آخر الأخبار

كيف قرأ السوريون لقاء الشرع وترامب التاريخي؟

شارك

دمشق- في زيارة وُصفت بالتاريخية، حل الرئيس السوري أحمد الشرع ضيفا على نظيره الأميركي دونالد ترامب في العاصمة واشنطن أمس الاثنين، وهي أول زيارة رسمية لرئيس سوري منذ استقلال البلاد عام 1946.

وقالت وزارة الخارجية والمغتربين السورية إن ترامب عبّر عن إعجابه بالقيادة السورية الجديدة وبالشعب السوري، وأكد استعداد بلاده لتقديم الدعم اللازم الذي تحتاجه هذه القيادة لإنجاح مسيرة البناء والتنمية في المرحلة المقبلة.

ولفتت، في بيان لها، إلى أنه وبتوجيه من ترامب، عُقد اجتماع عمل موسع ضم وزير الخارجية والمغتربين أسعد الشيباني ونظيره الأميركي ماركو روبيو والتركي هاكان فيدان لمتابعة ما تم الاتفاق عليه بين الرئيسين، ووضع آليات تنفيذ واضحة له.

نقطة تحول

وأضافت الوزارة أن المجتمعين اتفقوا على المضي في تنفيذ اتفاق العاشر من مارس/آذار 2025، بما يشمل دمج قوات سوريا الديمقراطية "قسد" ضمن صفوف الجيش العربي السوري، في إطار عملية توحيد المؤسسات وتعزيز الأمن الوطني. وأن الجانب الأميركي أعلن "دعمه للتوصل إلى اتفاق أمني مع إسرائيل بهدف تعزيز الاستقرار الإقليمي".

وتعهد ترامب ببذل ما بوسعه لإنجاح سوريا كونها جزءا أساسيا ومهما من الشرق الأوسط، وقال إنه واثق أن الرئيس السوري يستطيع تحقيق ذلك. وأضاف للصحفيين أنه على وفاق معه، وأنه يعتبره قائدا قويا، وأنه على ثقة ويقين من أنه سيتمكن من القيام بمهامه وعمله بنجاح. وأنه "يعمل مع إسرائيل على التفاهم مع سوريا".

تصريحات اعتبر عضو التحالف السوري الأميركي محمد مسالخي أنها تعبّر عن توجه إستراتيجي جديد يقوم على مبدأ "الانخراط بدل العزلة"، موضحا أن الإدارة الأميركية تدرك أن استمرار سياسة العزلة والعقوبات لا يخدم مصالحها ولا الاستقرار الإقليمي.

ويقول للجزيرة نت إن تصريحات ترامب تشير إلى رغبة في فتح قنوات اقتصادية ودبلوماسية تدريجية تمهيدا لمرحلة جديدة من التعاون مع سوريا.

إعلان

وبرأيه، شكل اللقاء نقطة تحول مفصلية في المسار السياسي الأميركي تجاه دمشق، موضحا أن واشنطن تظهر في المرحلة الحالية رغبة حقيقية في إعادة تقييم سياساتها السابقة التي لم تحقق أهدافها، وإنما أرهقت الشعب السوري، وأعاقت عملية إعادة الإعمار.

ورجّح مسالخي أن تتضمن خطوات ترامب المرتقبة الرفع الكامل للعقوبات، وتسهيل مشاريع إعادة الإعمار، وربما فتح مكاتب تمثيل أو لجان تنسيق مشتركة في القضايا الأمنية والاقتصادية.

رسالة سياسية

وبشأن تزامن اللقاء مع إصدار وزارة الخزانة الأميركية قرارا بتمديد تجميد العمل ب قانون قيصر لـ180 يوما، يرى مسالخي أنه لم يكن مصادفة، بل يعبّر عن رسالة سياسية واضحة تؤكد أن الملف السوري لم يعد يدار بعقلية "العقوبات فقط" بل بمنطق التفاهمات والتوازنات.

ويضيف أن اللقاء من شأنه أيضا أن يمارس ضغطا متزايدا داخل الكونغرس الذي يمكن أن يتجه نحو مراجعة شاملة لقانون قيصر خلال المرحلة المقبلة، والذي تضمن عقوبات على دمشق عام 2019 نتيجة انتهاكات حقوق الإنسان التي ارتكبها نظام الأسد بحق السوريين.

وعقد الشرع اجتماعا مطولا مع رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس النواب الأميركي براين ماست تناول خلاله العقوبات المفروضة على دمشق وسبل تخفيفها، وذلك قبل ساعات من لقائه ترامب في البيت الأبيض . وبحسب القناة الإخبارية السورية، فإن ماست قال إن الوقت حان لإعادة النظر في مقاربة واشنطن تجاه الملف السوري، وأبدى تفهما لموقف دمشق إزاء تداعيات العقوبات على حياة المدنيين.

وحول موقف واشنطن من الاتفاق الأمني بين سوريا وإسرائيل، قال المحلل السياسي عبد الكريم عمر للجزيرة نت إن أميركا تمارس ضغوطا على اليمين المتطرف في تل أبيب بهدف دفعه لتوقيع هذا الاتفاق الجديد، ويرجح أن يشبه اتفاقية فض الاشتباك عام 1974 ، أو التوصل إلى تفاهم جديد تلتزم فيه إسرائيل بعدم استهداف سوريا سياسيا أو عسكريا، والانسحاب من الأراضي التي احتلتها مؤخرا.

ويرى عمر أن إسرائيل تُظهر تهربا واضحا من تنفيذ هذا الاتفاق رغم الضغوط الأميركية، في حين تواصل واشنطن دعمها للدولة السورية مركزة على بناء تحالف معها. ويضيف أنها تستمر في التواصل مع كل منهما للتوصل إلى اتفاق قبل نهاية العام الجاري رغم صعوبة هذا المسار، معتبرا أن التدخل الإسرائيلي في الشأن السوري يمثل عاملا خطيرا، وإشكالية يصبّ حلها في مصلحة دمشق.

بينما يرى محمد مسالخي أن الدور الأميركي في "تقريب وجهات النظر بين سوريا وإسرائيل" يعكس رغبة في خلق بيئة إقليمية مستقرة تمهد لعودة دمشق إلى موقعها الطبيعي ضمن "منظومة الشرق الأوسط الجديد بعيدا عن الاستقطاب والصراعات المستمرة".



إعلان تعاون

وبخصوص تنفيذ اتفاق العاشر من مارس/آذار، يقول عمر إن "هناك تهربا واضحا من جانب قسد رغم الوساطة الأميركية"، ويعتبر أن اللقاء التاريخي بين ترامب والشرع قد يمهّد إلى تحول سوريا إلى شريك إستراتيجي للولايات المتحدة في محاربة تنظيم الدولة الإسلامية ، الأمر الذي سيجعل من تطبيق الاتفاق الخيار الوحيد أمام قسد.

إعلان

وكشف وزير الإعلام السوري حمزة المصطفى، أمس الاثنين، أن دمشق وقعت إعلان تعاون سياسي مع التحالف الدولي ضد تنظيم الدولة. وأضاف على منصة "إكس" أن "الاتفاق سياسي، ولا يتضمن حتى الآن أي مكونات عسكرية".

وأعلن وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني، اليوم الثلاثاء، تسلمه قرارا موقعا من واشنطن برفع القيود المفروضة على البعثة الدبلوماسية والسفارة السورية بواشنطن، وهذا يمكنها من استئناف نشاطها كاملا.

وقال في منشور على منصة " إكس ": "تسلمنا قرارا موقعا من صديقي وزير الخارجية الأميركي يقضي برفع جميع الإجراءات القانونية المفروضة سابقا على البعثة السورية وسفارة الجمهورية السورية من قبل الولايات المتحدة الأميركية".

واعتبر مراقبون أن فتح السفارة من أبرز مكاسب زيارة الشرع إلى واشنطن، إذ يعزز قدرة دمشق على إجراء اتصالات مباشرة، وتوقيع اتفاقات دولية، وجذب استثمارات، كما أنه بمثابة اعتراف رسمي بسيادة سوريا وإعلان بداية حقبة دبلوماسية جديدة.

خطوة مهمة

ويرى الباحث السياسي معن طلّاع أن افتتاح السفارة خطوة مهمة للتفاعل الرسمي مع واشنطن بدون أي قيود، وإنجاز التفاهمات والاستثمارات، وتقريب المسافات ووجهات النظر، وجعل النقاش الثنائي حيا ومستمرا.

ويتوقع، في حديث للجزيرة نت، أن تنعكس هذه الخطوة على جميع الملفات الاقتصادية والتقنية والسياسية، وأن تسمح بالخروج ببرامج طويلة المدى وإستراتيجيات مبنية على تفاهمات دقيقة، ما ينقل العلاقة من تعاون سياسي إلى تقني يقوم على احترام المصالح المتبادلة والسيادة السورية.

ومع سقوط نظام الأسد في الثامن من ديسمبر/كانون الأول 2024، بدأت سوريا مرحلة انتقالية فتحت الباب أمام إعادة ترتيب علاقاتها الخارجية وخصوصا مع الولايات المتحدة.

ففي مايو/أيار الماضي، التقى ترامب الشرع في الرياض، وتلا ذلك توقيعه للأمر التنفيذي رقم 14312 الذي ينهي برنامج العقوبات الشاملة عن سوريا مع استمرار بعض القيود على اﻷفراد المرتبطين بنظام الأسد وروسيا وإيران بعد تصويت الكونغرس عليه.

وفي نوفمبر/تشرين الثاني الجاري، أزالت واشنطن اسمي الشرع ووزير داخليته أنس خطاب من قائمة "الإرهاب العالمي"، وشكّلت هذه التطورات تحولا واضحا في سياستها تجاه سوريا بعد عقود من العزلة والقيود الاقتصادية.

الجزيرة المصدر: الجزيرة
شارك

أخبار ذات صلة



حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا