزون الماء في جسم الإنسان.
ينص مبدأ "الصحة الواحدة" على أن صحة الإنسان والحيوان والبيئة مترابطة بشكل وثيق فيما بينها، وأننا غالباً ما نفهم فيزيولوجيا الإنسان بشكل أفضل عند النظر في الحلول البيولوجية التي طورتها الحيوانات لمواجهة تفس التحديات.
قبل دخول الحيوانات في السبات الشتوي تخزن احتياطات من الدهون في الخريف. وعندها يكون مستويات هرمون الفازوبريسين عالية. وهذا الهرمون يحفز العطش، كما يُحفز الكلى أيضاً على إفراز أقل قدر ممكن من الماء.
في السبات الشتوي تنتقل الحيوانات من استقلاب الكربوهيدرات إلى استقلاب الدهون، وعندها تنخفض مستويات الفازوبريسين. وخلال السبات، ينخفض معدل الأيض ودرجة حرارة الجسم والتنفس بشكل كبير، ما يقلل من التبخر ويضمن الاستفادة القصوى من الماء الأيضي.
تشير دراسة "جامعة الطب البيطري في فيينا " (Vetmeduni) إلى أن جسم الإنسان يُفعّل برامج مماثلة لما تفعله الحيوانات في سبات الخريف: فهو يُخزّن الدهون عندما يعتقد أنه بحاجة إلى الحفاظ على الماء. ويُجادل الباحثون بأن قلة تناول السوائل تزيد من الإسمولالية: تركيز الجسيمات الذائبة في الدم، وهذا بدوره يُفعّل الفازوبريسين، الهرمون الذي يُحفّز تخزين الدهون لدى الحيوانات. ومن المُرجّح أن يُعزّز الملح والفركتوز، وهو سكر بسيط متوفر بكثرة في المشروبات السكرية والعديد من الأطعمة المُصنّعة، هذا التأثير.
تشرح الباحثة المشاركة سيلفيا كالجيروبولو: "يشير بحثنا إلى أن الفركتوز الغذائي والفركتوز الداخلي يُحفّزان هذا الخلل من خلال تغيير إشارات اللبتين. علاوة على ذلك، يُعزّز الفركتوز إنتاج الفازوبريسين والشعور بالعطش، وهي عملية يُحفّزها تناول الملح".
واللبتين هو هرمون يُنظّم الشعور بالشبع ويتحكم بالشهية.
يظهر العديد من المصابين بالسمنة ارتفاعاً في مستويات الفازوبريسين وزيادة في تركيزه وكلاهما مؤشر على جفاف خفيف مزمن. يحافظ الجسم على توازن الماء من خلال الاعتماد بشكل متزايد على آليات الحفاظ على الماء، مثل الفازوبريسين، ما قد يُعزز اضطرابات التمثيل الغذائي على المدى الطويل.
تشير الدراسة إلى أن تناول كميات كافية من السوائل لا يحمي القلب والكلى فحسب، بل قد يُبطئ أيضاً من زيادة الوزن. كما تُقدم آلية إضافية محتملة لكيفية عمل أدوية إنقاص الوزن الحديثة، مثل مُنبهات GLP-1. ووفقًا للباحثين، قد تُعزى فعاليتها "جزئياً إلى قدرتها المعروفة على تثبيط إنتاج الفازوبريسين والغلوكاغون".
بالنظر إلى أن البشر يفقدون المزيد من الماء في الظروف الحارة والجافة، فقد يصبح الترطيب أكثر أهمية للصحة في ظل ارتفاع درجات الحرارة على كوكب الأرض، لأنه إذا تحول الجسم بشكل متكرر إلى "وضع توفير المياه"، فقد يؤدي ذلك، على المدى الطويل، إلى زيادة الميل إلى السمنة واضطرابات التمثيل الغذائي، حسب الموقع الإلكتروني لهيئة الإذاعة والتلفزيون الألمانية MDR.
تحرير: حسن زنيند
المصدر:
DW