أكد مواطنون قاطنون بمناطق ند الشبا الرابعة والورقاء في دبي، انبعاث روائح مزعجة بشكل مستمر، لافتين إلى أنها تسبب لهم حرجاً شديداً أثناء استقبال ضيوفهم، كما تدفعهم إلى إغلاق نوافذ المنزل بشكل دائم، حتى في الفترات التي يميل فيها الطقس للاعتدال.
وأضافوا أن المشكلة تعود إلى سنوات طويلة، داعين الجهات المعنية إلى اتخاذ إجراءات فعلية تنهي المشكلة.
وعزوا أسباب الروائح إلى محطات معالجة مياه الصرف الصحي القريبة، وتأخر إجراء الصيانة الدورية لها، مع نشاط الرياح ليلاً.
في المقابل، أكدت بلدية دبي أنها وضعت خطة عمل لتطوير محطة ورسان، تهدف لمعالجة «مياه الصرف» بما يواكب النهضة العمرانية المتسارعة في الإمارة.
كما أكدت عزمها إدخال تقنيات مستدامة متقدمة لمعالجة مياه الصرف الصحي.
وتفصيلاً، قال المواطن محمد عبدالله: «منذ انتقالي للسكن في منزلي بمنطقة ند الشبا الرابعة، في عام 2021، أعاني رائحة مزعجة تنتشر بين الحين والآخر، وتمتد إلى داخل المنزل، الأمر الذي يشكّل مصدر إزعاج لي ولأسرتي، فضلاً عن الإحراج الكبير الذي نتعرض له أثناء استقبالنا الضيوف»، وأضاف: «على الرغم من استخدامنا الدائم للمنظفات والمعطرات والدخون على مدار اليوم، إلا أنها تعد حلولاً مؤقتة تنتهي بانتهاء تأثيرها».
وقال: «نغّصت هذه المشكلة عليّ وعلى أسرتي الصغيرة فرحة الانتقال للمنزل الذي بنيته، وانتقلت إليه برفقة أبنائي الثلاثة»، داعياً الجهات المختصة للنظر في الموضوع، ومحاولة إيجاد الحلول الكفيلة بحل هذه المشكلة، وذكرت (أم عبدالله)، القاطنة في المنطقة ذاتها منذ 13 عاماً، أن المشكلة تمتد لسنوات طويلة.
وقالت: «لا نعرف مصدر الروائح، فلسنا من أهل الاختصاص، كما أن المنطقة بعيدة عن المناطق المعرضّة لمثل هذه المشكلة»، وأضافت: «هناك فترات تشتد فيها الروائح، وتستمر ساعات، لاسيما في الفترة المسائية، وتنتشر بقوة داخل المنزل، ما يحول دون شعورنا بالراحة وقدرتنا على الذهاب للنوم».
وأشارت إلى أن «هذه المشكلة تؤثر في سمعة المنطقة المعروفة بهدوئها، وجمالها الذي يعكس جهود بلدية دبي في التشجير والاهتمام بالنظافة».
وذكرت (أم شمسة)، التي تذهب لزيارة أمها في المنطقة ذاتها، أنها تفاجأ بالرائحة المزعجة «إذ تظهر في المنطقة في فترات معينة، الأمر الذي لا يصادفنا أثناء زيارة مناطق أخرى في الإمارة».
وقالت: «لا أعلم الأسباب، لاسيما أن المنطقة نظيفة جداً، وحتى حاويات النفايات نظيفة، ونادراً ما تجد نفايات خارجها».
من جانبه، قال أحمد إبراهيم، وهو أحد العاملين في منطقة الورقاء، إن روّاد المطاعم والمقاهي في شارع الجزائر يواجهون المشكلة ليلاً بسبب قوة الروائح، لافتاً إلى أنهم لا يستطيعون تناول الطعام في ظل انتشارها.
وتابع أن الروائح قوية، ولا يستطيع عمال المطاعم فتح النوافذ أو التراس في أشهر الشتاء.
ولاحظ أن رواد حديقة الورقاء لا يستطيعون ممارسة الرياضة في بعض الأوقات بسبب الروائح، والخوف من أن تسبب لهم أمراضاً تنفسية واختناقات.
وأعرب عدد من سكان منطقة الورقاء (3) و(4) عن استيائهم من انتشار الروائح المزعجة، وقالوا لـ«الإمارات اليوم» إنها تؤثر في حياتهم اليومية منذ سنوات طويلة، دون اتخاذ حل جذري ينهي المعاناة. وأكدوا أن الروائح، التي وصفوها بأنها تشبه رائحة الصرف الصحي أو النفايات، تتكرر بشكل مزعج في فترات مختلفة من اليوم، وتزداد حدة في فصل الشتاء.
هدر الأوقات الجميلة
وقالت حمدة أحمد، من سكان «الورقاء 3»، إن الروائح المزعجة تبدأ عادة في الليل، وتستمر ساعات طويلة داخل المنازل.
وأضافت: «نضطر إلى إغلاق الأبواب بإحكام فور تسلل الرائحة إلى المنزل، خصوصاً في فترات الليل، ولم نفكر في تقديم شكوى، لأن كثيرين تحدثوا عن المشكلة عبر البرامج الإذاعية، لكن من دون نتيجة».
وأكدت أسماء لنجاوي، من سكان المنطقة ذاتها، أن «الروائح كانت تنتشر بعد العاشرة ليلاً، لكنها تنتشر اليوم في أوقات متعددة، فجراً ومساءً، وحتى في فترة الظهيرة».
وأضافت: «تزداد معاناتنا في فصل الشتاء، فبعد هطول الأمطار وتحسن الأجواء، تتسرب الروائح فجأة، فتهدر الأوقات الجميلة التي كنا ننتظرها للاستمتاع بالجلسات الخارجية».
وأشارت إلى أن «بعض السكان يستقبلون يومهم بروائح مزعجة في ساعات الصباح، ما يعكر صفو اليوم بالكامل».
وقالت (أم محمد)، وهي من سكان المنطقة، إن «سكاناً قدموا شكوى للبلدية قبل سنوات، وجاءهم الرد حينها بأن هناك خطة لمعالجة الروائح، لكن لم يتم اتخاذ أي إجراء فعلي، ولانزال نعيش المشكلة».
ورجّحت أن تكون محطة تحويل النفايات في ورسان، القريبة من الورقاء الرابعة، هي المصدر المحتمل لانبعاث هذه الروائح التي تنتقل إلى المناطق القريبة منها.
أما مكية الريس، التي انتقلت إلى «الورقاء 4» في عام 2011، فأكدت أن حدة الروائح المزعجة تزداد مع ارتفاع الرطوبة.
واقترحت نقل محطات معالجة النفايات إلى مواقع أبعد عن المناطق السكنية، مشيرة إلى أن التوسع العمراني في دبي يفرض إعادة النظر في توزيع بعض المرافق الخدمية.
وشددت على أن الانبعاثات الغازية الصادرة من هذه المحطات قد لا تظهر آثارها على الصحة بشكل فوري، لكنها قد تتسبب في أضرار طويلة الأمد، خصوصاً مع الاستنشاق المستمر لها على مدى سنوات.
6 أسباب
من جانبه أفاد أستاذ علوم البيئة في جامعة زايد، الدكتور سهيل الغفلي، بأن هناك ستة أسباب لانتشار الروائح المزعجة في بعض المناطق بدبي، أولها محطات الصرف الصحي القريبة، خصوصاً مع ارتفاع درجة الحرارة والرطوبة التي تتسبب في زيادتها، لاسيما بسبب محطة ورسان القريبة من منطقة الورقاء، فمحطات المعالجة تمثل أحد الأسباب الرئيسة.
وأضاف أن «السعة التشغيلية والتوسعة غير الكافية يمثلان السبب الثاني، فبعض المحطات تعمل وفق سعة غير كافية، ما يتسبب في زيادة الانبعاثات من المواد غير المعالجة، التي تحتاج بدورها إلى صيانة في تلك المحطات»، وعن السبب الثالث، قال إنه «يتمثل في التخمر الهوائي والمعالجة البيولوجية، فمع معالجة الصرف الصحي داخل المحطات تتحول بعض المواد العضوية، ما يتسبب في إطلاق غاز الميثان، وغيره من الغازات الكبريتية والهيدروجينية ذات الرائحة المزعجة».
وذكر الغفلي أن السبب الرابع يتمثل في اتجاه الرياح «فحينما تأتي من طرف محطات الصرف الصحي تحملها معها، خصوصاً في أوقات المساء والفجر مع استقرار حالة الجو، ما يتسبب في زيادة التركيز، فالرياح تلعب دوراً كبيراً في زيادة قوتها».
وأشار إلى أن «ضعف الصيانة يأتي في المرتبة الخامسة من حيث مسببات تلك الروائح، فبعض المحطات يكون بها تسريبات بسبب ضعف الصيانة أو تأخير المعالجة، فتتراكم لفترات طويلة، دون صيانة، ما يزيد من انبعاثات الروائح»، أما السبب الأخير فيتمثل في النفايات الزراعية، لاسيما في مناطق الخوانيج والعوير، مع وجود مزارع الدواجن، بما يسهم في زيادة الروائح.
خطة عمل شاملة
من جانبها، أكدت بلدية دبي أنها وضعت خطة عمل شاملة لتطوير محطة ورسان لمعالجة مياه الصرف الصحي، بما يواكب النهضة العمرانية والنمو السكاني المتسارع الذي تشهده الإمارة، في إطار جهودها المستمرة لتطوير منظومة الصرف الصحي، وتعزيز كفاءة ومرونة البنية التحتية وجاهزيتها لمتطلبات المستقبل.
وذكرت لـ«الإمارات اليوم» أن أعمال التطوير تشمل حزمة واسعة من المبادرات النوعية، أبرزها إدخال تقنيات مستدامة متقدمة لمعالجة مياه الصرف، وتطبيق أنظمة ذكية مؤتمتة بالكامل لمراقبة وتشغيل المحطة، وتحسين عملياتها، وقالت إن «من شأن هذه الخطوات أن ترفع من كفاءة عمليات المعالجة إلى مستويات متقدمة، وتُسهم بصورة فعّالة في الحد من ظاهرة انتشار الروائح، وضمان بيئة صحية آمنة للمجتمع».
وأكدت البلدية العمل على زيادة السعة الاستيعابية الكلية للمحطة على مراحل عدة، حيث أسهمت عمليات التطوير في زيادة الطاقة اليومية للمحطة من 325 ألف متر مكعب إلى 500 ألف متر مكعب، مع خطط طموحة للوصول إلى 800 ألف متر مكعب يومياً بحلول عام 2030، ما يعزز قدرة دبي على مواكبة احتياجاتها المستقبلية من خدمات البنية التحتية.
محمد عبدالله:
• منذ انتقالي إلى منطقة ند الشبا الرابعة، في عام 2021، أعاني رائحة مزعجة، الأمر الذي يشكل مصدر إزعاج لي ولأسرتي، فضلاً عن الإحراج الكبير الذي نتعرّض له أثناء استقبالنا الضيوف.
أسماء لنجاوي:
• الروائح في «الورقاء 3» تنتشر في أوقات متعددة، فجراً ومساءً، وتزداد معاناتنا في فصل الشتاء، فتُهدر الأوقات الجميلة التي كنا ننتظرها للاستمتاع بالجلسات الخارجية.
«أم شمسة»:
• لا أعلم أسباب الروائح المزعجة في ند الشبا الرابعة، لاسيما أن المنطقة نظيفة جداً، ونادراً ما تجد نفايات خارج الحاويات.
حمدة أحمد:
• الروائح المزعجة في «الورقاء 3» تبدأ عادة في الليل، ولم نفكر في تقديم شكوى لأن كثيرين تحدثوا عن المشكلة عبر البرامج الإذاعية، لكن من دون نتيجة.
بلدية دبي:
• خطة تطوير محطة ورسان لمعالجة «مياه الصرف» تواكب النهضة العمرانية المتسارعة في الإمارة.