في موسمٍ متقلّب عاشه برشلونة، ظل لامين جمال محورًا للنقاشات والتحليلات، وسط ضغوط هائلة تسلّطها الأضواء على لاعب يراه الكثيرون بالفعل أحد أفضل المواهب في العالم. ومع ذلك، فإن التحول التكتيكي الأخير الذي أجراه هانزي فليك قدّم صورة مختلفة وأكثر نضجًا للنجم الشاب، صورة ربما تغيّر الكثير في طريقة بناء برشلونة لمستقبله.
مع غياب داني أولمو وعودة فيرمين لوبيز من الإصابة، وجد فليك الفرصة المناسبة لتجربة ما كان يُطرح منذ أسابيع: إشراك لامين في دور أكثر مركزية، كلاعب خلف المهاجمين أو "رقم 10". ورغم أن العيّنة صغيرة حتى الآن، فإن الانطباعات الأولى جاءت مثيرة للاهتمام.
لم يكن لامين في مباراة ريال بيتيس ذاك اللاعب الذي يسجل أو يُبهر بحركات فردية. بل ظهر بشخصية مختلفة: لاعب يربح الكرات، يقاتل دفاعيًا، ويقود الهجمات من العمق. بدا أكثر هدوءًا، أكثر تأثيرًا، وأكثر حضورًا في قلب الملعب، وكأنه وجد مساحة لم يُمنحها من قبل.
أظهر لامين نضجًا لافتًا على المستوى الدفاعي، إذ فاز بالصراعات الثنائية وتقدّم بالكرة بجرأة، كان مركز الثقل الهجومي، ينظم اللعب ويخلق المساحات للمهاجمين. كما شارك في الضغط من الأمام، وهو عنصر يحاول فليك ترسيخه في سلوك الفريق.
لكن التحدي الأكبر هو العمق على الأطراف، فإذا انتقل لامين للوسط، فمن سيشغل الجناح الأيمن؟ رافينيا خيار طبيعي، ماركوس راشفورد قادر أيضًا، أما روني باردغجي رغم مستواه الجيد فإنه لا يزال بعيدًا عن مركز أساسي.
هذه المعضلة قد تجعل المشروع طويل المدى، وربما يُؤجّل إلى الموسم المقبل إذا أراد برشلونة بناء منظومته حول لامين كنواة.
بعد الفوز المثير على ريال بيتيس بنتيجة 5-3، ظهر فليك سعيدًا برؤية لاعبه الشاب في دور جديد.
وقال المدرب الألماني: "رأيت لامين جيدًا، دفاعيا أيضا. عمل مع زملائه، وسألناه إن كان يريد اللعب كرقم "10" وقال نعم. كل ما قدمه كان جيدًا. الأهم كان مساهمته الدفاعية، كانت مذهلة".
ورغم استقبال هدفين في الدقائق الأخيرة، لم يُبدِ فليك قلقًا كبيرًا، معتبرًا أن الإرهاق لعب دوره، وأن الأداء العام كان إيجابيا.
مع اقتراب العام الجديد، يجد فليك نفسه أمام مجموعة خيارات تحتاج إلى صيغة نهائية:
فيران توريس أم ليفاندوفسكي في المقدمة؟
أولمو أم فيرمين؟
وأين المكان الأنسب لرافينيا وراشفورد ولامين؟
الإصابات المتعددة أجبرت المدرب على التبديل المستمر، لكنها كشفت أيضًا عن شيء مهم لدى برشلونة هو أن هناك لاعبين قادرين على التأقلم والنجاح في أدوار مختلفة. وأحيانًا، يكفي نجاح تجربة واحدة لتفتح طريقًا جديدًا وخطة بديلة قد تصبح يومًا ما أساس الفريق.
وبعد هذا الانتصار المثير، ووسط كل التجارب التكتيكية التي يقوم بها هانزي فليك، ينجح برشلونة في الحفاظ على صدارته لجدول الدوري الإسباني برصيد 40 نقطة، متقدمًا بفارق 4 نقاط عن غريمه ريال مدريد.
ورغم الحالة الإيجابية التي يعيشها الفريق محليا، فإن التحدي الأوروبي يفرض نفسه بقوة، إذ يستعد برشلونة لمواجهة أندرلخت في دوري أبطال أوروبا، في مباراة يسعى من خلالها النادي الكتالوني إلى تصحيح المسار واستعادة مستواه القاري بعد فترة من التذبذب.
المصدر:
الجزيرة