قضت محكمة استئناف أبوظبي للأسرة والدعاوى المدنية والإدارية بزيادة قيمة تعويض مقضي به لورثة عامل توفي نتيجة إهمال شركته، وعدم اتخاذها الاحتياطات الكفيلة بحماية العمال من أخطار العمل، من 100 ألف درهم إلى 250 ألف درهم.
وكان ورثة العامل أقاموا دعوى قضائية ضد شركته ومديرها، مطالبين بإلزامهما بالتضامن والتضامم أن يؤديا التعويض الجابر لكل عناصر الضرر لهم، بواقع 10 ملايين درهم، والفائدة القانونية بواقع 12%، وإلزامهما الرسوم والمصروفات وأتعاب المحاماة، مشيرين إلى أن المدعى عليهما تسببا في موت مورثهم، وكان ذلك ناشئاً عن إهمالهما وعدم احترازهما وعدم اتخاذ الاحتياطات الكفيلة بحماية العمال من أخطار العمل.
وحكمت محكمة أول درجة بإلزام المدعى عليهما أن يؤديا بالتضامن مبلغ 100 ألف درهم للمدعين، توزع بينهم بالتساوي.
ولم يرتضِ المدعون هذا القضاء، فأقاموا استئنافهم، مطالبين بتعديل الحكم المُستأنَف، لعدم كفاية التعويض المقضي به، لما أصابهم من أضرار مادية ومعنوية جرّاء موت مورثهم وهو في ريعان شبابه، وأنه المعيل الوحيد لأفراد أسرته، وهم أب وأرملة وخمسة أبناء (جميعهم قُصّر)، وأنهم فقدوا مصدر دخلهم بفقدان مورثهم نتيجة خطأ المُستأنَف ضدهما، إضافة إلى ما أصابهم من حزن وآلام نفسية.
كما لم ترتضِ المدعى عليها الأولى هذا القضاء، فأقامت استئنافها مطالبة بإلغاء الحكم المُستأنَف، والقضاء برفض الدعوى، وإلزام المُستأنَف ضدهم الرسوم والمصروفات، لأسباب حاصلها أن الحكم الجزائي قضى للمُستأنَف ضدهم تقابلاً بدية شرعية بمبلغ 200 ألف درهم، وأن الدية الشرعية تغطي الأضرار المادية والمعنوية كافة.
من جانبها، أوضحت المحكمة في حيثيات حكمها، أن نعي المُستأنِفة تقابلاً بعدم جواز الجمع بين الدية والتعويض المادي والأدبي للورثة، مردود بما هو مقرر في قضاء النقض، مؤكدة أن استحقاق الدية أو الأرش لا يمنع صاحب الحق من استكمال التعويض عن الأضرار الأخرى، التي لا تفي بها الدية أو الأرش، شاملاً ما حاق بالمضرور من خسارة وما فاته من كسب، ويكون ما تثيره المُستأنِفة تقابلاً في هذا الخصوص على غير أساس، ويكون استئنافها قد أُقيم على سند غير صحيح.
وفي الاستئناف الأصلي، أشارت المحكمة إلى أن الثابت من الأوراق أن خطأ المُستأنَف ضدهما (الأول والثاني) ثابت بحقهما، وفقاً للحكم الجزائي الصادر بإدانتهما، والذي ألحق بالمُستأنِفين أضراراً مادية، تمثّلت في أنهما قد تسببا في وفاة مورثهم وحرمان الأب من ابنه ورعايته له في الكبر، وحرمان الزوجة والأبناء من رعاية رب الأسرة لهم، إضافة إلى ما أصابهم من حزن وأسى، نتيجة وفاة مورثهم، وحرمان الأب من ابنه والزوجة والأبناء من عاطفة مورثهم، ما يُعدّ ضرراً أدبياً.
وحكمت المحكمة بعدم قبول الاستئناف المتقابل، وألزمت المُستأنِفة فيه بمصروفات الاستئناف، وفي موضوع الاستئناف الأصلي بتعديل الحكم المُستأنَف والقضاء مجدداً بإلزام المُستأنَف ضدهما أصلياً بالتضامن أن يؤديا إلى المُستأنِفين أصلياً مبلغ 250 ألف درهم تعويضاً عن الأضرار المادية والأدبية، يختص منه والد مورث المُستأنِفين أصلياً بمبلغ 15 ألف درهم، ويُوزع الباقي بين المُستأنِفين أصلياً الآخرين بالسوية في ما بينهم، والفائدة 4% من تاريخ صدور الحكم حتى السداد، على ألّا يزيد مبلغ الفائدة على المبلغ المحكوم به، وإلزام المُستأنَف ضدهما مصروفات الاستئناف.
• المحكمة: استحقاق الدية أو الأرش، لا يمنع صاحب الحق من استكمال التعويض عن الأضرار الأخرى، شاملة ما حاق بالمضرور من خسارة وما فاته من كسب.