آخر الأخبار

«أمي لا تحبنا» و«أبي عنيف».. اتهامات ملفقة في نزاعات حضانة الأبناء

شارك

رصدت لجنة الاحتضان في دبي حالات عدة يلجأ فيها أحد طرفي النزاع (الأب أو الأم) على الحضانة، إلى تلقين الأبناء لتوجيه اتهامات كاذبة إلى الطرف الآخر، شملت في بعض الأحيان إفادات ملفقة حول تعرض الأطفال للإيذاء أو العنف.

وقال رئيس لجنة الاحتضان في دبي رئيس قسم التوجيه الأسري في محاكم دبي، أحمد عبدالكريم، خلال لقاء مع منصة «عرب كاست»، إن الأطفال يلقنون ادعاءات ضد أحد الأبوين مثل «أمي لا تحبنا»، أو «أبي عنيف أو يتحرش» أو «لا نريد رؤية الأب أو الأم»، لافتاً إلى أن اللجنة تدرس من خلال أعضائها مدى البراءة والعفوية في ردود الأطفال، وحال التأكد من وجود تلقين من أي طرف يثبت في التقرير.

وأضاف أن درجة الحقد وصلت بأمّ في إحدى الحالات إلى اصطحاب الأبناء إلى طبيب نفسي، ودفعتهم إلى الادعاء بأن والدهم تحرش بهم، وتأكدت اللجنة من تورطها في تلقينهم تلك الأكاذيب وأسقطت الحضانة عنها.

وأكد أن قرار تشكيل لجنة الاحتضان في دبي، أحد أفضل وأهم القرارات التي صدرت لمصلحة الطفل في الجانب القضائي، لافتاً إلى أن القاضي في السابق، بحكم ظروفه وطبيعة مهنته، لم يكن ليركض وراء طرف للاطلاع على سجل جنائي أو فحص حالة ميدانياً، لذا تعد اللجنة الآن عين القضاء، وتم اعتماد 98% من تقاريرها في القضايا التي تولت بحثها.

وتفصيلاً، قال رئيس قسم التوجيه الأسري رئيس لجنة الاحتضان في دبي، أحمد عبدالكريم، إن بعض الآباء يستخدمون التلقين سلاحاً لطلب إسقاط الحضانة أو حرمان الطرف الآخر من الرؤية في النزاعات الأسرية المتبادلة بينهم.

وأضاف أن اللجنة رصدت تلك المواقف في حالات عدة، كأن يرفض الأبناء رؤية والدهم، ويكررون عبارة «لا نريد الذهاب»، لافتاً إلى أن الخصومة تصل في بعض الحالات إلى تلفيق اتهامات للطرف الآخر، مثل اتهام الأب أو الأم بالعنف، لافتاً إلى أن أعضاء اللجنة يجلسون مع الطفل على حدة، وحين يطمئن يتحدث بكل راحة، ويختبر أعضاؤها اتساق كلامه، ومدى البراءة والعفوية في إجاباته، ومن ثم تميز ما إذا كان تم تلقينه أو أنه بالفعل صادق فيما يقول.

تلقين متعمد

وأشار إلى أن من الحالات ذات الصلة، أطفالاً صغاراً استطاع الأب بطريقة ما أن يأخذهم عنده، وبعد قرابة شهرين جاءت الأم إلى المحكمة وطلبت تسلّم أطفالها، وتوجهت إلى منزل الأب لتنفيذ ذلك، لكن رفض الأبناء الذهاب معها، فتم تكليف لجنة الاحتضان بدراسة الحالة.

وتابع أن أعضاء اللجنة جلسوا مع الأطفال، وسألوا لماذا لا تريدون أمكم؟ وكانت الإجابة أنها أغضبت والدنا، وتسببت في حزنه، وطلبت الطلاق منه، وتريد الاستيلاء على أمواله، ولا تحبنا، لافتاً إلى أن كل هذه العبارات لا يمكن أن تصدر من طفل صغير، ومن ثم كان من السهل اكتشاف أنهم تعرضوا للتلقين من قبل الأب.

اتهام أب

وأفاد بأن من أخطر الحالات التي مرت على اللجنة، وانتهت للمرة الأولى بصدور حكم نهائي بإسقاط الحضانة عن الأم، بدأت بتحريض من الأم الحاضنة للأطفال على عدم رؤية والدهم، وادعت أن هذه هي رغبتهم الشخصية، وشكا الأب إلى المحكمة متوسلاً رؤية أبنائه، وغرمت الأم بسبب سلوكها، وثبت من قبل مجلس الرؤية عدم تعاونها في هذا الجانب.

ولفت إلى أن المحكمة أحالت الحالة إلى لجنة الاحتضان، وكانت الصدمة أن الأم لجأت إلى التصعيد، وارتكبت تصرفاً بالغ الخطورة، إذ اصطحبت الأطفال إلى طبيب نفسي، ولقنتهم بأن يقولوا إن والدهم تحرش بهم.

وقال عبدالكريم إن فريق اللجنة جلس معها وسألها عن واقعة التحرش، فارتبكت، وقالت لم أرَ شيئاً، لكن الابنة قالت ذلك، ثم غيرت كلامها، وادعت أنه كان عنيفاً مع الطفلة، ثم ذكرت أن ابنتها كانت تتوهم، وهي ليست مسؤولة عن ذلك.

وأضاف أن الباحثة الاجتماعية جلست مع ابنهما وهو طفل صغير، وسألته بعد أن طمأنته وشعر بالراحة معها، ما إذا كان يحب والده، فرد الطفل بالإيجاب، ثم سألته، هل تود رؤيته، فتردد الطفل، وقال «يمكن أن تغضب أمي».

وأشار إلى أنه بفحص الحالة تبين أن الرجل أب جيد، ويحب أبناءه، ومتعلق عاطفياً بهم، وينفق عليهم بكرم، ويتكفل بمصروفاتهم، ويذهب إلى المدرسة منتظراً في الشمس لرؤيتهم، ومن ثم بعد أن حصلت اللجنة على قرائن عدة، قدمتها إلى المحكمة وأوصت بإسقاط الحضانة وهذا أمر كبير، واستجابت المحكمة وصدر حكم بالإسقاط، فطعنت الأم عليه، لكن أيدته محكمة التمييز وصار نهائياً.

وأكد عبدالكريم إن اتهام أحد الطرفين بالتحرش بالأبناء، سواء كان من قبل الأم تجاه الأب، أو من قبل الأخير تجاه زوج الأم، أمر جلل وخطر ويوجع القلب، لأن تأثيره مدمر في الأبناء، ولا يمكن التهاون معه.

وتابع أنه لو كان الأمر بيده لتشدد في مواد القانون المتعلقة بالرؤية، لأنه لا يحق لطرف حرمان الآخر من رؤية أبنائه، إذ يعد هذا سبباً رئيساً للجنوح، لافتاً إلى أنه على الرغم من التعديلات التشريعية في هذا الصدد إلا أن الإشكالات لاتزال مستمرة في جميع إمارات الدولة.

تلقين الأم

وأفاد بأنه من الحالات التي تعاملت معها اللجنة، أب لاحظ أنّ أبناءه يرددون كلاماً واحداً ضدّه: «أنت تضربنا»، «لا نحبك»، «نخاف منك»، فرفع شكواه للمحكمة.

وتابع أن الأم أنكرت أنّها لقّنتهم، وقالت إن الأطفال يعبرون عن مشاعرهم بصدق، فاستمعت اللجنة للأطفال، ولاحظت أنّ الإجابات متكررة ومتشابهة بشكل غير طبيعي، ما دلّ على وجود تلقين.

وسجلت ذلك كعامل سلبي ضد الأم، وأكدت أنّه يضر مصلحة الأطفال، واعتمدت المحكمة التقرير.

عين القاضي

وقال رئيس لجنة الاحتضان، أحمد عبدالكريم، إن اللجنة تعد عين القاضي، وترجع جذورها إلى المادة (59) من قانون حقوق الطفل «وديمة»، غير أنّ انطلاقتها المؤسسية جاءت بقرار صدر في منتصف عام 2022 عن سمو الشيخ مكتوم بن محمد بن راشد آل مكتوم، النائب الأول لحاكم دبي، نائب رئيس مجلس الوزراء وزير المالية، رئيس المجلس القضائي في دبي، ومنذ ذلك التاريخ، تعد اللجنة بمثابة الذراع الاجتماعية - النفسية والجنائية للمحكمة، فتتحرى الوقائع، وتُجري الزيارات الميدانية، وتقدّم توصية فنية تُعين القاضي على تشكيل قناعته في دعاوى الحضانة.

وأضاف أن اللجنة تتشكل من سبعة أعضاء منتدَبين من جهات متعددة، عضوان من شرطة دبي (أحدهما معنيّ بحقوق الطفل)، وعضوان من هيئة تنمية المجتمع (للمهام الميدانية وملاحظة بيئة الطفل)، وعضو من هيئة الصحة في دبي (للتقييمات النفسية والبدنية عند الحاجة)، وعضوان من محاكم دبي، إلى جانب أخصائي اجتماعي يعدّ التقرير من داخل المحكمة. وتابع أنه روعي عند اختيار أعضاء اللجنة معيار «الأصلح» وظيفياً وخبرة، دون اشتراطات شخصية لا تقتضيها الوظيفة (كالزواج مثلاً)، لافتاً إلى أنه في التشكيل الحالي هناك ثلاثة رجال وأربع نساء، ما يحقق توازناً مهنياً ووجدانياً.

وأشار إلى أن اللجنة تتولى دورها بمجرد تسلّم الإحالة القضائية، فتحدد موعداً لسماع أقوال الطرفين في الجانب الاجتماعي، وعند وجود ادعاء باضطراب نفسي أو سلوك خطِر، تُحال الحالة إلى المستشفى لإجراء تقييمات طبية ونفسية، ويُستكمل بالتدقيق في السجل الجنائي لطالبي الحضانة. وتابع أن هناك جانباً ميدانياً بالغ الأهمية في عمل اللجنة، إذ تنتقل إلى منزل الطفل ومدرسته وبيئته المحيطة، وتُجمع القرائن الاجتماعية والنفسية والميدانية والجنائية، وتُصاغ توصية مهنية مكتملة.

وأوضح أن اللجنة لا تُفتي في القانون، ولا تُنزل النصوص على الوقائع، لأن هذا شأن المحكمة، لكنها تُحضّر الأرضية الفنية، وتحدد ما إذا كانت بيئة الطفل مناسبة، وهل ثمة ضرر، وما درجة التعلّق، وهل توجد اضطرابات أو إهمال، ثم تُرفع التوصية، وللقاضي كلمة الفصل في تطبيق القواعد (كسقوط الحضانة بزواج الأم ضمن مُدد الإخطار القانونية، أو انتهاء سن الحضانة)، أو غير ذلك من أسباب.

أحمد عبدالكريم:

• للمرة الأولى إسقاط الحضانة عن أمّ اتهمت «أباً صالحاً» بالتحرش بأبنائه.

• الفصل في تطبيق القواعد، كانتهاء سنّ الحضانة أو سقوطها بزواج الأم، من حق القاضي فقط.

شارك


حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا