حقق مطار إسطنبول الدولي إنجازين لافتين وضعاه في صدارة المشهد العالمي لقطاع الطيران هذا العام. فمن جهة نال لقب "أكثر مطار صديق للعائلة في العالم" لعام 2025 بحسب تصنيف منظمة سكاي تراكس (SkyTrax) البريطانية المتخصصة في تقييم شركات الطيران والمطارات.
ومن جهة أخرى، صُنف ثاني أكثر مطارات العالم اتصالا من حيث الربط الجوي مع باقي مطارات العالم، وفق أحدث تقارير شركة "أو إيه جي" (OAG) البريطانية لتحليل بيانات الطيران.
ويعكس هذان التصنيفان مكانة مطار إسطنبول المتصاعدة كمحور دولي يجمع بين تجربة سفر عالية الجودة للمسافرين، لاسيما العائلات وبين دور إستراتيجي كمركز ربط جوي عالمي.
يأتي تتويج مطار إسطنبول بلقب "المطار الأكثر ملاءمة للعائلات في العالم" كتقدير دولي مرموق نتيجة تصويت آلاف المسافرين من مختلف الجنسيات، متفوقا بذلك على مطارات عريقة تشتهر بخدماتها العائلية مثل شانغي في سنغافورة وإنتشون في كوريا الجنوبية، اللذين حلا في المرتبتين الثانية والثالثة على التوالي.
ويعد فوز مطار إسطنبول في هذه الفئة الخاصة تأكيدا على ريادته في تقديم تجربة سفر متكاملة تراعي احتياجات الأسرة بكل تفاصيلها، متجاوزا منافسين طالما تصدّروا هذه القائمة في السنوات الماضية.
وأما منهجية التقييم التي تتبعها "سكاي تراكس" فتستند إلى استطلاع رأي واسع النطاق يجريه المسافرون أنفسهم، ويغطي معايير دقيقة تتعلق بجودة المرافق والخدمات المُخصّصة للعائلات.
وتنتشر داخل المطار 5 ساحات لعب رئيسية صُممت وفق مفاهيم إبداعية متنوعة تشمل الطبيعة، والبحر، والأنهار الجليدية، والسماء، والفضاء، لتلهم خيال الصغار وتحول لحظات الانتظار إلى مغامرات مشوّقة. وتغطي هذه المناطق مساحة تبلغ نحو 700 متر مربع، وهي متاحة مجانا وعلى مدار الساعة لخدمة الأطفال وعائلاتهم.
وتتميّز ساحات اللعب بمزجها بين الترفيه والتعلم، حيث تتضمن ألعابا مجسمة تقليدية إلى جانب محتوى تفاعلي رقمي مثل شاشات اللمس وألعاب الحركة بتقنية "كينكت" مما يمنح الأطفال تجربة مشوقة تجمع بين المتعة والاستكشاف. وتتكامل الأجواء المرحة مع شخصية "جيقا" الكرتونية التي تُجسد هوية المطار وترافق الأطفال بهذه المناطق، لتضفي على المكان طابعا حيويا مفعما بالألفة.
وحتى خارج ساحات اللعب، لا يغيب حضور الأطفال، فمكتبة المطار تضم ركنا مخصصا للصغار يجمع بين القراءة واللعب، مما يمنحهم فرصة للانشغال بوسائل هادفة ومريحة أثناء انتظار الرحلات.
وهكذا، يوفر المطار بيئة تراعي احتياجات الطفل بذكاء ودفء، وتخفف عن الأهل عناء السفر وتحوله إلى تجربة عائلية متوازنة ومليئة باللحظات الإيجابية.
يقدم مطار إسطنبول تجربة تنقل عائلية متكاملة، تأخذ في الاعتبار أدق التفاصيل التي تسهل حركة الأسر داخل مرافقه الواسعة والممتدة. فمنذ لحظة الوصول، يجد المسافرون مواقف سيارات مخصصة لهم بالقرب من مداخل المطار، مما يضمن سهولة الانتقال من السيارة إلى قاعات السفر دون عناء أو مسافات طويلة، خاصة برفقة الأطفال.
وعند بوابة الدخول، تستقبل الصغار مفاجأة مرحة: ممر مخصص على شكل مكوك فضائي صُمم خصيصا لهم، يحول لحظة الدخول إلى تجربة خيالية تُضفي على الرحلة طابعا مبهجا منذ بدايتها. وبعد ذلك، تتيح المسارات المخصصة للعائلات في نقاط التفتيش والجوازات المرور السريع والسلس، دون الحاجة للوقوف في طوابير طويلة، وهو ما يمثل فارقا حقيقيا في راحة العائلات، خصوصًا مواسم الذروة.
أما داخل المطار، فتمتد الرعاية لتشمل كل تفصيل، فبعد تسليم عربات الأطفال إلى الشحن، توفر إدارة المطار عربات بديلة مجانية بعد منطقة الجوازات وحتى بوابات الصعود، لتبقى راحة الطفل وتنقل العائلة أولوية لا تُمس. كذلك، تشغل إدارة المطار عربات كهربائية صغيرة مجانا للأطفال حتى عمر سنتين مع مرافق واحد، وتنقل العائلات نحو البوابات.
ويُخصص المطار قطارا صغيرا على هيئة طائرة لمرافقة الأطفال مع ذويهم إلى منطقة الصعود، في لفتة ذكية تُحاكي مخيلة الطفل وتحول التنقل داخل المطار إلى مغامرة لطيفة.
كما تتوفر خدمة مرافقة خاصة موجهة للعائلات التي تسافر برفقة أطفال من حديثي الولادة حتى سن السادسة، يتولى فيها موظفو المطار مرافقة الأسرة خطوة بخطوة خلال إجراءات السفر أو الاستقبال، وتقديم المساعدة في حمل الأمتعة ورعاية الأطفال.
ويولي مطار إسطنبول الدولي جانب رعاية العائلات اهتماما بالغا، من خلال مرافق مصممة بعناية لتلبية احتياجات الأهل وراحة الصغار على حد سواء. فالمطار يضم عددا من غرف رعاية الرضع موزعة بذكاء في مختلف أرجائه، مزودة بكراس مريحة مخصصة للرضاعة، وطاولات لتبديل الحفاضات، فضلا عن موزعات مياه ساخنة تُسهل على الأمهات تحضير زجاجات الحليب بسرعة وخصوصية.
ولم يغفل المطار أهمية الحمامات العائلية، إذ جهزت لتستخدم من قبل الأهل وأطفالهم معا، وبعضها يحتوي على مراحيض صغيرة تناسب أعمار الأطفال. وفي صالة كبار الزوار، تتوفر مرافق متكاملة تشمل غرفة رضاعة، وغرفة عناية بالرضع، ومرافق صحية بحجم أطفال، لضمان راحة الأم وخصوصيتها.
ولا يكتفي مطار إسطنبول بتوفير الترفيه والخدمات اللوجستية للعائلات، بل يعزز تجربة السفر بلمسة ثقافية تعليمية تثري أوقات الانتظار. إذ تحتضن صالة الرحلات الداخلية مكتبة عامة تضم أكثر من ألفيْ كتاب، بينها 500 مخصص للأطفال، مع ركن ألعاب مرفق يتيح للوالدين القراءة في هدوء. ويمكن للمسافرين استعارة الكتب مجانا وتركها لاحقا في أي مكتبة عامة داخل تركيا، في مبادرة تعزز ثقافة القراءة.
ولم يكتف مطار إسطنبول بتصدره في معايير الخدمة وجودة تجربة المسافرين، بل عزز مكانته هذا العام كأحد أهم المحاور الجوية، بعدما حل في المركز الثاني عالميا في مؤشر الربط الجوي الصادر عن "أو إيه جي" وذلك ضمن تصنيف المطارات الكبرى.
ويقيس هذا المؤشر حجم الترابط الذي يتيحه كل مطار للمسافرين خلال أكثر أيام العام ازدحاما، عبر احتساب عدد خيارات الربط الممكنة بين الرحلات القادمة والمغادرة خلال نافذة زمنية لا تتجاوز 6 ساعات. وتُعد هذه القدرة على إتاحة رحلات الترانزيت معيارا بالغ الأهمية لقياس كفاءة المطارات كمراكز ربط إقليمية وعالمية.
وبحسب التقرير، احتفظ مطار لندن هيثرو بالصدارة للعام الثالث على التوالي، مسجلا أكثر من 59 ألف فرصة ربط محتملة إلى 226 وجهة في يوم تشغيل واحد. بينما قفز مطار إسطنبول من المرتبة الثامنة إلى الثانية، بعد أن حقق نموا قياسيا بنسبة 25% في عدد روابط الرحلات الممكنة خلال يوم الذروة التشغيلي.
ويرى الخبير في شؤون الطيران صلاح الدين بويراز أن تفوق مطار إسطنبول، على مطارات أوروبية عريقة في مؤشرات الربط الجوي، يعود إلى رؤية تخطيطية دقيقة جعلت منه منذ البداية محورا عالميا للربط بين القارات.
مطار إسطنبول أصبح منذ عدة سنوات من المحاور العالمية الكبرى للربط بين القارات (الفرنسية)وأوضح للجزيرة نت أن تصميم المطار وبنيته التشغيلية الحديثة يتيحان تناغما محكما في موجات الوصول والمغادرة، بفضل أنظمة رقمية متقدمة لإدارة الحركة الجوية، وهي ميزة تفتقر إليها العديد من المطارات الأوروبية القديمة المقيدة بالمساحة والتشريعات.
وأشار بويراز إلى أن الموقع الجغرافي الفريد لإسطنبول عند تقاطع أوروبا وآسيا وأفريقيا منح المطار ميزة طبيعية، غير أن العامل الحاسم كان الإستراتيجية التوسعية للخطوط الجوية التركية التي جعلت من المطار قلب شبكتها التشغيلية، بتسيير رحلات إلى أكثر من 300 وجهة في 120 دولة وفق نظام الموجات الزمنية الذي يتيح رحلات ربط خلال أقل من ساعتين، مما رفع فرص الترانزيت بأكثر من 20%.
وأضاف الخبير في شؤون الطيران أن المرونة التشغيلية للمطار أسهمت أيضا في هذا التفوق، إذ يعمل على مدار الساعة دون قيود بيئية صارمة.
المصدر:
الجزيرة
مصدر الصورة
مصدر الصورة
مصدر الصورة
مصدر الصورة
مصدر الصورة