آخر الأخبار

فوز ممداني.. هزيمة لإسرائيل أم انتقام من الديمقراطيين؟

شارك

في حال واجهت مشكلة في مشاهدة الفيديو، إضغط على رابط المصدر للمشاهدة على الموقع الرسمي

واشنطن- ليس من الطبيعي ألا يفوز مرشح الحزب الديمقراطي بمنصب عمدة مدينة نيويورك التي يسجل أكثر من 75% من ناخبيها كديمقراطيين، وليس من الطبيعي أن يفوز مرشح معاد للسياسات الإسرائيلية فيها، وهي المدينة الأكثر جذبا لليهود في العالم بعد إسرائيل، حيث تكون تل أبيب و القدس أولى محطات السفر الخارجية لأي عمدة جديد منتخب.

من هنا جمع فوز الاشتراكي زهران ممداني ، مرشح الحزب والمعارض لسياسات الاحتلال، بين الاستثناءين السابقين، بما يمثل هزيمة كبيرة لإسرائيل في مدينة تسيطر على مفاصلها نخبة يهودية في قطاعات المال والأعمال والإعلام والفنون.

كما تمثل هزيمة أندرو كومو ، الابن البار للحزب، صفعة على وجه الحزب الذي رفض أو تردد قادته الكبار في دعم ترشح ممداني حتى بعد اكتساحه الانتخابات التمهيدية في يونيو/حزيران الماضي. ورغم وقوعه بين مطرقة العداء الإسرائيلي ورفض الديمقراطي، فاز ممداني بصعوبة شديدة إذ حصل على 50.4% من مجموع الأصوات العامة، في حين حصل على أصوات 31% من أصوات يهود المدينة.

ممداني وإسرائيل

أشارت استطلاعات إلى أن موقف ممداني من الحرب على غزة كان له صدى لدى غالبية ناخبي نيويورك، إذ كان مناصرا للفلسطينيين منذ اليوم الأول للعدوان. وحضر بعض الاحتجاجات منذ7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، وقاد تظاهرة خارج البيت الأبيض للمطالبة بوقف دائم لإطلاق النار في نوفمبر/تشرين الثاني 2023.

وعلى الرغم من أنه أدان هجوم حركة المقاومة الإسلامية ( حماس ) باعتباره "جريمة حرب مروعة"، إلا أنه دافع عن احتجاجات الحرم الجامعي في نيويورك بما فيها جامعة كولومبيا ، وهاجم تعامل شرطة المدينة معها.

ويُعتبر ممداني أول مرشح رئيسي يتعهد بدعم حركة مقاطعة إسرائيل " بي دي إس " علنا، والتي يعتبرها البعض من قادة يهود أميركا بمثابة اعتداء على شرعية وجود دولة إسرائيل ذاتها. كما قال أيضا إنه لن يزور تل أبيب مخالفا التقليد الذي التزم بع كل عُمد المدينة الجدد منذ عام 1951 لإظهار التضامن مع الناخبين اليهود.



ووعد بإنهاء ممارسة المدينة المستمرة منذ نصف قرن باستثمار الملايين في سندات الدين الحكومية الإسرائيلية، وأضاف أنه سيحل مجلسا أنشأه عمدة نيويورك المنتهية ولايته إريك آدامز يهدف لتعزيز العلاقات الاقتصادية بين الولايات المتحدة وتل أبيب. ورفض إدانة شعار "عولمة الانتفاضة" بشكل صريح، وكرر أنه لا يعترف بإسرائيل كدولة يهودية.

إعلان

يرى أستاذ التاريخ والعلاقات الدولية بجامعة سيراكيوز في نيويورك أسامة خليل أنه على الرغم من أن الناخبين اليهود يشكلون جزءا مهما من ناخبي نيويورك، إلا أنهم ليسوا مجموعة متجانسة ولديهم وجهات نظر حول السياسة الخارجية والداخلية، بما في ذلك إسرائيل.

أزعجت مواقف ممداني قادة الجالية اليهودية، وشارك الحاخامات من نيويورك ومن خارجها في معارضة ترشيحه. ووقّع أكثر من 850 حاخاما على رسالة تعارضه وما وصفوه بالـ"التطبيع السياسي لمعاداة الصهيونية"، وحذروا من العواقب المحتملة لفوزه على اليهود داخل المدينة.



تعلم الدرس

من جانبه، يرى السفير ديفيد ماك مساعد وزير الخارجية الأميركي الأسبق لشؤون الشرق الأوسط، والخبير حاليا بالمجلس الأطلسي، أن الأميركيين، وخاصة الأصغر سنا، يطورون الطريقة التي يميزون بها بين العلامات المختلفة لمعاداة السامية، وهذا يشمل اليهود الأميركيين أنفسهم.

وفي حديث للجزيرة نت، قال ماك "ليس من معاداة السامية انتقاد سلوك أو تصريحات القادة الحاليين للحكومة الائتلافية اليمينية في إسرائيل. كما أنه ليس معاداة للسامية تفضيل الحقوق الفلسطينية، بما في ذلك في غزة و القدس الشرقية و الضفة الغربية في دولة خاصة بهم. يوجد في تلك المنطقة نحو 7 ملايين يهودي و7 ملايين مسلم ومسيحي فلسطيني".

وأضاف "من مظاهر هذه المعاداة إلقاء اللوم على الدين اليهودي أو اليهود بشكل عام في سلوك الحكومة الإسرائيلية الحالية، ويبدو أن ممداني قد أدرك هذه الحقائق، ويبدو أن غالبية ناخبي مدينة نيويورك فعلوا ذلك أيضا".

تعلّم ممداني درس توازنات القوى داخل منظومة الحزب الديمقراطي جيدا على يد أستاذه ومعلمه بيرني ساندرز . وكان الحزب قد "تكالب" ضد ترشح ساندرز المحسوب على التيار الاشتراكي في انتخابات عامي 2016 لصالح هيلاري كلينتون وعام 2020 لصالح جو بايدن .

بيد أن ممداني نجح في التعلم من أخطاء أستاذه، وهاجم بلا توقف ماكينة الحزب وتمسك بخطه الاشتراكي، وبجاذبيته للشباب خاصة وأن عمره 35 عاما فقط على عكس السيناتور ساندرز الذي تخطى الـ80.

ولم يكترث بغضب وول ستريت من خطابه المعني بالعدالة الاجتماعية وبضرورة توفير مواصلات عامة مجانية، ورعاية للأطفال قبل المراحل المدرسية بالمجان، وتعهده بتمويل ذلك برفع الضرائب لتماثل نسب ولاية نيوجيرسي المجاورة.



دعم الشباب

قوبل ممداني بمعارضة مبكرة كبيرة من نخبة رجال الأعمال في المدينة، خوفا من اشتراكي يدير عاصمة العالم المالية، ولم يتردد مديرو شركات وول ستريت في إنفاق عشرات الملايين من الدولارات دعما للمرشح المنافس له الديمقراطي أندرو كومو.

إعلان

حظي ممداني بدعم بين الشباب من مختلف العرقيات والخلفيات الدينية، والشباب اليهودي التقدمي والأصغر سنا، الذين يرون أن انتقاده لإسرائيل متوافق مع قيم العدالة والإنسانية. من هنا احتضن عددا من الحاخامات الليبراليين الذين وقّع العشرات منهم رسالة جاء فيها "نحن ندرك أن دعم المرشح زهران ممداني لتقرير المصير الفلسطيني لا ينبع من الكراهية، بل من قناعاته الأخلاقية العميقة".

ويرى الأكاديمي خليل أن فوز ممداني هو انعكاس جزئي لكيفية تغير المواقف تجاه إسرائيل خلال عامين من الإبادة الجماعية ، خاصة بين الناخبين الأصغر سنا. حيث فاز بأغلبية ساحقة في الفئة العمرية التي تقل عن 45 عاما، لكن الناخبين الذين تزيد أعمارهم عن ذلك فضلوا منافسه كومو.

وقال للجزيرة نت إنه على الرغم من أن كومو حاول جعل إسرائيل قضية في الحملة الانتخابية، "إلا أنها أثبتت في النهاية أنها إستراتيجية معيبة من مرشح معيب للغاية. وثبت أن تركيز ممداني على قضية ارتفاع تكاليف المعيشة كان أكثر بروزا للناخبين من تل أبيب أو الادعاءات الكاذبة بمعاداة السامية التي قدمها كومو وكذلك عمدة نيويورك الحالي إريك آدامز، الذي يترك منصبه وسط سحابة من الفساد وعدم الكفاءة".

وفي حديث للجزيرة نت، قال المحلل السياسي الجمهوري بيتر روف، والزميل في شبكة القيادة عبر الأطلسي، إن "نيويورك مدينة عالمية تعكس المواقف الدولية. ولم يكن من المستبعد أن نرى المواقف العالمية تجاه إسرائيل تظهر في تفضيلات الناخبين يوم الاقتراع. لقد تغيرت الأمور كثيرا خلال الـ12 عاما الماضية، وفي عهد ممداني، من المرجح أن تتسارع وتيرة التغيير وانتقال سكان نيويورك لولايات أخرى".

الجزيرة المصدر: الجزيرة
شارك

أخبار ذات صلة



حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا