حذّر أطباء من الاعتماد على برامج الذكاء الاصطناعي، مثل «شات جي بي تي» و«ديب سيك» في تشخيص الأعراض الصحية، وتناول الأدوية الطبية الموصوفة من تلك البرامج بدلاً من زيارة الطبيب، لتفادي أي مشكلات صحية قد تهدد حياتهم.
وأبلغ عدد من الأطباء «الإمارات اليوم» أنهم يفاجأون يومياً بزيادة أعداد المرضى الذين يزورونهم بعد تشخيص أنفسهم بالاعتماد على تلك التقنيات، ما يتسبب في مخاطر صحية لهم عقب تناول الأدوية الخاطئة التي ترشحها لهم تلك البرامج.
وأكّدوا أن برامج الذكاء الاصطناعي لاتزال في مراحلها الأولية وتفتقر للقدرة على إجراء فحص سريري، أو تحليل الأشعة، أو إجراء اختبارات مخبرية، وهي أمور ضرورية للتشخيص الطبي الدقيق قبل تقديم الأدوية المناسبة للمرضى.
وقال مستخدمون لتلك التقنيات إنهم يعتمدون على استخدام برنامجي «شات جي بي تي» و«ديب سيك» في تشخيص الأعراض الصحية التي يشعرون بها للحصول على وصفات للأدوية المناسبة لها توفيراً للوقت في الذهاب إلى المستشفى والانتظار، وتقليلاً للنفقات، وفي الوقت نفسه أكّدوا مخاوفهم من أن تكون تلك البرامج تقدّم تشخيصاً وأدوية خاطئة تسبب مخاطر على حياتهم.
وتفصيلاً، أكّد استشاري طب الأسرة الدكتور عادل سعيد سجواني، أن الذكاء الاصطناعي أحدث ثورة ضخمة في مجال التشخيص الطبي والعلاج للمرضى، لكن لايزال استخدام تلك التقنيات المدعمة بالتكنولوجيا الحديثة في مراحلها الأولية، الأمر الذي يتطلب عدم الاستغناء عن دور الطبيب في التشخيص والحصول على النصائح الطبية.
وقال إن تقنيات الذكاء الاصطناعي في الوقت الحالي أصبح لها دور كبير في إمداد المرضى بالمعلومات العامة والتثقيف الصحي حول الأمراض، لافتاً إلى أن «شات جي بي تي» و«ديب سيك» يفتقران للفحص السريري الضروري في تشخيص العديد من الأمراض.
وأضاف أن الذكاء الاصطناعي في المستقبل سيكون بديلاً لعلاج الكثير من الأمراض دون الحاجة إلى الأطباء في بعض التخصصات، لكنه سيحتاج إلى وقت، والآن يمكن الاستفادة منه من ناحية الثقافة الطبية، ومن ثم مراجعة الطبيب لتشخيص الحالة.
وأوضح أن هناك العديد من المرضى يأتون يومياً وقد شخصوا أنفسهم بالاعتماد على تقنيات «شات جي بي تي» و«ديب سيك»، محذراً من مخاطر التشخيص الخاطئ لتلك التقنيات والاعتماد على الأدوية غير المناسبة التي قد تؤدي إلى مضاعفات صحية للمرضى، مشيراً إلى أن هناك دراسة تم إجراؤها في اليابان العام الماضي 2024 حول استخدام التطبيق الأول في الأسئلة الطبية، وأظهرت أن البرنامج وفر إجابات طبية صحيحة بنسبة 80% لكن النسبة المتبقية قد تؤدي إلى مخاطر لصحة المرضى.
بدوره، أكّد أخصائي أمراض باطنية وكلى، الدكتور عنان لايكا، أنه قد يكون استخدام برامج الذكاء الاصطناعي للحصول على المشورة الطبية مفيداً في الإمداد بمعلومات صحية عامة وتثقيف المرضى، لكن الاعتماد عليها للحصول على وصفات طبية أو تشخيص يحمل مخاطر كبيرة.
وقال إن الذكاء الاصطناعي يفتقر إلى القدرة على إجراء الفحوص الجسدية، أو تفسير التاريخ الطبي الدقيق، أو مراعاة الاختلافات الفردية في الأعراض والاستجابة للعلاج، فما يصلح لمريض قد لا يكون مناسباً لآخر، حتى لو كان لديهما الأعراض نفسها.
وحذّرت استشارية الغدد الصماء والسكري والسمنة، الدكتورة سارة سليمان، من مخاطر الاعتماد على برنامجي «شات جي بي تي» و«ديب سيك»، خصوصاً في ما يتعلق بتناول أدوية خاصة بالسمنة، نظراً إلى أن السمنة مرض مزمن ومرتبط بنحو 200 مرض منها السكري والسرطان وغيرهما، ما يتطلب معالجة دقيقة من الطبيب المختص قد تشمل وصف أدوية للسمنة والأمراض المرتبطة بها في آنٍ واحد.
وأشارت إلى إمكانية استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي من قبل الأطباء في تعزيز الرعاية الصحية المقدمة للمرضى، إذ إن استخدامها من قبل الطبيب يختلف تماماً عن المرضى لتفادي أي مضاعفات من الممكن أن تحدث نتيجة الاستخدام الخاطئ.
بينما قال عدد من مستخدمي برامج الذكاء الاصطناعي الجديدة، منهم محمد الخاجة، إنهم بدأوا استخدام تلك التطبيقات للحصول على استشارات سريعة حول الأعراض التي يعانونها، وأشار الخاجة إلى أنه كان يعاني آلاماً في الظهر والمفاصل. وأضاف: «سألت (شات جي بي تي) عن الأعراض التي أشعر بها، وحصلت على معلومات شاملة حول أسباب الألم وخيارات العلاج والأدوية المناسبة، وقبل استخدام تلك الأدوية راجعت طبيبي وأكد ليّ أن الأدوية التي أوصى بها التطبيق ملائمة لحالتي، وهذه التجربة ساعدتني في تقليل الوقت والجهد اللازمين لزيارة المستشفى وانتظار الموعد». وذكر جمال منصور: «والدي كبير في السن ويحتاج متابعة صحية مستمرة، والذهاب إلى المستشفى بشكل متكرر مرهق ومكلف، حتى تعرفت إلى استخدام تطبيقات الذكاء الاصطناعي في تحليل الأعراض التي يشعر بها وبدأت أحصل على نصائح مبدئية، وما زاد ثقتي، أن تلك تطبيقات مثل (شات جي بي تي) و(ديب سيك) في بعض الأحيان، كانت توصي بزيارة الطبيب فوراً، وكانت إحدى هذه المرات عندما كان والدي يعاني ارتفاعاً في ضغط الدم، بينما في حالات أخرى قدمت ليّ إرشادات بسيطة للعناية به في المنزل، ما سهل حياتنا بشكل كبير وساعدني على تجنب تكاليف الفحوص المتكررة التي نضطر لإجرائها عند كل زيارة للمستشفى، فضلاً عن تفادي تأخر موافقات التأمين».
وأكّدت ميادة إبراهيم، وهي أم لثلاثة أطفال، أنها تستخدم برامج الذكاء الاصطناعي للحصول على استشارات صحية سريعة، حول كيفية التعامل مع الحالات الطارئة التي قد تحدث لأطفالها، مثل ارتفاع درجة الحرارة أو آلام المعدة، وكيفية معالجتها في المنزل. وقالت: «أحصل على إجابات فورية تساعدني على التعامل مع الأعراض أو ترشيح أدوية يمكنني طلبها من الصيدلية، ما ساعد في تقليل نفقات زيارة المستشفى وتكاليف الطبيب، ومع ذلك أشعر بقلق من أن بعض الوصفات التي يقدمها البرنامج قد تكون غير دقيقة أو قد تضرّ بصحة أطفالي».
مستخدمو تقنيات:
• نعتمد على تلك التقنيات توفيراً لوقت الذهاب إلى المستشفى والانتظار، وتقليلاً للنفقات.
• زادت ثقتنا باستشارة تطبيقات الذكاء الاصطناعي، لأنها أحياناً تنصحنا بزيارة الطبيب، على سبيل المثال عند الإصابة بارتفاع ضغط الدم.