آخر الأخبار

البصمة الكربونية فرصة لتطوير التجارة بين تونس وأوروبا

شارك
Facebook Twitter LinkedIn WhatsApp

مع اقتراب حلول عام 2026، تستعد تونس لمواجهة تحدٍ اقتصادي جديد يتمثل في تطبيق آلية تعديل الكربون على حدود الاتحاد الأوروبي، والتي ستفرض رسومًا على المنتجات المستوردة إلى السوق الأوروبية بناءً على معدلات انبعاثات الكربون الخاصة بها.

يأتي ذلك في إطار سعي الاتحاد الأوروبي إلى تعزيز التزامات المناخ وتشجيع الصناعات النظيفة، حيث أصبحت أوروبا تفرض رقابة صارمة على البصمة الكربونية للسلع المستوردة. وتؤثر هذه الاستراتيجية مباشرة على تونس، إذ أن أكثر من 70% من صادراتها موجهة إلى السوق الأوروبية، ما يجعل قطاعات صناعية عديدة – مثل الحديد والألومنيوم والإسمنت والمواد الكيميائية – معنية بشكل مباشر بهذا التحول الضريبي.

تعزيز استعداد القطاعات الإنتاجية

تسعى الدولة التونسية حالياً إلى تعزيز استعداد قطاعاتها الإنتاجية لهذا التغيير من خلال تطوير معايير الإنتاج وإدخال تقنيات أكثر حفاظًا على البيئة، بهدف الحد من الانبعاثات وتقليل الأعباء الإضافية التي قد تفرضها ضريبة الكربون عند التصدير. ومن المتوقع، أن يفرض الإجراء الأوروبي الجديد على المصدّرين التونسيين تقديم تصاريح دقيقة لانبعاثات ثاني أكسيد الكربون، في خطوة تهدف إلى تشجيع التحوُّل نحو إنتاج منخفض الكربون.

وتتطلب آلية تعديل حدود الكربون التابعة للاتحاد الأوروبي، والتي تم إطلاقها رسميًا في أكتوبر من عام 2023، من المستوردين الإبلاغ عن انبعاثات الغازات الدفيئة المباشرة وغير المباشرة المُضمَّنة في السلع التي يستوردونها.

وبداية من جانفي القادم، سيعمل الاتحاد على فرض تعريفات جمركية على الواردات من البلدان التي لا تقوم بتسعير الكربون بسعر السوق في الاتحاد، مما قد يؤثر بشكل كبير على المنتجين كثيفي الاستخدام للكربون بين شركائه التجاريين.

ولمواكبة هذا التحوُّل، وضع الاتحاد الأوروبي سلسلة من البرامج موجهة لشركائه ومن ضمنهم تونس، أهمها برنامج التمويل للاقتصاد الأخضر، وتوفير خطوط تمويل وتحفيز للاستثمارات الطاقية النظيفة، وبرنامج التجارة والتنافسية لدعم المؤسسات بمنح استثمارية وآليات لتسهيل النفاذ إلى التمويل، إضافة إلى التكوين والمرافقة التقنية.

مساعدة على الانتقال البيئي

يبدو، حسب عدة مؤشرات، أن الصناعات الكهربائية والميكانيكية والغذائية التونسية ستكون الأكثر مطالبة بالالتزام بالشروط الأوروبية مع دخول آلية تعديل حدود الكربون حيز النفاذ علما أن ضرائب الكربون المُسلَّطة على الدول الأقل تلوثًا هي محاولة لتصدير القوانين خارج حدود الدول التي تُسبِّب انبعاثات كربونية كبيرة.

ويتعين على دول الاتحاد الأوروبي التي تسعى إلى تصدير القوانين خارج حدودها توفير خطوط تمويل لفائدة المؤسسات لا سيما في تونس من أجل مساعدتها على الانتقال البيئي دون كُلفة كبيرة قد تُؤثر على تنافسيتها.

وابتداء من عام 2026، سيكون على الشركات التي ترغب في المحافظة على نفاذ منتجاتها إلى السوق الأوروبية، قياس بيانات انبعاثاتها الكربونية وتحديثها بدقة، وهو ما يستوجب اعتماد أدوات رقمية للمتابعة والتقييم، وتخفيض بصمتها الكربونية عبر الاستثمار في النجاعة الطاقية واعتماد الطاقات المتجددة والتكنولوجيا النظيفة، علاوة على تنظيم إجراءاتها الإدارية للحصول على صفة “المصرِّح” أو التعامل مع ممثل غير مباشر داخل الاتحاد الأوروبي.

علاقات وطيدة مع الاتحاد الاوروبي

تُعدُّ السوق الأوروبية الفضاء الأول للصادرات التونسية بنسبة تصل إلى 70% من مجموع صادرات البلاد. ويعود إبرام أول اتفاق تجاري بين تونس والمجموعة الاقتصادية الأوروبية إلى سنة 1969، تبعه التوقيع على اتفاق تعاون عام 1976.

وبلغت قيمة الصادرات التونسية نحو الاتحاد الأوروبي خلال الأشهر التسعة الأولى من عام 2025 حوالي 32.6 مليار دينار، مقابل 32.2 مليار دينار في نفس الفترة من عام 2024. كذلك تتمتع الصادرات التونسية نحو دول الاتحاد الأوروبي بامتيازات ديوانية راكمتها من خلال توقيع اتفاقية شراكة مع الاتحاد، التي دخلت حيز التنفيذ منذ 1998، وتم بموجبه إنشاء منطقة للتبادل الحر وإلغاء الرسوم الديوانية على المنتجات الصناعية.

وتحتل تونس المرتبة الرابعة والثلاثين بصفة شريك تجاري للاتحاد الأوروبي، حيث تمثل 0.5% من إجمالي تجارة الاتحاد مع العالم في عام 2022، وفق أحدث البيانات الصادرة عن “مركز المتوسط للدراسات الاستراتيجية”، وهو مؤسسة بحثية في تونس. ووفق البيانات التي أبرزها البنك الأوروبي للاستثمار، فإن أكثر من 80% من المؤسسات الاقتصادية التونسية شرعت بالفعل في تنفيذ خطط عملية للتخفيف من البصمة الكربونية.

وقال التقرير إن هذه النسبة تعكس توجّهًا واضحًا داخل القطاع الخاص نحو مواكبة التحوّلات العالمية في مجال الطاقة النظيفة والاقتصاد الأخضر، خصوصًا مع تزايد الضغوط التنظيمية والمالية في الأسواق الدولية.

واعتبر أن هذا التفاعل يعزز قدرة الشركات التونسية على الوصول إلى سلاسل توريد عالمية تعتمد معايير الكربون، ما يجعل الاستثمار في الاستدامة خيارًا اقتصاديًا بقدر ما هو بيئي. ويعمل البنك الأوروبي للاستثمار على توسيع برامجه التدريبية الموجَّهة إلى المؤسسات الصغرى والمتوسطة لتطوير قدراتها في مجال تقنيات وخطط خفض الانبعاثات.

اشترك في النشرة الإخبارية اليومية لتونس الرقمية: أخبار، تحليلات، اقتصاد، تكنولوجيا، مجتمع، ومعلومات عملية. مجانية، واضحة، دون رسائل مزعجة. كل صباح.

يرجى ترك هذا الحقل فارغا

تحقّق من صندوق بريدك الإلكتروني لتأكيد اشتراكك.

تعليقات
Facebook Twitter LinkedIn WhatsApp

لمتابعة كلّ المستجدّات في مختلف المجالات في تونس
تابعوا الصفحة الرّسمية لتونس الرّقمية في اليوتيوب

مواضيع ذات صلة:
الرقمية المصدر: الرقمية
شارك


حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا