كشف رئيس لجنة الاحتضان رئيس قسم التوجيه الأسري بمحكمة الأحوال الشخصية في دبي، أحمد عبدالكريم، أن اللجنة أصدرت توصيات بإسقاط الحضانة عن أمهات في حالات عدة، من بينها التأكد من تردد شخص غريب على منزل إحدى الأمهات الحاضنات في أوقات غير مناسبة، وجلوسه أمام التلفاز لمشاهدة المباريات مرتدياً «شورت»، وتكرار خروج أمّ أخرى في الليل وترك الطفل لدى الخادمة، وكذلك إساءة معاملة الابنة من قبل صديق لأمّ.
وقال عبدالكريم، في حوار مع منصة «عرب كاست»، إن تعلق الطفل بالأم لا يكفي لاستمرارها حاضنةً إذا كان وجود الطفل معها يُمثّل ضرراً واضحاً عليه، مثل حالة فتاة مراهقة كانت تسمح لها أمها بالسهر في الخارج حتى وقت متأخر.
وتفصيلاً، أفاد رئيس لجنة الاحتضان بأن اللجنة تتولى جانباً ميدانياً مهماً في النزاعات المتعلقة بالحضانة، فتنتقل إلى منزل الطفل ومدرسته وبيئته المحيطة، وتجمع القرائن الاجتماعية والنفسية والميدانية والجنائية، ومن ثم تتولى تحضير الأرضية الفنية للمحكمة، وتحدد ما إذا كانت بيئة الطفل مناسبة، وهل ثمة ضرر، وما درجة التعلّق، وهل هناك اضطرابات أو إهمال، ثم تُرفع التوصية، وللقاضي كلمة الفصل سواء بالحكم بإسقاط الحضانة، أو استمرارها أو غير ذلك من أحكام ذات صلة بموضوع النزاع.
وأضاف أن هناك حالات أوصت فيها اللجنة بإسقاط الحضانة عن الأم، من بينها أب اشتكى بأن ابنته ذات الـ14 عاماً تسهر بحرية خارج المنزل وتعود قرب منتصف الليل، مشيراً إلى أن الأم متساهلة بشكل خطر ولا تفرض رقابة مناسبة، فيما ردت الأم بأن الفتاة مراهقة، وأنها تثق بها، وتعتبر أن منحها الحرية أفضل من فرض قيود تجعلها تتمرد.
وأشار إلى أن اللجنة استمعت للطرفين، وراجعت أقوال الفتاة نفسها، واكتشفت أنّها تخرج باستمرار في أوقات متأخرة من دون إشراف مباشر، ومن ثم أوصت بانتقال الحضانة للأب، لأنه أكثر حرصاً على الانضباط وحماية البنت في مرحلة حساسة، ووافقت المحكمة على توصية اللجنة، واعتبرت أن «التعلّق بالأم» لا يكفي إذا كان فيه ضرر واضح.
وفي حالة أخرى، قال أب إن الأم تخرج ليلاً بشكل متكرر وتترك الأطفال مع الخادمة، وعزز أقواله بتقارير من المدرسة عن ضعف أداء الأبناء دراسياً، وردت الأم بأن خروجها كان لأسباب عائلية ضرورية، ولم يكن هناك ضرر مباشر.
وتحققت اللجنة من المحاضر الميدانية، وثبُت أنّ الغياب كان متكرراً فعلاً، وأن الأطفال ظلّوا فترات طويلة مع الخادمة، وأوصت بنقل الحضانة للأب، على الرغم من أن الأم كانت قد بُرئت جزائياً في قضية أخرى، ووافقت المحكمة على توصية اللجنة.
ومن القضايا اللافتة أن الأب قدّم بلاغاً قال فيه إن رجلاً غريباً يقيم بوتيرة شبه يومية في بيت الأم بحضور ابنهما، بعدما أخبره الأخير بذلك، وردت الأم بأن الرجل هو جارها، وأنه زارها مرة واحدة لإصلاح التلفاز
وكشف أن اللجنة استمعت إلى الطفل (ثماني سنوات)، فحكى ببراءة أنّ «عمو» «يجلس في الصالة، يشاهد المباريات، ويدخّن وهو لابس شورت».
التفاصيل الدقيقة التي ذكرها الطفل جعلت اللجنة تميل إلى تصديقه، ولم تكن الإشكالية في سلوك الأم بقدر تناقض حديثها، وسماحها لشخص غريب بالبقاء في المنزل بشكل دائم يهدد البيئة التربوية، وأوصت اللجنة بإسقاط الحضانة، ووافقت المحكمة على ذلك.
وفي حالة أخرى، رفع أب دعوى قال فيها إن صديق الأم يعامل ابنته الطفلة (تسع سنوات) معاملة سيئة، فيما أنكرت الأم ذلك، وأصرت على أن الأب يبالغ لتشويه صورتها.
وقال عبدالكريم إن اللجنة استمعت إلى الطفلة، فذكرت تفاصيل دقيقة عن مواقف غير لائقة، وبفحص الحالة ميدانياً تأكدت من وجود انسجام بين أقوالها وما لاحظه الباحثون اجتماعياً، فأوصت اللجنة بإبعاد الطفلة عن هذه البيئة، وإسقاط حضانة الأم، وأيّدت المحكمة ذلك.
وكان رئيس لجنة الاحتضان أحمد عبدالكريم ذكر أن اللجنة تعدّ عين القاضي، وترجع جذورها إلى المادة (59) من قانون حقوق الطفل «وديمة»، غير أنّ انطلاقتها المؤسسية جاءت بقرار أصدره في منتصف عام 2022، سموّ الشيخ مكتوم بن محمد بن راشد آل مكتوم، النائب الأول لحاكم دبي نائب رئيس مجلس الوزراء وزير المالية رئيس مجلس دبي القضائي، ومنذ ذلك التاريخ، تُعدّ الذراع الاجتماعية - النفسية - الجنائية للمحكمة، فتتحرى الوقائع، وتُجري الزيارات الميدانية، وتقدّم توصيات فنية تُعين القاضي على تشكيل قناعته في دعاوى الحضانة.
وتتشكّل اللجنة من سبعة أعضاء منتدَبين من جهات متعددة، وهم: عضوان من شرطة دبي (أحدهما معنيّ بحقوق الطفل)، وعضوان من هيئة تنمية المجتمع (للمهام الميدانية وملاحظة بيئة الطفل)، وعضو من هيئة الصحة في دبي (للتقييمات النفسية والبدنية عند الحاجة)، وعضوان من محاكم دبي، إلى جانب أخصائي اجتماعي يُعِدّ التقرير من داخل المحكمة.
وتابع أنه رُوعي عند اختيار أعضاء اللجنة معيار «الأصلح» وظيفياً وخبرةً، من دون اشتراطات شخصية لا تقتضيها الوظيفة (كالزواج)، لافتاً إلى أنه في التشكيل الحالي هناك ثلاثة رجال وأربع نساء، ما يحقق توازناً مهنياً ووجدانياً.