آخر الأخبار

ترامب كما لم يُسمَع من قبل : يستبق هزيمته في الانتخابات التشريعية لنوفمبر 2026

شارك
Facebook Twitter LinkedIn WhatsApp

عندما كنا نقول إن رائحة الهزيمة تفوح في الأجواء بالنسبة للرئيس الأمريكي المتغطرس دونالد ترامب، خلال انتخابات التجديد النصفي (Midterms) المقررة في نوفمبر 2026، لم يكن ذلك من باب المبالغة.

فهذه المرة، يعترف الجمهوري نفسه بأن الخطر بات محدقًا، وأن حزبه قد يُمنى بهزيمة قاسية في الاستحقاق التشريعي المقبل إذا استمر الوضع على هذا النحو.

اعتراف جاء متأخرًا، بعد أن ظل ساكن البيت الأبيض لفترة طويلة أسير الإنكار، ممعنًا في توجيه ضربات متتالية للديمقراطية ولـ«عظمة أمريكا» التي زعم أنه سيعيد إحياءها خلال حملته الانتخابية. لكن الحصيلة كانت واضحة: لم يُنفَّذ أيّ من تلك الوعود.

ضربات كثيرة ضد بلاده وشعبه والعالم

من خلال الإكثار من القرارات الصادمة التي كان يراها عبقرية، ومن خلال تعنيف المجتمع الأمريكي ونخبه الفكرية وإعلامه وطبقته السياسية، ومن خلال الإصرار على صورة الرئيس الخارج عن المألوف عبر إغراق البلاد بسلسلة قرارات يجهل الجميع منطقها، وعلى رأسهم هو نفسه، أنهك ترامب أعصاب الأمريكيين في غضون 12 شهرًا فقط من الحكم.

حتى أكثر أنصاره حماسة داخل تيار «ماغا» (Make America Great Again) سئموا في نهاية المطاف من خرجاته، وتجاوزاته، وتقلباته، وهلوساته، ومعاركه العبثية. فحتى أكثر المؤيدين ولاءً لهم حدود لما يمكن تحمّله. أما تراجعاته ومناوراته في ملف جيفري إبستين المثير للجدل، المتهم بأبشع الجرائم، ولا سيما الاتجار الجنسي بالقاصرات، بعد أن كان قد تعهّد بكشف كل الحقائق، فقد شكّلت على الأرجح القشة التي قصمت ظهر البعير بالنسبة لكثير من أنصاره.

القطيعة لم تعد داخلية فقط، بل أصبحت دولية أيضًا. فإدارة ترامب لم تتوقف عن إساءة معاملة حلفائها التاريخيين، وعلى رأسهم الأوروبيون، وصولًا إلى وثيقة مشينة حملت عنوان «استراتيجية الأمن القومي»، داس فيها الرئيس الأمريكي على أوروبا بلا مواربة، وأعلن صراحةً تقاربه مع أعداء الديمقراطية والحريات، من الرئيس الروسي إلى بعض أنظمة الخليج.

باختصار، أقدم الجمهوري خطوة بعد أخرى على تقويض كل ما شكّل عظمة الولايات المتحدة، وهي القيم التي حرص جميع الرؤساء قبله، ديمقراطيين وجمهوريين، على صونها. وقد ذهب بعيدًا إلى حد أن 62% من الأمريكيين، وفق استطلاعات الرأي، رفضوا الانخراط في رؤيته الغريبة لأمريكا والعالم. رئيس يعزف شعبه عن دعمه بعد عام واحد فقط من توليه الحكم هو قائد محكوم عليه بالفشل، وما توالي الانتكاسات الانتخابية إلا مؤشر واضح على ذلك.

الاقتصاد… نقطة الانكسار

بالنسبة للأمريكي العادي، تبقى الإخفاقات الاقتصادية والوعود الانتخابية غير المنجزة هي بيت الداء. فالمرشح ترامب وعد ناخبيه بإغراقهم بالأموال، وبإجبار الصناعيين حول العالم على العودة إلى أمريكا للإنتاج وخلق فرص العمل، كما تعهد بملء خزائن الدولة عبر الرسوم الجمركية والضرائب الإضافية.

المقابلة التي كسرت أسطورة ترامب

يتحدث الجمهوري عن 400 مليار دولار دخلت الخزينة العامة، لكن لا جهة رسمية أكدت هذا الرقم، فضلًا عن أنه يبقى ضئيلًا أمام العجز الهائل في المالية العامة، الذي يناهز 31 ألفًا و400 مليار دولار. وما اعتبره ترامب «نصرًا اقتصاديًا غير مسبوق» في تاريخ أمريكا، خفف هو نفسه من حدّته في مقابلة مع صحيفة وول ستريت جورنال نُشرت مساء السبت الماضي.

و قال الرئيس الأمريكي، جالسًا في المكتب البيضاوي: «لقد صنعت أعظم اقتصاد في التاريخ. لكن الأمر يحتاج إلى وقت حتى يدرك الناس ذلك». وأضاف: «كل هذه الأموال التي تتدفق إلى بلادنا تُستخدم حاليًا لبناء أشياء: مصانع سيارات، منشآت للذكاء الاصطناعي، الكثير من المشاريع. لكن لا يمكنني أن أقول لكم كيف سينعكس ذلك على الناخب. كل ما أستطيع فعله هو أداء واجبي».

نبرة هادئة وتحليل واقعي يبتعدان كثيرًا عن الخطاب المتعالي والانفعالات المفرطة التي طبعت تصريحاته منذ بداياته وحتى الأسابيع الأخيرة. وأضاف ترامب: «أعتقد أنه بحلول الوقت الذي نصل فيه إلى الحديث عن الانتخابات، خلال بضعة أشهر، ستكون مستويات الأسعار جيدة».

هذا ما يقوله، لكن الوقائع ستتضح مع اقتراب موعد انتخابات مجلس النواب وتجديد ثلث أعضاء مجلس الشيوخ. وقال ترامب: «حتى أولئك الذين، كما تعلمون، كانت رئاستهم ناجحة، تعرضوا لهزائم انتخابية». وأضاف: «سنرى ما سيحدث. من المفترض أن نفوز، لكن إحصائيًا، من الصعب جدًا تحقيق ذلك».

لم تعد لدى الملياردير البالغ من العمر 79 عامًا أي يقين راسخ. ومع ذلك، لم يمض وقت طويل على تصريحه لموقع بوليتيكو، الثلاثاء الماضي، بأن الاقتصاد الأمريكي يستحق تقييم «25/20» (A+++++). غير أنه اضطر أخيرًا إلى فتح عينيه وأذنيه أمام معاناة الأمريكيين، الذين أنهكتهم موجات التضخم، وهي أزمات كان قد توقعها، لكن ليس بهذا الحجم.

و بحسب استطلاع للرأي أجرته جامعة شيكاغو لصالح وكالة أسوشيتد برس ونُشر الخميس الماضي، لا تتجاوز نسبة الأمريكيين الذين يوافقون على السياسة الاقتصادية لترامب 31%. وكان الرئيس قد تساءل عبر منصته تروث سوشيال: «متى ستعكس استطلاعات الرأي عظمة أمريكا اليوم؟ متى سيقال أخيرًا إنني صنعت، من دون تضخم، ربما أفضل اقتصاد في تاريخ بلادنا؟ متى سيفهم الناس ما يجري؟».

في الواقع، الأمريكيون يدركون تمامًا ما يحدث، لأنهم يعيشونه يوميًا في حياتهم، وهو ما لا ينطبق بالتأكيد على عائلة ترامب، التي لم يكن إنجازها الأبرز سوى الإثراء على حساب الشعب الأمريكي. ويبدو أن الفاتورة ستكون باهظة جدًا على الرئيس في نوفمبر المقبل.

اشترك في النشرة الإخبارية اليومية لتونس الرقمية: أخبار، تحليلات، اقتصاد، تكنولوجيا، مجتمع، ومعلومات عملية. مجانية، واضحة، دون رسائل مزعجة. كل صباح.

يرجى ترك هذا الحقل فارغا

تحقّق من صندوق بريدك الإلكتروني لتأكيد اشتراكك.

تعليقات
Facebook Twitter LinkedIn WhatsApp

لمتابعة كلّ المستجدّات في مختلف المجالات في تونس
تابعوا الصفحة الرّسمية لتونس الرّقمية في اليوتيوب

مواضيع ذات صلة:
الرقمية المصدر: الرقمية
شارك


حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا