آخر الأخبار

هل طورت الصين نظام ذكاء اصطناعي قادر على رصد الغواصات؟

شارك
تعتبر الغواصات النويية سلاحا مهما في الاستخدامات العسكرية وسياسة الردعصورة من: Juan Antoine King/ABACA/picture alliance

منذ زمن طويل، كانت الحرب النفسية تتضمن التباهي بالتفوق التكنولوجي لإيجاد انطباع يضمن التفوق العسكري واثارة خوف الخصوم. بيد أن الإعلان الصيني الأخير، الذي نشرته صحيفة "ساوث تشاينا مورنينغ بوست" في هونغ كونغ لأول مرة، في هذا السياق يطرح بعض التساؤلات حول قدرة الصين العسكرية.

وفقًا للصحيفة الصينية ، طور فريق بقيادة كبير المهندسين في معهد أبحاث وتطوير المروحيات الصينية ، مينغ هاو، نظام ذكاء اصطناعي يقلل فرص بقاء الغواصات الحديثة دون اكتشاف إلى 5% فقط .

الذكاء الاصطناعي محور تغيير

تشير دراسة نُشرت في مجلة "Electronics Optics & Control" إلى أن هذا النظام قادر لأول مرة على تحليل البيانات من مصادر متعددة – مثل عوامات السونار، الميكروفونات تحت الماء، درجات حرارة المياه، ومستويات الملوحة في الوقت الفعلي، لإنشاء خريطة ديناميكية لبيئة ما تحت الماء .

النظام قادر أيضًا على الاستجابة بمرونة لتكتيكات التمويه مثل المناورات المتعرجة، إطلاق أجسام خادعة، أو استخدام طائرات بدون طيار. في المحاكاة الحاسوبية، نجح النظام في تحديد مواقع الأهداف بنسبة 95%. إذا صحت هذه النتائج، فقد تهتز أساليب التمويه والدفاع التقليدية المستخدمة في الغواصات .

ميزة أخرى مهمة هي قدرة النظام على تحويل هذه البيانات المعقدة إلى توصيات واضحة وبسيطة للأفراد العسكريين، مما يساعدهم على اتخاذ قرارات سريعة حتى في المواقف الضاغطة .

مستقبل الصيد في أعماق المحيط

يخطط فريق مينغ هاو لربط النظام مستقبلًا بأسراب الطائرات بدون طيار، السفن السطحية، والروبوتات البحرية المستقلة، لخلق شبكة صيد ثلاثية الأبعاد تتعلم ذاتيًا وتتكيف مع استراتيجيات التهرب المتطورة، وكأنها "تُنير" المحيط في الوقت الفعلي .

إذا كانت هذه التطورات صحيحة، فقد تتعرض إحدى ركائز استراتيجيات الدفاع للخطر. تتكون "الثالوث النووي" من صواريخ باليستية أرضية، قاذفات استراتيجية، وغواصات مزودة بصواريخ باليستية (SLBMs). هذه الأنظمة مصممة لردع أي هجوم نووي أولي من خلال ضمان قدرة على الرد الموثوق. إذا أصبحت الغواصات عرضة للاكتشاف، فقد تواجه الأساطيل التي تعتمد على التخفي الاستراتيجي تحديات غير مسبوقة .

تحاول الصين تحويل الجزرالعائمة لديها إلى قواعد جوية ومراكزللجيش غير قابلة للغرقصورة من: Ezra Acayan

الحرب النفسية

الإعلان عن مثل هذه التطورات ليس مجرد مسألة عسكرية، بل جزء من الحرب النفسية. قد تهدف هذه التقارير إلى ترسيخ صورة التفوق الاستراتيجي الصيني في الرأي العام. تُظهر الصين حضورًا قويًا في المناطق البحرية الاستراتيجية مثل مضيق تايوان وبحر الصين الجنوبي والشرقي .

تايوان تُعد هدفًا استراتيجيًا رئيسيًا لأسطول الغواصات الصيني، حيث تنطلق الغواصات الصينية حاليًا من قواعد مثل يولين ويالونغ في جزيرة هاينان، وهي مياه ضحلة يسهل رصدها بواسطة أجهزة استشعار العدو. إذا سيطرت الصين على الممرات المؤدية إلى المحيط الهادئ، مثل تايوان والجزر المحيطة، ستتمكن غواصاتها من العمل في المياه العميقة، مما يعزز مصداقيتها كمنصات للضربة النووية الثانية .

لعبة القط والفأر تحت الماء

رغم التقدم الكبير الذي تحرزه الصين في مجال الذكاء الاصطناعي ، يشكك خبراء عسكريون غربيون في قدرة هذا النظام على تهديد الاستراتيجيات الدفاعية العالمية بشكل فوري. يؤكد البروفيسور بول س. شميت، خبير الولايات المتحدة في الحرب البحرية الاستراتيجية والعملياتية، لـ DW أن الذكاء الاصطناعي يعزز بالفعل كفاءة صيد الغواصات من خلال تحليل كميات ضخمة من البيانات من أجهزة استشعار متنوعة، مما يدعم اتخاذ القرارات البشرية .

لكنه يضيف أن البيئة تحت الماء معقدة للغاية، مما يجعل التنفيذ صعبًا. فكرة وجود نظام ذكاء اصطناعي متكامل ومتصل بالكامل تبدو طموحة للغاية في الوقت الحالي. يبقى الواقع عبارة عن سباق تسلح مستمر بين تكنولوجيا الغواصات ووسائل رصدها. يؤكد خبراء الأمن الألمان أيضًا أن ديناميكيات التسلح البحري تشبه لعبة "القط والفأر" بنتائج غير مؤكدة، مما يتطلب تطويرًا مستمرًا لتقنيات الهجوم والدفاع البحري .

موازين القوى تحت الماء عالميًا

تمتلك الصين أكبر أسطول غواصات في العالم بـ 105 غواصات، تليها كوريا الشمالية (90)، الولايات المتحدة (74)، وروسيا (62). لكن المنافسة الاستراتيجية تعتمد بشكل رئيسي على الغواصات النووية المزودة بصواريخ باليستية (SSBNs). تمتلك الولايات المتحدة حوالي 14 غواصة من طراز أوهايو، بالإضافة إلى أكثر من 50 غواصة هجومية حديثة، مما يجعلها الأكثر تقدمًا. روسيا تملك حوالي 16 غواصة استراتيجية، بينما تعمل الصين على توسيع أسطولها بست غواصات من طراز جين وواحدة من طراز شيا، بالإضافة إلى أنواع جديدة. بريطانيا وفرنسا تمتلكان أربع غواصات استراتيجية لكل منهما بالإضافة إلى وجود غواصات هجومية نووية.

تعتمد ألمانيا على غواصات ديزل-كهربائية متقدمة، وهي رائدة تقنيًا في هذا المجال، لكنها لا تمتلك قدرات نووية. دول أخرى في حلف الناتو مثل إيطاليا، إسبانيا، النرويج، السويد، هولندا، كندا، وتركيا تعتمد أيضًا على الغواصات التقليدية. خارج الناتو، تمتلك الهند غواصات من طراز أريحانت، وإسرائيل تمتلك غواصات دولفين ذات قدرات متميزة .

ترجمه واعده للعربية: علاء جمعة

DW المصدر: DW
شارك

إقرأ أيضا


حمل تطبيق آخر خبر

آخر الأخبار