آخر الأخبار

تايلاند–كمبوديا : الحرب التي زعم ترامب أنه أوقفها تعود من جديد… و الصين تسعى لإحراجه

شارك
Facebook Twitter LinkedIn WhatsApp

إنها واحدة من ثماني حروب – ومع حرب أوكرانيا تصبح تسعًا – كان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يزعم أنه نجح في إيقافها.

أحد «إنجازاته» التي كان يطالب بسببها، وبإلحاح شديد، بالحصول على جائزة نوبل للسلام، جائزة عن كل «نجاح عالمي».

و هو عدد كبير فعلًا. لكن الواقع جاء مغايرًا تمامًا: تايلاند وكمبوديا عادتا إلى الاقتتال مجددًا وبمواجهات فعلية، وهو ما حدث بالفعل أمس الخميس 18 ديسمبر على طول حدودهما المشتركة…

و من الواضح أن وقف إطلاق النار الذي لوّح به الرئيس الأمريكي قد فشل، على الأقل في الوقت الراهن.

فمنذ 12 يومًا تتواجه قوات البلدين عسكريًا.

و لحسن الحظ – إن صحّ التعبير – لا تزال الاشتباكات حتى الآن محصورة في قصف متبادل محدود على المناطق الحدودية.

فالمملكتان في جنوب شرق آسيا تتنازعان منذ زمن طويل على بقعٍ حدودية في تلك المنطقة.

و بحسب آخر حصيلة رسمية، أسفرت الاشتباكات عن ما لا يقل عن 39 قتيلًا – 21 في تايلاند و18 في كمبوديا – كما أُجبر مئات الآلاف من السكان على الفرار على عجل من المناطق الحدودية في كلا البلدين.

و أفادت وزارة الدفاع الكمبودية بأن «طائرة مقاتلة من طراز F-16 تابعة للجيش التايلاندي ألقت قنبلتين في محيط بلدية بويبت».

في المقابل، أعلنت القوات الجوية التايلاندية أنها ردّت باستهداف مبنى «يُستخدم لتخزين صواريخ» استنادًا إلى معلومات استخباراتية.

و قال المتحدث باسمها جاكريت ثامافيتشاي خلال مؤتمر صحفي: «أؤكد أنه لم تسجَّل أي خسائر في صفوف المدنيين أو أضرار جانبية». لكن هذا التأكيد لا يُلزم أحدًا بتصديقه.

و تكمن المأساة في أن مدينة بويبت الكمبودية تضم عددًا كبيرًا من الكازينوهات التي يرتادها اللاعبون التايلانديون بكثافة في أوقات السلم.

غير أن كمبوديا أغلقت، يوم السبت، جميع المعابر الحدودية بشكل كامل، بحيث لم يعد يمر لا أشخاص و لا بضائع.

و أعلنت وزارة الداخلية الكمبودية مطلع الأسبوع أن أربعة كازينوهات تضررت جراء هجمات تايلاندية منذ استئناف القتال في 7 ديسمبر 2025.

و تتزايد المخاوف من تصعيد محتمل وطويل الأمد، في وقت بدأ فيه لاعبون دوليون آخرون التحرّك بعد فشل وساطة الرئيس ترامب.

و من المنتظر وصول مبعوث خاص لوزارة الخارجية الصينية إلى المنطقة في محاولة لتقريب وجهات النظر. وقد أُعلن عن توجهه إلى مدينة بويبت، أحد أهم المعابر الحدودية بين البلدين.

الصين… فخلف هذا الحراك الدبلوماسي لبكين، يبرز أيضًا صراع نفوذ مع واشنطن حول القيادة الإقليمية. فالرئيس شي جين بينغ يتحرك داخل نطاق نفوذ بلاده الطبيعي، غير أن الولايات المتحدة تمدّ أذرعها في المنطقة منذ عقود، وصولًا إلى بحر الصين الجنوبي، وهو ما يثير حفيظة ثاني أكبر قوة في العالم.

صحيح أن تايلاند وكمبوديا تحتفظان بعلاقات جيدة مع الولايات المتحدة، إلا أن هذه المنطقة تُعد الامتداد الجغرافي والاستراتيجي الطبيعي للصين.

و بالتالي، من المرجح أن تتصاعد الاحتكاكات بين القوتين العظميين تدريجيًا، بالتوازي مع تنامي القدرات العسكرية الصينية.

أما عن «معجزات» ترامب في ميدان السلام، فإن العالم يطالب بالحكم عليها وفق الوقائع لا الشعارات. فقد سبق له أن أعلن، بصوت عالٍ، أنه وضع حدًا للاقتتال الدموي بالوكالة بين جمهورية الكونغو الديمقراطية وجارتها رواندا. لكن الواقع الميداني يثبت أن الحرب لم تتوقف، بل على العكس تمامًا. فتعقيد هذا النزاع يجعل من المستحيل إخماده بضربة سحرية…

غير أن الرئيس الأمريكي يحب الحلول السريعة، بل السريعة جدًا، ويكره التعقيد والتدرّج والقراءة العميقة. وهو ما ينطبق أيضًا على نزاعات مزمنة مثل الصراع بين الهند وباكستان، أو بين أذربيجان وأرمينيا، و غيرها.

فالبيت الأبيض غالبًا ما يتجاهل الجذور التاريخية العميقة المتراكمة عبر أجيال. وهذه الدقائق لا تعني كثيرًا أقوى رجل في العالم، الذي لا يبدو مستعدًا للغوص في هذا «المستنقع».

لكن لا مفرّ من ذلك، إذا كان يريد حقًا الادعاء بأنه قادر على حلّ أزمات العالم.

اشترك في النشرة الإخبارية اليومية لتونس الرقمية: أخبار، تحليلات، اقتصاد، تكنولوجيا، مجتمع، ومعلومات عملية. مجانية، واضحة، دون رسائل مزعجة. كل صباح.

يرجى ترك هذا الحقل فارغا

تحقّق من صندوق بريدك الإلكتروني لتأكيد اشتراكك.

تعليقات
Facebook Twitter LinkedIn WhatsApp

لمتابعة كلّ المستجدّات في مختلف المجالات في تونس
تابعوا الصفحة الرّسمية لتونس الرّقمية في اليوتيوب

مواضيع ذات صلة:
الرقمية المصدر: الرقمية
شارك


حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا