آخر الأخبار

مشروع الحزام الأخضر : نموذج للاستدامة والتنمية المندمجة

شارك
Facebook Twitter LinkedIn WhatsApp

تضاعف الحكومة التونسية جهودها لمكافحة التصحر تجسيما لأولويات برنامج العمل الوطني المتعلق بالغرض، والذي يعتبر إطارًا سياسيًا واستراتيجيًا جامعًا وشموليا لمواجهة التصحر وتدهور الأراضي بتبني سياسات عملية وميدانية ترتكز على استخدام تقنيات مبتكرة وفعالة على غرار تثبيت الكثبان الرملية لوقف زحف الرمال، وتوسيع نطاق استخدام المدرجات والجسور لمكافحة الانجراف ومختلف التهديدات المحتملة في ظل التحديات الراهنة.

وتتوجه سلط الاشراف، في هذا الصدد، لتنفيذ برنامج الحزام الأخضر بعديد المناطق التونسية الجافة وشبه الجافة بهدف استعادة النظم الإيكولوجية واستصلاح الأراضي المتدهورة، من خلال تشجيع المشاركة المجتمعية لمكافحة التصحر والحفاظ على التنوع البيولوجي.

خطة طموحة

أعلنت وزارة البيئة مؤخرا بدء تنفيذ خطة “الحزام الأخضر” لمجابهة التصحر، وهي عبارة عن شريط غابات يمتد من جنوب ولاية صفاقس في اتجاه ولايات قابس وسيدي بوزيد والقصرين وقفصة، وصولاً إلى الحدود مع الجزائر. وتتوقع الوزارة أن يستغرق تنفيذ المشرع خمس سنوات تشهد بناء شريط غابات جديد يساعد في تثبيت كثبان الرمال، ويطوّر سلاسل المنتجات الفلاحية التي ستوفرها غرسات جديدة تساهم في خلق فرص عمل إضافية في المناطق المتضررة من زحف الرمال.

ويعتبر التصحر من الإشكاليات الكبيرة في البلاد، ويؤثر بشكل مباشر على الإنتاج الفلاحي والأمن الغذائي. ويتزامن تعمّق مشاكل التصحر في الجنوب والوسط مع تدهور مساحات الغابات في الشمال بسبب موجات الحرائق السنوية التي تؤدي إلى خسارة آلاف الهكتارات من الغطاء النباتي.

وتكشف دراسات لتقييم وضع التصحر في تونس أن نحو 18% من مساحة الأراضي فقط في منأى عن عوامل التدهور، بينما تُصنّف 74% من الأراضي بأنها هشّة من جراء عوامل منها الانجراف المائي والتملح والرعي الجائر والجفاف، كما تظهر دراسات أجرتها وزارة البيئة أن 52% من المساحة الإجمالية للبلاد معرّضة للانجراف المائي، في حين تُصنّف 4% من الأراضي المزروعة بأنها ذات ملوحة عالية، بينما تتعرض 45% من الأراضي لانجراف هوائي شديد وزحف الرمال.

تعزيز قدرة النظم البيئية

ويعد مشروع الحزام الأخضر خطوة طموحة في مجال السياسات الفلاحية والتنموية ستساعد في مقاومة زحف الرمال والتصحر، وتعزيز قدرة النظم البيئية التونسية على التكيّف مع التغيرات المناخية من خلال شريط تشجير يمتد من الجنوب والوسط إلى غرب البلاد نحو الحدود مع الجزائر. كما سيعمل المشروع على استصلاح الأراضي المتدهورة، واستثمار المناطق الفلاحية المتأثرة بالتصحر، وسيُرمم جزءاً من الخسائر البيئية التي خلفها التراجع المقلق للغطاء النباتي، ويعتبر بالتالي فرصة لإطلاق مقاربة وطنية شاملة للتكيّف مع التغير المناخي.

غير ان انجاح المشروع يتطلب استراتيجية واضحة لتنفيذه، وذلك بالتوازي مع تقاسم الأدوار بين الاطراف المتدخلة من وزاراتي البيئة والفلاحة. كما يحتاج المشروع كغيره من مشاريع التشجير إلى حوكمة تشاركية وتمويل مستدام وضبط مؤشرات كمية دقيقة تحدد الأهداف والمساحات المستهدفة وأنواع النباتات وآليات التنفيذ.

هذا ويقتضي انجاح المشروع التقليص من المخاطر البيئية عبر استعمال أصناف نباتية ملائمة للظروف المناخية، و الاعتماد على الموارد المائية غير النادرة مع وضع دراسات مسبقة للآثار البيئية وخطط للمراقبة العلمية. واثبتت تجارب مماثلة في العديد من الدول المغاربية والأفريقية والآسيوية نجاح مشاريع بناء جدران الغابات للحدّ من التصحر، وخلق أحزمة تنموية خضراء في المناطق المتضررة من زحف كثبان الرمال.

ويمكن في هذا الاطار التذكير بتجربة السد الأخضر في الجزائر الذي أطلق في سبعينيات القرن العشرين على طول 1500 كيلومتر، وأيضاً التجربة الصينية في بناء حاجز أخضر صُنّف أكبرَ مشروع تشجير في العالم عبر غرس أكثر من 66 مليار شجرة قلّصت العواصف الرملية بنسبة 30% .

وللغابات في تونس أهمية اقتصادية كبيرة، حيث يعيش نحو نصف مليون مواطن منها، ويعمل جزء كبير منهم في مهن موسمية أو دائمة في الغابات التي تساهم بنسبة 1.33% من الناتج المحلي الخام في تونس، ونسبة 14% من الناتج المحلي الخام الفلاحي.

تعليقات
Facebook Twitter LinkedIn WhatsApp

لمتابعة كلّ المستجدّات في مختلف المجالات في تونس
تابعوا الصفحة الرّسمية لتونس الرّقمية في اليوتيوب

لقراءة المقال كاملا إضغط هنا للذهاب إلى الموقع الرسمي
الرقمية المصدر: الرقمية
شارك


حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا