آخر الأخبار

أحمد الكمالي: الذكاء الاصطناعي لا يمكن أن يحل محل الطبيب

شارك

حقق الدكتور أحمد الكمالي، أول طبيب إماراتي متخصص بقسطرة قلب الأطفال، إنجازات طبية وإنسانية لافتة، أسهمت في إنقاذ حياة مئات الأطفال داخل الدولة وخارجها، حيث أجرى أكثر من 2300 عملية قسطرة قلبية، من بينها نحو 1000 عملية داخل الدولة، و1300 ضمن مبادرة «القلوب الصغيرة» التي أطلقها لعلاج الأطفال المصابين بأمراض قلبية في عدد من الدول النامية، ما جعله أحد أبرز رواد طب قلب الأطفال في المنطقة، وأيقونة في العمل الإنساني الطبي.

وقال الكمالي في حوار مع «الإمارات اليوم» إن دولة الإمارات تحظى بمكانة متقدمة ورائدة في مجال طب قلب الأطفال على مستوى المنطقة، إذ تضم ثلاثة مراكز متخصصة، وهو عدد يفوق المتوقع قياساً بعدد السكان، ويعكس حجم الاستثمار في البنية التحتية الصحية، والحرص على توفير التخصصات الدقيقة والتقنيات الحديثة في هذا المجال.

وكشف عن إدخال جهاز طبي جديد إلى قسم القلب في مستشفى القاسمي للنساء والأطفال والولادة، يُستخدم لتقييم حالة المريض بشكل فوري أثناء العملية، من خلال قياس مستويات الهيموغلوبين والأكسجين وأملاح الدم، ما يقلل زمن الانتظار، ويُحسّن نتائج التدخل الجراحي، كما أشار إلى أهمية توظيف الذكاء الاصطناعي في دعم دقة الإجراءات القلبية، مؤكداً أن «التقنية لا يمكن أن تحل محل الطبيب المتخصص، لكنها تسهم في توجيه القرار وتقليل الأخطاء، فيما تبقى الخبرة البشرية هي العامل الحاسم في نجاح العمليات».

ويمتلك الكمالي خبرة تتجاوز 20 عاماً، أسس خلالها أول مركز متخصص لقلب الأطفال في مستشفى الجليلة، ويترأس حالياً مركز القلب في مستشفى القاسمي للنساء والولادة والأطفال، التابع لمؤسسة الإمارات للخدمات الصحية، حيث يشرف على مئات العمليات سنوياً، بما في ذلك الحالات المعقدة وحديثو الولادة.

وتفصيلاً، قال الدكتور أحمد الكمالي: «بدأت دراستي في جامعة الخليج العربي بالبحرين، وتخرجت عام 1993، ثم عدت إلى الإمارات وبدأت عملي طبيب أطفال عامّاً، وخلال السنوات الأربع الأولى، سنحت لي الفرصة للتدريب التخصصي في كندا، وهناك بدأ اهتمامي بطب قلب الأطفال».

وأضاف أن الدافع لتخصصه كان مزيجاً بين حبه التدخلات العملية الدقيقة مثل القسطرة، وتجربة شخصية أثرت فيه، إذ «كان أحد إخوتي يعاني مشكلة في القلب والصدر عندما كنت حديث التخرج، وكان تشخيصه غير واضح، وهو ما جعلني أفكر بجدية في هذا المجال».

وتابع: «تخصصت في كندا لمدة خمس سنوات، شملت طب الأطفال العام، ثم تخصصت بطب قلب الأطفال، وعند عودتي في عام 2003، كنت الطبيب الإماراتي الأول المتخصص في هذا المجال».

وعن أبرز محطات مسيرته المهنية، قال: «من الإنجازات التي أعتز بها، تأسيس أول مركز متخصص لقلب الأطفال في مستشفى الجليلة بدبي، حيث عملت هناك لمدة 10 سنوات، قبل أن أتولى لاحقاً رئاسة مركز القلب في مستشفى القاسمي للنساء والولادة والأطفال، التابع لمؤسسة الإمارات للخدمات الصحية».

وتابع: «أطلقت مبادرة (القلوب الصغيرة) عام 2009، بالتعاون مع جمعية الشارقة الخيرية، حيث بدأنا من اليمن، ثم توسعت الحملة إلى دول عدة، بينها السودان والمغرب وموريتانيا وبنغلاديش، وزرنا أكثر من 10 دول لعلاج المحتاجين من مرضى القلب. ونشارك كفريقين طبيين، أحدهما مختص بالقسطرة، والآخر بجراحة القلب المفتوح. ونجري عمليات لأطفال لا يستطيعون الوصول إلى العلاج، حيث أُجريَت 1300 عملية ضمن الحملة، استفاد منها أطفال وكبار في دول مختلفة».

وأكد الكمالي أن هذه الجهود الإنسانية تترك أثراً عميقاً في نفسه، لافتاً إلى أن أكثر المواقف تأثيراً تلك التي ينتهي فيها علاج طفل محتاج بالدعاء والشكر من والديه، مضيفاً: «هذه اللحظات تظل في الذاكرة، لأنها تؤكد أن عملنا يتجاوز الطب إلى الإحساس بالمسؤولية تجاه الإنسان».

وقال إن الحالات الأكثر صعوبة تكون للأطفال حديثي الولادة، أو من يقلّ وزنهم عن كيلوغرامين، مضيفاً: «أجريت عمليات لأطفال بعد ساعات من ولادتهم، والضغط النفسي كبير جداً، لأننا نتعامل مع حياة طفل، وفي الخارج ينتظر أهله بقلق».

وأشار إلى أن مستشفى القاسمي يشهد إجراء نحو 100 عملية قسطرة سنوياً، إضافة إلى نحو 200 عملية تُنفذ ضمن الحملات التطوعية، مؤكداً أن العمل في هذا المجال يتطلب تركيزاً عالياً وتعاوناً متكاملاً بين أفراد الطاقم الطبي.

وتحدث عن جهوده في تطوير قسم القلب بالمستشفى، قائلاً: «توليت مسؤولية تأسيس قسم القلب، وهو عمل لم يكن سهلاً، خاصة في توفير الكوادر المتخصصة والمعدات اللازمة، والتحدي الأكبر كان إقناع الإدارة بضرورة وجود هذا التخصص الدقيق، وقد أثبتنا لاحقاً النتائج القوية التي يحققها القسم».

وكشف الكمالي عن إدخال جهاز حديث مرتبط بآلة القلب الصناعي، يُستخدم لتقييم حالة المريض لحظياً أثناء العملية، من خلال قياس مستويات الهيموغلوبين، والأكسجين، وأملاح الدم، مؤكداً أن هذا الابتكار يُسرّع القرارات الطبية، ويُقلل نسبة الخطأ.

وأضاف: «العلم الطبي يتطور بسرعة، وهناك تقنيات جديدة تُستخدم في تركيب الصمامات والدعامات داخل القلب، ونحن حريصون على مواكبة هذا التطور داخل المستشفى».

وفيما يخص واقع طب القلب للأطفال في الإمارات، قال: «الإمارات من الدول الرائدة في هذا التخصص، وتضم ثلاثة مراكز متخصصة في قلب الأطفال، وهذا يعكس حجم الاستثمار في الرعاية الصحية، والحرص على إدخال التخصصات الدقيقة والتقنيات المتقدمة».

وأشار إلى أن التقنيات المتوافرة حالياً في الدولة تمكن الأطباء من تشخيص أمراض قلب الجنين داخل الرحم، إذ «نستطيع تشخيص مشكلات القلب في الشهر الثالث أو الرابع من الحمل، ما يساعدنا على الاستعداد المبكر للعلاج بعد الولادة مباشرة»، معرباً عن أمله أن يرى قريباً عمليات إصلاح القلب داخل الرحم في الدولة، «لأن هذه العمليات الدقيقة تتطلب تجهيزات متقدمة، وكوادر متخصصة في طب الأجنة».

وعن دور الذكاء الاصطناعي، أشار إلى أنه سيكون له دور داعم في المجال، موضحاً أن «الذكاء الاصطناعي يمكن أن يُساعد على تحديد موضع القسطرة بدقة، ويوفر وقتاً وجهداً، لكن لا يمكن أن يحل محل الطبيب المتخصص، فالخبرة البشرية تظل العامل الأهم في نجاح العمليات».

أمراض القلب لدى الأطفال

قال الدكتور أحمد الكمالي إن أمراض القلب لدى الأطفال، تنقسم إلى أمراض خلقية وأخرى مكتسبة، وتشكل العيوب الخلقية نحو 1% من المواليد، أي ما يعادل طفلاً واحداً من كل 100 طفل على مستوى العالم.

ولفت إلى أن نمط الحياة الحديث أدى إلى زيادة حالات مثل السمنة، وارتفاع ضغط الدم والكوليسترول عند الأطفال، داعياً إلى اتباع نمط حياة صحي ومتوازن، يشمل النشاط البدني والتغذية السليمة.

وشدد الكمالي على أهمية المتابعة الطبية الدورية للأطفال، مؤكداً أن اكتشاف المشكلات القلبية في مراحل مبكرة يسهم في تحسين فرص العلاج وتجنب المضاعفات.

نصائح للحوامل

وجه الدكتور أحمد الكمالي نصائح للحوامل، تضمنت المتابعة الطبية خلال الحمل، وتناول حمض الفوليك بانتظام، لتقليل احتمالية التشوهات الخلقية، وضبط سكر وضغط الحمل لتعزيز فرص سلامة الجنين.

وأكد أهمية الفحص الجيني قبل الزواج، معتبراً إياه خطوة وقائية مؤثرة، تسهم في تقليل الأمراض الوراثية التي قد تؤثر في القلب، وهي فحوص بسيطة، لكنها تسهم بشكل غير مباشر في الوقاية من العيوب القلبية الخلقية.

أحمد الكمالي:

• الخبرة الإنسانية تظل العامل الحاسم، والذكاء الاصطناعي لا يمكن أن يحل محل الطبيب.

• نتطلع لإجراء جراحات القلب داخل رحم الأم ضمن النظام الصحي قريباً.

• أمراض القلب الخلقية تصيب طفلاً من كل 100 مولود، والتدخل المبكر يُنقذ الحياة.

• جهاز جديد يقيس مؤشرات الدم بشكل فوري أثناء عمليات القلب للأطفال.

• حمض الفوليك خلال الحمل والفحص الجيني قبل الزواج يقيان من تشوهات القلب.

• ثلاثة مراكز لقلب الأطفال تعزز ريادة الإمارات الطبية في المنطقة.

شارك


حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا