آخر الأخبار

مدارس خاصة تعيق تواصل ذوي الطلبة بقيود أبرزها منع الزيارات وحجب أرقام المعلمين

شارك

أكد أولياء أمور أن عدداً من المدارس الخاصة يفرض قيوداً مشددة تعيق تواصلهم المباشر مع المعلمين، من خلال حصر قنوات الاتصال في البريد الإلكتروني والمجموعات المدرسية والاستبانات، ومنع التواصل المباشر المعلمين، وقصر اللقاءات المباشرة على مواعيد محددة بنهاية الفصلين الدراسيين.

وقالوا لـ«الإمارات اليوم» إن هذه القيود تُضعف قدرتهم على متابعة أبنائهم بشكل يومي، ولا تتيح فهماً دقيقاً لتطوراتهم السلوكية والأكاديمية، ما يحوّل التواصل إلى إجراء شكلي لا يلبّي احتياجات الطلبة، ولا يعزز الشراكة التربوية المنشودة.

وحذّر مختصون نفسيّون وتربويون من تلك القيود التي تضعف الشراكة التربوية، وتترك الطلبة دون دعم متكامل يراعي احتياجاتهم النفسية والتعليمية.

حصر قنوات التواصل

وتفصيلاً، تؤكد المستشارة التربوية والصحة النفسية، الدكتورة إيمان فؤاد، أن حصر قنوات التواصل في الرسائل الإلكترونية والمجموعات المدرسية، مع غياب الحوار المباشر بين الأسرة والمعلم، يخلق لدى الطالب حالة من الارتباك، إذ يُجبر على التكيف مع رسائل متناقضة صادرة عن بيئتين غير متكاملتين.

وتوضح أن هذا الانفصال الجزئي قد ينعكس سلباً على الطالب، من خلال تراجع ثقته بنفسه، وانخفاض تحصيله الدراسي، وظهور سلوكيات سلبية، نتيجة شعوره بأن مشكلاته غير مسموعة أو ليست محل اهتمام، وترى أن جذور الإشكالية تعود إلى تقييد التواصل بقنوات محدودة وفرض قيود على اللقاءات المباشرة مع المعلمين والإدارة.

وتؤكد أن الطالب يقف في منتصف هذه المنظومة المغلقة ودعم الأسرة، ما يستدعي توسيع قنوات التواصل، وتوحيد الرسائل التربوية بين المدرسة والبيت، وإعادة بناء الثقة على أساس الشفافية والتكامل، ليجد الطالب منظومة واحدة داعمة ومستقرة، لا منظومتين متنافرتين تعيقان استيعابه ونموه التربوي.

ممارسات مغلقة

وعلى الرغم من تأكيد الجهات المعنية أن ولي الأمر شريك أساسي في العملية التعليمية، فإن واقع بعض المدارس الخاصة يكشف عن ممارسات تتناقض مع هذا التوجه، بدءاً من إغلاق أبواب المديرين، مروراً بحجب أرقام المعلمين، وصولاً إلى الاكتفاء ببريد إلكتروني ومجموعات مدرسية واستبانات، مع وضع قيود على التواصل المباشر، وهكذا تتقلص مساحة الشراكة، ويتراجع دور الأسرة، وتتولد فجوة تؤثر مباشرة في دعم الطالب ومتابعته.

شراكة ليست مجاملة

ويؤكد الخبير التربوي الدكتور معتصم عبدالله، أن التعليم المتطور يقوم على شراكة ثلاثية بين الطالب والمدرسة والأسرة، وأن تجاهل أحد أضلاع هذه المنظومة يحوّل العملية التعليمية إلى عمل أحادي.

ويشير إلى أن انتهاج بعض المدارس «فلسفة معزولة» لا تراعي دور ولي الأمر، ولا تتسق مع السياسات الوطنية، يعرقل تطوير شخصية الطالب، ويضعف القدرة على تقييم سلوكه أو قراءة احتياجاته، ويقترح إنشاء شبكة تواصل موحدة للتعليم الخاص، تضمن وضوح القنوات، وتمنع الاجتهادات الفردية التي تربك المؤسسة التربوية والأسرة معاً.

عملية معقّدة

وتحدّث أولياء الأمور: ميادة ياسين وإيهاب زيادة و(أم عبدالله) وعيسى الرضوان وعبدالله شمري عن معاناتهم مع مدارس أبنائهم، مؤكدين أن منع الزيارات، وحجب أرقام المعلمين، وصعوبة مقابلة المديرين، حوّلت التواصل إلى عملية معقّدة تُدار عبر البريد الإلكتروني والمجموعات المدرسية، دون أن تسهم في حل المشكلات أو تفسير سلوك الطلبة أو أسباب تراجع مستواهم الدراسي، ووصف بعضهم شعوره بأنه «منفصل» عن حياة ابنه المدرسية، فيما رأى آخرون أن المدارس تتعامل معهم كأنهم «طرف دخيل» لا شريك تربوياً في العملية التعليمية.

عملية شكلية

وأكد المعلمون في عدد من المدارس الخاصة: (إبراهيم.ق) و(عمرو.و) و(سميحة.ب) و(وفاء.أ) أن بيروقراطية بعض الإدارات، والقيود التي تفرضها تحول التواصل إلى عملية شكلية لا تحقق أي قيمة تربوية، وأوضحوا أن البريد الإلكتروني ومجموعات المدرسة والاستبانات لا تصلح لإدارة حالات الطلاب المتعثرين أكاديمياً أو الذين يعانون سلوكيات تحتاج لتدخل مباشر، وأن منع التواصل الهاتفي المباشر يحرم الأسرة التفاعل السريع مع المواقف اليومية، ويرون أن غياب الحوار المباشر مع ولي الأمر يعوق تنفيذ خطط علاجية فعّالة، ويترك المدرسة تعمل في «فراغ تربوي» بعيداً عن البيت.

مدارس منفتحة.. وأخرى مغلقة

وأكد مديرو مدارس: سلمى عيد، وسمر أبومرسة، وخالد عبدالحميد، وحميدان ماضي، أن ولي الأمر يُسمح له بدخول المدرسة والتواصل المباشر مع مختلف الكوادر التربوية، بوصفه شريكاً أصيلاً في العملية التعليمية، وله الحق في متابعة أبنائه ولقاء المعلمين لعرض أو مناقشة أي مشكلة تعليمية تتعلق بالطالب في أي مادة، وأوضحوا أن هذا التواصل متاح في أي وقت، شريطة التنسيق المسبق لتنظيم اللقاء، وضمان عدم تعارضه مع التزامات المعلم ومهامه التعليمية داخل الصف.

في المقابل، تتبنى مدارس أخرى، فضّل مديروها عدم ذكر أسمائهم، سياسة «السيطرة المركزية»، التي تحدّ من وصول أولياء الأمور إلى المعلمين أو الأخصائيين، وتربط جميع أشكال التواصل بإدارة المدرسة، بذريعة الحد من المشكلات أو منع الدروس الخصوصية، ومتابعة السلوكيات السلبية بدقة لمعالجتها، ولم يقدّم هؤلاء تفسيرات واضحة لأسباب حجب أرقام هواتف المعلمين عن أولياء الأمور، أو صعوبة لقاء المديرين، فيما يرى مختصون أن مثل هذه الممارسات تخلق بيئة تعليمية باردة ومنعزلة، لا تستجيب بالقدر الكافي لاحتياجات الطلبة النفسية والتعليمية.

رصد ميداني

أظهر رصد ميداني لـ«الإمارات اليوم» تفاوتاً واسعاً بين المدارس الخاصة، إذ تسمح بعض المدارس بالزيارة اليومية، وأخرى تمنع الدخول نهائياً، وبعضها يتيح هواتف المعلمين، وأخرى تحجب كل القنوات باستثناء البريد المركزي ومجموعات المدرسة، فيما اقتصر التواصل الأكاديمي المباشر عبر لقاءات أولياء الأمور نهاية الفصلين الأول والثاني لمناقشة معدلات الطلبة.

دعوات للرقابة

ويطالب أولياء أمور الجهات المعنية بوضع إطار واضح يضمن الحد الأدنى من الشفافية والتواصل، ويمنع الاجتهادات الفردية التي تتحول إلى قرارات تعسفية في بعض المدارس، ويؤكدون أن الرقابة الفاعلة ضرورة لوقف الممارسات التي تعزل الطالب وتربك الأسرة، وضمان أن تكون المدرسة جزءاً من الحل لا جزءاً من المشكلة.

شارك


حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا