في حال واجهت مشكلة في مشاهدة الفيديو، إضغط على رابط المصدر للمشاهدة على الموقع الرسمي
غزة- أعلنت شركة توزيع كهرباء غزة أن القطاع حُرم منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 من نحو 2.1 مليار كيلوواط/ساعة من الكهرباء، مقدّرةً خسائرها الأولية بأكثر من 728 مليون دولار جراء التدمير الممنهج للبنية التحتية من قبل الاحتلال الإسرائيلي .
أكدت الشركة أن ما جرى يمثل مأساة إنسانية ومعاناة يومية تهدد حياة أكثر من 2.3 مليون فلسطيني منذ ما يقارب 700 يوم، موضحة أن قطاع الكهرباء كان الأكثر تضررًا إلى جانب قطاعات حيوية أخرى، نتيجة العدوان المتواصل.
ولفتت الشركة إلى أن الجيش الإسرائيلي دمر 80% من الآليات والمركبات و90% من المخازن بشكل كامل، في حين تعرضت 70% من المباني والمقرات لدمار كلي أو جزئي، كما دُمرت أكثر من 70% من شبكات الكهرباء، وتوقفت 100% من المصادر التجارية المغذية للقطاع عن العمل.
وعلى مستوى المكونات الفنية، أشارت الشركة إلى تدمير 5080 شبكة كهرباء، و2235 محولًا، إضافة إلى نحو 235 ألف عداد كهرباء، فضلًا عن تدمير 8 مخازن وورش ومستودعات، و9 مرافق خدمية بين دمار كلي وجزئي، إلى جانب 52 مركبة وآلية متعددة الاستخدامات.
وبيّنت الشركة أن احتياج غزة للكهرباء يتراوح بين 400 و500 ميغاواط، ويصل إلى 600 ميغاواط في ذروة الاستهلاك شتاءً وصيفا، فيما كان لا يتوفر للمحطة من مختلف المصادر أقل من 250 ميغاواط في أحسن الظروف، ما أدى إلى عجز دائم بين 50% و70% مشيرة إلى أن توقف محطة التوليد بشكل كامل مع العدوان الأخير تسبب في انقطاع شامل للكهرباء عن قطاع غزة .
يقول مدير العلاقات العامة والإعلام في شركة توزيع الكهرباء في غزة محمد ثابت إن الطاقة الكهربائية هي الرافعة الأساسية للحياة، وتدمير شبكتها يعني شللا شبه كامل لمختلف مناحي الحياة في القطاع، وتعطّل الخدمات المقدمة للمواطنين على جميع المستويات، إضافة إلى توقف غالبية المرافق الحيوية.
ويضيف للجزيرة نت أن "الخسائر المُعلَن عنها حتى الآن تُعد أولية، إذ لم تتمكن طواقم الشركة من إحصاء الأضرار بشكل كامل نتيجة عجزها عن الوصول إلى جميع المناطق بسبب سيطرة الجيش الإسرائيلي على مساحات واسعة من قطاع غزة".
ويشير محمد ثابت إلى أن الخسائر التي جرى حصرها تقتصر على قطاع التوزيع فقط، بينما لو شملت التقديرات قطاعي التوليد والنقل لفاقت الأرقام المعلَنة 3 أضعاف.
ويؤكد أن الشركة تواجه تحديات جسيمة أبرزها استمرار العدوان وإغلاق المعابر والقيود المفروضة على إدخال المعدات اللازمة، فضلا عن محدودية الموارد المالية الناجمة عن خسائر فادحة طالت معداتها وآلياتها ومحولاتها وأدواتها.
وطالب ثابت المجتمع الدولي بإلزام إسرائيل بمبادئ القانون الدولي ووقف العدوان على غزة، وفتح المعابر، والشروع في عملية إعادة الإعمار، والسماح بإدخال المعدات اللازمة، لإعادة تشغيل شبكة الكهرباء بشكل كامل، مع ضرورة توفير معدات ووحدات الطاقة البديلة، مثل أنظمة الطاقة الشمسية والمولدات الخاصة والوقود، لضمان تشغيل سريع وطارئ لكافة المرافق الحيوية.
يقول الخبير الاقتصادي أحمد أبو قمر، إن جميع القطاعات الاقتصادية المرتبطة بوجود الكهرباء تكبّدت خسائر متفاوتة، وكان القطاع الصناعي الأكثر تضررًا، إذ توقف بالكامل نتيجة العدوان وانقطاع التيار الكهربائي.
وأشار إلى أن خسائر القطاعات الاقتصادية تتزايد يوميا وتُقدَّر بملايين الدولارات بسبب استمرار الانقطاع، الأمر الذي ساهم في ارتفاع معدلات الفقر إلى أكثر من 90%، والبطالة إلى نحو 83%.
وأوضح في حديث للجزيرة نت أن أسعار السلع المرتبطة بالكهرباء شهدت ارتفاعًا كبيرًا تراوح بين 30% و50%، بينما تضاعفت أسعار بعض السلع لتصل إلى 100%، نتيجة الاعتماد على الكهرباء البديلة القائمة على تشغيل المولدات بالسولار مرتفع التكلفة، وهو عبء يقع بالدرجة الأولى على كاهل المواطن.
وأضاف أبو قمر أن انقطاع الكهرباء تسبب في فقدان آلاف الوظائف، كما أدى إلى تراجع الناتج المحلي وتوقف العديد من المشاريع الاقتصادية الناشئة والناجحة.
وتُقدَّر الخسائر اليومية لقطاع غزة جراء انقطاع الكهرباء بأكثر من نصف مليون دولار، في حين يضطر المواطنون لتحمّل أعباء إضافية يومية تتمثل في البحث عن بدائل للطاقة مثل الحطب والسولار وألواح الطاقة الشمسية والبطاريات، فكل أسرة تحتاج ما بين 200 و300 دولار شهريًا لتعويض النقص الناجم عن انقطاع الكهرباء.
كشفت التقديرات الأولية عن أرقام صادمة لحجم الخسائر الاقتصادية المرتبطة الناجمة عن استهداف الاحتلال لقطاع الكهرباء، إذ شملت الأضرار قطاعات الصناعة والتجارة والزراعة والفنادق والخدمات والاتصالات.
وحسب المكتب الإعلامي الحكومي في غزة:
من جهته، أشار رئيس قسم علم النفس في جامعة الأقصى بغزة، عبد الله الخطيب، إلى أن تدمير شبكة الكهرباء وانقطاعها يضع المواطنين تحت ضغط نفسي دائم بسبب غياب الكهرباء وتداعياته على تفاصيل الحياة اليومية، بدءًا من صعوبة الحصول على الاحتياجات الأساسية وصولًا إلى فقدان الأمن والاستقرار.
وأوضح في حديث للجزيرة نت أن "هذا الانقطاع يضاعف مشاعر العزلة والإحباط، ويعطّل الأعمال والدراسة والأنشطة اليومية، تاركًا الأفراد في حالة من الضياع وفقدان الإحساس بالوقت والتنظيم".
وقال الخطيب "إن الضغط النفسي والمالي الناتج عن الحاجة لتأمين بدائل كهربائية يخلق توترات داخل الأسر ويزيد من حدة الخلافات العائلية، كما يحدّ من اللقاءات الاجتماعية والتواصل، ويدفع الأفراد إلى مزيد من العزلة داخل منازلهم".
وشدّد على الآثار السلبية الواسعة لانقطاع الكهرباء، والتي تطال الصحة العامة والتعليم وقطاع المياه، إلى جانب تعميق مظاهر الفقر والهشاشة الاجتماعية، وتوسيع الفجوة بين الطبقات، وتعزيز مشاعر الحرمان والظلم.